تحقيقات وتقارير

براءة عاصم عمر.. التفاصيل الكاملة

في العاشرة والنصف من يوم أمس اكتظت القاعة الكبرى بمحكمة جنايات الخرطوم وسط بأعداد من الطلبة وأهل المتهم، ليجلس الجميع في انتظار عاصم عمر الذي جاء إلى القاعة وهو في غاية الثبات والقوة. وما أن مرت نصف ساعة حتى حضر القاضي المشرف عاطف محمد عبد الله، ليتلو القرار ببراءة الطالب عاصم عمر عضو المؤتمر السوداني المعارض الذي اتهم برمي عبوة ملتوف داخل دفار الشرطة أثناء اندلاع تظاهرات على خلفية أنباء عن بيع جامعة الخرطوم، ما أدى إلى إصابة الجنود ومن بينهم المجني عليه الذي توفي متأثرا بحروقه. وأمر القاضي بإطلاق سراحه فوراً، في حين ارتفعت أصوات الزغاريد والتهليل والتكبير فرحة بالحكم.

العليا تلغي القرار
الحراسة خارج وداخل المحكمة كانت كثيفة واتخذت الشرطة إجراءات أمنية مشددة للمحافظة على النظام. ورصدت (السوداني) حوالي (6) عربات من قوات شرطة مكافحة الشغب أمام المحكمة للتأمين، بجانب أفراد الشرطة التابعين للمحكمة لمتابعة الدخول إليها.
وكشف القاضي عاطف محمد عبد الله عن أنه وبتاريخ 2/9/2018م تم استئناف السير في القضية بناءً على توجيهات المحكمة العليا التي ألغت عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت والإدانة بالقتل العمد في مواجهة المتهم بعد تمسك أولياء الدم في حقهم بالقصاص، في حين أمرت المحكمة العليا بإعادة ملف القضية إلى محكمة الموضوع لسماع بينات إضافية. ونوه القاضي إلى استماع المحكمة إلى أقوال (3) شهود اتهام والمتحري الأول في البلاغ. وناقش القاضي خلال الجلسة مواد الاتهام، وأنه ثبت من خلال شهادة الشهود في محضر الدعوى والمحاكمة بأن المجني عليه كان حياً وموجوداً في يوم الحادثة بعربة الشرطة. وتشير ذات البينات إلى أن هناك ملتوفاً تم رميه داخل العربة مما أدى إلى الحريق كما ثبت من واقع تشريح الجثمان أن سبب الوفاة هو التسمم الدموي الناتج عن الحريق في البطن والأرجل والصدر، كما ثبت أن الملتوف يحتوي على مادة سائلة قابلة للاشتعال. وأشار القاضي إلى أن المرحوم توفي نتيجة لنشاط إجرامي.

المحكمة لم تطمئن لأقوال الشهود
المحكمة في مرحلة المحاكمة الأولى استمعت إلى أقوال (3) شهود اتهام، ومن خلال أقوال الشاهد الأول ثبت من خلال المحضر ووفقاً للتاريخ المدون به، أنه تم السماح للشاهد برؤية المتهم أولا ثم التقى به في طابور الشخصية ومن ثم تعرف عليه، كما أنه تعمد الكذب في العديد من الوقائع أثناء تقديم إفادته للمحكمة، أما الشاهد الثاني تحدث مع زملائه في تفاصيل القضية، وأفاد بأنه شاهد المتهم أثناء رميه ملتوفاً وأنه كان يرتدي (فنيلة) برتقالية وأن إفادة اللون (البرتقالي) لم ترد من خلال محاضر التحري، كما أن أحد الشهود وصف المتهم بأنه أسمر اللون واسمه (فتحي محمد)، مبينا أن الشاهد لم يشاهد الجاني ولكنه شاهد الشخص المتظاهر.
أما الشاهد الأخير فقد أوضح للمحكمة أن المتهم لا ينتمي لجامعة الخرطوم، وأضاف أنه شاهد المتهم داخل الجامعة وطعن حرس الجامعة وتم تدوين دون بلاغ في مواجهته بقسم شرطة الخرطوم شمال، وأضاف أنه سبق أن شاهد المتهم في أركان النقاش داخل الجامعة، مضيفاً أنه لا يعرف اسمه.
وأكد القاضي أن هناك تعارضا في أقوال الشهود لم تطمئن المحكمة لأقوالهم ورواياتهم لأنهم تعمدوا الكذب في أفاداتهم، موضحاً أن الشهود نسبوا إلى المتهم قيامه برمي الملتوف، وثبت من خلال القرائن كذب الشهود وأنهم لم يلتزموا الصدق والأمانة في كل مراحل الدعوى، بالإشارة إلى أن البينات لم تثبت الركن المادي للجريمة.

شخص آخر
أما شاهد المحكمة فقد وصف الجاني في محضر التحري بأنه (أصفر اللون) يرتدي قميصا، ولكنه جاء وعدّل أقواله أمام المحكمة بأنه يرتدي (فنيلة برتقالية اللون)، وأن الشاهد أعطى المتحري وصفا لشخص اسمه (فتحي محمد) ولونه أخضر، وأنه من خلال ذلك ثبت للمحكمة أن الشخص الذي رمى الملتوف هو شخص آخر.
وذكر ذات الشاهد لدى مثوله أمام المحكمة أن المتهم يرتدي فنيلة (خضراء) وأنه ليس هنالك رابط بين اللونين.

المتهم حرم من التحري العادل
وذكر القاضي لدى تلاوته القرار أنه تم عمل طابور شخصية لعدد (6) شهود اتهام وأن السلطات حرمت المتهم من التحري العادل، وسمحت للشهود برؤية المتهم قبل طابور الشخصية، كما أن القاضي عثر على خطاب في المحضر معنون من مدير شرطة محلية الخرطوم بالبحث عن المتهم (فتحي) للاشتباه في الجريمة والتحري معه في الدعوى، كما أوضح القاضي أن (فتحي) مثل أمام المحكمة كشاهد دفاع عن المتهم، وبالرجوع إلى محضر البلاغ تم سماع (9) شهود اتهام وكذلك دفاع عن المتهم.

أصل القضية
وقعت تظاهرات احتجاجية على مزاعم صدور قرار ببيع جامعة الخرطوم، واصطف بعض الطلاب في مسيرة توجهت إلى السوق العربي بالخرطوم في الوقت الذي كانت فيه سيارة الشرطة تفض المتظاهرين بالقرب من مول الواحة بالخرطوم، قام المتهم برمي عبوة حارقة (مولتوف) بالجهة اليسرى داخل العربة أدت إلى إصابة الجنود بالإضافة إلى إصابة المجني عليه بحروق خطيرة من الدرجة الثالثة على أثرها تم نقله إلى مستشفى الشرطة، وبعد مضي أسبوع فارق الحياة وكانت النيابة بتاريخ (22/5/2016) قد عدلت مادة الاتهام من الأذى الجسيم إلى القتل العمد وتم القبض على المتهم، وبعد اكتمال التحريات قدم إلى المحاكمة.

صحيفة الصيحة.