تحقيقات وتقارير

في خطابه في عيد الشهيد البشير في كادوقلي.. أرضاً سلاح حتى يتحقق السلام


“في كامل بزته العسكرية حاملاً عصاه بيمينه”، وعند الساعة الحادية عشرة إلا خمس دقائق صباح أمس دخل الرئيس عمر البشير بمعية وفده المرافق ووالي جنوب كردفان الفريق أمن أحمد إبراهيم مفضل إستاد مدينة كادوقلي وسط المدينة، ركب البشير عربة مكشوفة وطاف على جوانب الإستاد الأربعة لتحية جماهير الولاية التي تجمعت منذ الصباح لاستقباله عندما تجمعت وهي تتراقص على أنغام التراث المحلي على طول شارع الإستاد المؤدي لإستاد المدينة “القديم”، وأثناء طوافه داخل الإستاد ظل يلوح بعصاه على أنغام أغنية “ما بتتذل ما بتندس نحن شعارنا تقعد بس” وسط ترديد الجماهير لعبارة “تقعد بس”.

“تعالوا”

بعدما طاف الرئيس على الجماهير في عربة مكشوفة، صعد إلى المنصة الموضوعة وسط الإستاد أشار إلى الجماهير التي كانت تبعد عنه بنحو “30” متراً وتفصلهم القوات الأمنية من المنصة الاقتراب منه وما كان منهم إلا أن جعلوا المسافة بينهم والرئيس في منصته أقل من ثلاثة أمتار.

رفقه ودلالات

وفد الرئيس لحضور ختام عيد الشهيد السادس والعشرين بولاية جنوب كردفان كان يضم مساعده عن حزب المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي، ووزير العمل بحر إدريس أبو قردة، ووزير شؤون الرئاسة فضل عبد الله، ووزير الحكم الاتحادي حامد ممتاز، لكن اللافت في الوفد حضور إبراهيم السنوسي وسط تكهنات وأحاديث تدور حول وجود ضغوط مورست على قيادة الشعبي من قواعد الحزب بفض الشراكة مع حزب المؤتمر الوطني والخروج من الحكومة، وكأن السنوسي أراد بهذه الزيارة أن يقطع قول كل خطيب ويقول إن الشعبي متمسك بالبقاء في الحكومة.

“أطال الله بقاءك”

معتمد محلية كادوقلي عثمان موسى بقادي، كان أول المتحدثين، وبدأ بالترحيب بالبشير ومرافقيه، ودعا بأن يطيل الله بقاء الرئيس البشير في الحكم، وقال إن كادوقلي جاهزة لدعم الرئيس بغية أن يمضي بهم أينما وكيفما شاء وتابع: “أهل كادوقلي يقولون لك نحن جاهزون لدعمك والوقوف الصلب، أمض بنا حيث شئت”، وأشار إلى أن نساء المدينة رفضن الوقوف في صفوف الخبز ولجأن “للدوكة والكنتوش” في إشارة إلى الاتجاه للمأكولات البلدية.

مطالب سياسية

المتحدث باسم الأحزاب السياسية بولاية جنوب كردفان علي مؤمن موسى، كان واضحاص في طرح مطالبه التي تلاها أمام الرئيس وبعد أن أكد وقوف أحزاب الولاية مع حكومة الوفاق الوطني أكد على أهمية تحقيق السلام بالولاية وضرورة تمييز الولاية إيجابياً عن بقية الولايات، ودعم أسر الشهداء بتنفيذ مشروعات منظمة الشهيد، وختم موسى حديثه بشكر مواطني الولاية لعدم سماعهم دعوات المخربين “حسب حديثه” في إشارة لعدم خروج الولاية في تظاهرات.بينما طالب ممثل الكنائس بالولاية حسن جيمس الحركة الشعبية “قطاع الشمال” بالجنوح للسلام حتى تتحقق أحلام الشعب بالعيش بسلام ونسيان سنوات الحرب التي عاشوها.

“الجبال وثبات الشهداء”

قطع المدير العام منظمة الشهيد محمد أحمد حاج ماجد بأن جبال ولاية جنوب كردفان لو كانت تنطق لحدثت الرئيس البشير عن ثبات الشهداء الذين قتلوا في الولاية وعن صبرهم وجلدهم وعن عدم الفرار من العدو، وأشار إلى أن الحرب بالولاية حصدت “2500” شهيد. وحول الاحتفال بعيد الشهيد للعام الحالي الذي جاء بشعار “دماء الشهداء .. مهر السلام” قال إن المنظمة قدمت “700” وسيلة إنتاج لأسر الشهداء ودربت “400” امرأة على الخياطة والتفصيل وأعمال القماش، فضلاً عن “1100” وحدة سكنية على مستوى البلاد وثلاثة آلاف وسيلة إنتاج ومنح “300” ابن شهيد منحاً للدراسات العليا وكفالة سبع آلاف يتيم.

“نتحاور بس”

المتحدث باسم الوفد المرافق للرئيس، وزير العمل والإصلاح الإداري بحر إدريس أبو قردة، قال إن هنالك مشاكل كبيرة تواجه البلاد لكن لا مجال لحلها سوى عبر الحوار وأضاف: “شعارنا نتحاور بس”، وتابع: “نقول للذين تحركوا في الأزمة نحن على استعداد الحوار ولا مجال غير الحوار”، قاطعاً بعدم إمكانية التخلص من الحوار “بجرة قلم” أو القفز في المجهول بأشياء غير واضحة، وأشار إلى أن الحكومة مجتهدة لحل المشاكل التي أدت لظهور الاحتجاجات، قاطعاً بعدم المضي في المجهول “في إشارة لرفض الاحتجاجات وما يمكن أن تؤول إليه”.

ترشيح البشير لـ”2020″

بدا والي جنوب كردفان الفريق أمن أحمد إبراهيم مفضل حديثه بذكر فضل “الشهداء” على الجميع، وما قدموه لخدمة الوطن ولأجل السلام والتنمية، وأشار إلى جموع مواطني الولاية الذين خرجوا لاستقبال الرئيس لأنه كان قائداً عسكرياً بالولاية، وأضاف: “هذه الجموع خرجت لاستقبالك وتقول لك مرحباً بك ونحن معك حتى 2020″، شاكراً الرئيس على الاهتمام بمؤسسة جبال النوبة التي قال إنها بدأت تدير مصنعاً للحلج، مشيرا إلى إن ولايته رفعت شعار الإنتاج والإنتاجية بغية رفع المساحة المزروعة بالولاية إلى “5” آلاف فدان بدلاً من “3.5”.

وقال مفضل إن مواطني ولايته متحدون ومتوحدون ويقولون للبشير أمض، مبشراً مواطني ولايته بوصول الكهرباء القومية لمدينة كادوقلي والمنطقة الشرقية للولاية قريباً. معلناً عن اتفاق مواطني جنوب كردفان على ترشيح المواطن عمر البشير لرئاسة الجمهورية في انتخابات العام 2020م، وختم حديثه بشكر مواطني ولايته لما اعتبره تفويتهم الفرصة على المتربصين الذين حاولوا استغلال الظروف التي تمر بها البلاد لتدمير مكتسبات الأمة، وتابع: “لذلك كان صوتهم عالياً بأن لا للتخريب”.

“هارون مسيطر”

والي شمال كردفان أحمد هارون كان حضوره طاغياً ومسيطراً على اهتمام مواطني جنوب كردفان بصورة لافتةن فما إن يذكر اسمه حتى تصيح الجماهير مهللة ومكبرة بصوت عالٍ تكرر الأمر أكثر من مرة، لكن عندما ذكر والي جنوب كردفان أسماء الولاة الذين حضروا مع الرئيس وجاء عند هارون ارتفعت الهتافات ورفض المواطنون الصمت لسماع واليهم إلى أن قام أحمد هارون من مقعده وحياهم ملوحاً بيمناه، كثيرون اعتبروا اهتمام مواطني جنوب كردفان بهارون رداً للجميل لأنه كان والياً عليهم وقدم لهم خدمات عجز غيره في تقديمها.

الإنقاذ خرجت من كادوقلي

في بداية حديثهن عبر الرئيس عمر البشير عن سعادته بتواجده في جنوب كردفان لارتباطه وعلاقته بكادوقلي، مشيرا إلى أن ثورة الإنقاذ التي جاءت العام 1989 خرجت من كادوقلي، وقال إنه ذو معرفة وفهم بطبيعة منطقة جبال النوبة إنساناً وأرضاً، وعزا الرئيس اندلاع الحرب في الولاية لوجود انصهار كبير بين مكونات الولاية القبلية المختلفة مما جعلها محل استهداف لجهة أن الانصهار بالولاية يمثل كل السودان الموحد.

“هناك شريعة ما في”

وحكى البشير قصة “خواجة كبي” قال إنه جاء من القارة الأوربية لسماعه حديثاً بوجود تطهير عرقي بجبال النوبة، وبعد أن وصل مدينة الدلنج تحرك لإحدى القرى الصغيرة “أهلها نوبة” لكنه لم يجد فيها أحداً وعندما سأل عن أهلها قيل له تحركوا في “سيرة عريس” للقرية المجاورة “أهلها عرب”، وقال الخواجة “بلسان الرئيس” إنه عندما وصل القرية تفاجأ بأن الجميع “عرب ونوبة” يرقصون في الحفلة ولم يستطع التمييز بينهم حينها تأكد له أنه معلومته كانت خاطئة فعاد أدراجه، وقال البشير: “عندما حكى لي الخواجة هذه القصة في ختامها قال لي لكن هناك شريعة ما في”.

“الزيارة القادمة لكاودا”

قطع البشير بأن همه الشاغل الآن يتمثل في إعادة السلام لمنطقة جبال النوبة وأن تعود إليها سيرتها الأولى، معلناً استعداده دفع أي ثمن والذهاب لأي مكان من أجل السلام، وأضاف: “والله ما في أي جهد حيجيب سلام إلا اذا مشينا ليهو مستعدين ندفع أي ثمن للسلام، ومن اليوم هَم ما عندنا غير نجيب السلام”. وتمنى البشير أن يكون اللقاء القادم مع مواطني جنوب كردفان في منطقة كاودا التي تسيطر عليها الحركة الشعبية “شمال”، وتابع: “نتمنى في وقت وجيز لقاءنا الجايي يكون في كادوا بعد تحقيق السلام … لأن ديل برضو أهلنا وزينا دايرنهم يعيشوا معانا”. وأعلن تمكين مؤسسة جبال النوبة للتوسع في الزراعة وتشغيل مصنع نسيج كادوقلي، وشدد على ضرورة حل كل مشاكل أسر الشهداء في التعليم والصحة وتوفير سبل كسب العيش الكريم.

وحيا البشير مواطني جنوب كردفان لرفضهم زعزعة الأمن وثباتهم كثبات جبال النوبة رفضاً للنزوح وإفشالهم كل مخططات النزوح، وتابع: “نحن معاكم لإكمال التنمية، وحضوركم هذا دين في أعناقنا نرده لكم سلام أولاً ثم تنمية”.

كما حيا الرئيس الشباب الذين يقفون أمامه وقال إنه افتتح كلية الطب بكادوقلي التابعة لجامعة الدلنج وأضاف: “هدفنا تسليم الراية للأجيال الجديدة وأن يكون سوداناً ومتطوراً”، وأشار إلى أنه يهدف لتحقيق السلام بجبال النوبة وجميع ولايات البلاد، وأعلن الرئيس بأن عيد الشهيد المقبل سيكون بولاية وسط دارفور.

وفي ختام حديثه أعلن البشير وقفاً مفتوحاً لإطلاق النار دون تحديد سقف زمني، وقال إن وقف إطلاق النار سيستمر إلى أن يتحقق السلام بولاية جنوب كردفان.

صحيفة الصيحة.