تحقيقات وتقارير

بعد قرار البشير في كادوقلي وقف إطلاق النار.. رسائل (رئاسية) في بريد السلام


أمس الأول، وفي مدينة كادوقلي بجنوب كردفان، أعلن رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، وقفاً مفتوحاً لإطلاق النار بالبلاد، إلى حين اكتمال السلام بولاية جنوب كردفان، وحيا البشير مواطني الولاية لرفضهم كل أنواع زعزعة الأمن وثباتهم ورفضهم النزوح، مؤكداً وقوفه معهم حتى يتحقّق السلام وتكتمل التنمية. وقال إنهم مستعدون لدفع أي ثمن من أجل السلام، حتى تعود جبال النوبة سيرتها الأولى.

أسئلة مشروعة

عقب هذا الإعلان من رئاسة الجمهورية، بوقف دائم لإطلاق النار في ولاية جنوب كردفان، تتبادر للذهن أسئلة في هل يفضي هذا الموقف إلى تحقيق السلام في هذه الولاية التي عانت كثيراً من ويلات الحرب خاصة وأن هذا الإعلان بث أجواء جديدة من التفاؤل والترحيب من قبل قوى سياسية ويبرز هنا سؤال مهم وهو.. هل سيستجيب الطرف الآخر لهذا النداء العقلاني أم ستكون لهم خيارات أخرى؟

مراقبون ومهتمون بأمر السلام بالمنطقتين يرون أن الحركة الشعبية قطاع الشمال ليس لديها خيار سوى الجنوح للسلام، لأن خياراتها العسكرية أصبحت شبه معدومة كما أنها تعاني من إشكاليات داخلية وانشقاقات في صفوفها أثرت كثيراً على إدائها إضافة إلى أن القوات المسلحة تمتلك زمام المبادرة والسيطرة على معظم مساحة الولاية، ولهذا عاد المواطنون لممارسة حياتهم الطبيعية .

صيغة جديدة

وهكذا يمكن القول إن قرار وقف إطلاق النار في ولاية جنوب كردفان جاء في وقت مناسب، فهو أظهر بجلاء ثقة القوات المسلحة السودانية وامتلاكها زمام المبادرة؛ كما أنه أحبط تماماً المزاعم التي ظلت تثار حول ما يسمى بـ(انتهاكات الحكومة السودانية والجرائم ضد الإنسانية) التي أشيع عنها في هذا الصدد، ويبقى من المهم بعد ذلك أن تنتهز القوى المتمردة هذه الفرصة ليس لمعاودة خداع نفسها، ولكن للبحث عن صيغة جديدة لحل مستدام. في وقت ظلت فيه الحكومة تمدد وقف إطلاق النار كل ستة أشهر منذ العام 2016 في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وقد استمر التمرد عقب انفصال دولة الجنوب في العام 2011 .

حسن نية

(قرار البشير بوقف إطلاق النار لا يمنع الرد على التعديات من الطرف الآخر)، هكذا بدأ الخبير العسكري العميد م ساتي محمد سوركتي حديثه للصيحة في قراءاته لحيثيات القرار. ويضيف سوركتي هذه تعتبر خطوة سليمة جداً وموفقة ومحصلتها في إيقاف الدولة لمباشرة العدائيات ومهاجمة التمرد في مواقعه بولاية جنوب كردفان، منوهاً أن ذلك يعد مؤشرًا لجدية الحكومة فى تحقيق السلام والاستقرار، كما أن البيئة في المنطقة أصبحت مواتية لهكذا إعلان وليس أمام الطرف الآخر من متمردي الحركة الشعبية قطاع الشمال سوى الرضوخ للسلام وتحكيم صوت العقل بعد أن أصبحت الخيارات العسكرية لهم شبه معدومة، وهذا الإعلان من قبل رئيس الجمهورية بوقف إطلاق نار غير محدد يعتبر أعلان حسن نية، ويجب أن يجد التجاوُب من الطرف الآخر بذات القدر.

رسالة للمجتمع الدولي

في السياق ذاته، يشير المحلل السياسي الرشيد أبوشامة أن هذا القرار يخاطب القوى الخارجية التي ظلت تطالب الحكومة بالوصول إلى تسوية مع حاملي السلاح والرئيس بهذا الإعلان تحلل أمام العالم كله في أنه أعلن عن وقف إطلاق نار نهائي مع حاملي السلاح في ولاية جنوب كردفان أيضاً يأتي في إطار الاستجابة لمطلوبات رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ومن الشروط تحقيق السلام في السودان، ويأتي في إطار أجواء التصالح السياسي العريض الذي ينتظم البلاد الآن، وأشار إلى أن القرار يُمثل ضغوطاً على الحركات المسلحة التي رفضت الجلوس للتفاوض، وينوه أبوشامة في حديثه لـ(الصيحة) أن القرار يؤكد للمجتمع الدولي جدية الحكومة في تحقيق السلام وتسوية ملفات النزاع والتصالح السياسي العام، والآن الكرة أصبحت في ملعب الطرف الآخر وكيف سيتعاملون مع هذا القرار، هذا ما ستسفر عنه الأيام القادمة. وأضاف أبوشامة أن الحكومة بهذا القرار، تؤكد على جديتها في تحقيق السلام وإيقاف الحرب التي عطلت مسيرة السودان التنموية، وأضاف: هذا لا يعني أن تقف الحكومة مكتوفة الأيدي حال حدوث اعتداء على المواطنين من قبل المتمردين.

ورحبت قيادات بارزة في ولاية جنوب كردفان بقرار رئيس الجمهورية بوقف إطلاق النار الذي يؤكد بأن السلام أصبح هدفاً استراتيجياً للحكومة.

صحيفة الصيحة.