تحقيقات وتقارير

الإطفاء الكامل..تتعدد الأسباب والظلام واحد

عند الساعة السادسة من مساء الجمعة، غرق السودان في ظلام دامس بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي بات متكرراً، وشكل مادة دسمة لمرتادي وسائل التواصل الاجتماعي، وتداول اسباب الاقطاع مما يدفع وزارة الري والموارد المائية والكهرباء للمسارعة بإصدار بيانات لقطع الطريق أمام الشائعات.

وتشهد الولايات السودانية طلباً متزايداً على الطاقة الكهربائية وسط بطء في عمليات بناء محطات جديدة بفعل العقوبات الاقتصادية الأمريكية على البلاد والتي استمرت لعقدين من الزمان.

وتحدث حالات الإطفاء العام للشبكة القومية في البلاد من حين لآخر، وشهدت غالبية مدن السودان في الرابع من مايو 2015م ظلاماً كاملاً عقب انقطاع التيار الكهربائي بسبب عطل فني طال الخط الناقل بين الخرطوم ومروي، وأيضاً في الثالث عشر من أكتوبر 2016م انقطع التيار الكهربائي في أجزاء واسعة من البلاد بسبب قيام شركة نقل الكهرباء بتركيب بعض المحولات الرئيسية الجديدة لتحسين الخدمة، استمر نحو 6 ساعات، وفي السابع من فبراير للعام 2017م أيضاً تعرضت غالب مدن البلاد لذات التجربة من حالة الإطفاء الكامل إثر انقطاع التيار الكهربائي بسبب أعطال أخرجت بعض الوحدات بنظام الحماية الآلي، وفي العاشر من يناير من العام الماضي تعرضت البلاد لحالة إطفاء كامل للتيار الكهربائي عم جميع مدن البلاد، تزامن مع خطاب لرئيس الجمهورية عمر البشير، كان منقولاً على الهواء في الفضائيات والإذاعات المحلية من الروصيرص بولاية النيل الأزرق، مما أدى إلى خروج جميع القنوات الفضائية عن البث المباشر. بعد مرور 7 أيام من ذات الشهر عاود الانقطاع الكهربائي مرة أخرى دون تحديد السبب، وفي السابع والعشرين من يناير الماضي من العام الحالي انقطع التيار الكهربائي في جميع أنحاء السودان لساعات طويلة قبل أن يعود تدريجياً بسبب حدوث قفل وخروج للشبكة أدى لإطفاء كامل بحسب مركز التحكم القومي التابع للهيئة القومية للكهرباء والذي جاء مخالفاً لأسباب وزارة الري والموارد المائية والكهرباء وقتها بأن الانقطاع الكهربائي سببه عدم التغذية من المحطات الرئيسية والتي تعمل بنظام الحماية التلقائي لتفادي زيادة الأحمال بالشبكة.

*التماس خطوط

ويعزو الناطق الرسمي لوزارة الموارد المائية والري والكهرباء إبراهيم يس شقلاوي انقطاع الكهرباء الى مشكلات التماس في خطوط الشبكة إضافة إلى خروج الربط الأثيوبي، ما أدى إلى خروج جميع المغذيات عن الخدمة، نافياً لـ”الصيحة” وجود أي خطأ إداري لما حدث أمس الأول، مشيراً إلى أن الكهرباء عبارة عن أحمال وأن أي زيادة فيها يؤدي إلى خروج المغذيات من الخدمة، وقال: عند حدوث زيادة في الأحمال لأي وحدة من الوحدات، فإن بقية الوحدات والتي تتبع نظام الحماية يحدث لها فصل عن الخدمة تلقائياً لتفادي زيادة الأحمال، لافتاً إلى أن الكهرباء المولدة أو المنتجة تساوي الكهرباء المطلوبة للاستهلاك أي بمعنى أن المنتج منها مستهلك.

وكشف شقلاوي عن سعي الوزارة حالياً لمعالجة الأمر جذرياً عبر دخول ألف ميقاواط نهاية الشهر الحالي تكون احتياطياً لتفادي زيادة الأحمال المستمر منها 950 ميقاواط تدخل وحدات قري وبورتسودان، ونوه إلى عمل الوزارة حالياً في صيانات دورية تعالج إشكالية الخروج المفاجئ تبدأ من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الخامسة مساءً بدأت منذ سبتمبر الماضي وتنتهي في أبريل القادمن موزعة الشبكات القومية، مبيناً أن الصيانة عادة تشمل المفاتيح والمحطات والمحولات.

وأقر بأن القطاع الكهربائي تأثر بالعقوبات الأمريكية الاقتصادية، معلناً عن بداية استعادة العلاقات مع الدول الأوروبية والأمريكية فيما يلي الأسبيرات، وأضاف أن شركة “سيمنس” العالمية تعمل حالياً على إنشاء أكبر محطة حرارية بالبلاد في موقعي قري وبورتسودان لإنتاج 900 ميقاواط من الكهرباء.

*توليد نووي

وأكد شقلاوي أن الحل الجذري لانقطاع الكهرباء في التوليد النووي، وكشف عن استلام السودان التقرير المتعلق بأهلية إقامة المفاعل النووي الذي يمكّن من إنتاج كهرباء نظيفة، مشيرً الى اتجاه الوزارة إلى القطاعات البديلة المتجددة لإنتاج الكهرباء منها الطاقة الشمسية بواقع 10 ميقاواط في ولاية دارفور، وأيضاً إنتاج الكهرباء بالرياح الذي من المتوقع أن يصل واحد ميقاواط بتمويل من شركة “أي إم دي” العالمية، وهي شركة دنماركية بغرض الاستفادة من تنوع مصادر الطاقة بالبلاد لتطوير قدرات السودان في استقرار الإمداد الكهربائي، واعتبر شقلاوي ان ذلك سيحدث استقراراً لحد كبير في خدمة الكهرباء، وأكد أن الانقطاع الذي حدث أمس الأول لم يشمل ولايات دارفور لجهة أن لديها محطات توليد محلية لذلك لم تتأثر بالقطوعات.

ويؤكد الخبير في مجال الكهرباء مهندس محمد وداعة لـ(الصيحة) أن انقطاع الكهرباء الكامل يحدث نتيجة لخطأ في إدارة الشبكة، واعتبر رداءة الأجهزة والتوصيلات بالأسباب الثانوية، جازماً بعدم توقف الإطفاءات في استمرار الأخطاء الإدارية، وحمل وزارة الكهرباء مسؤولية الإخفاقات المتكررة في الكهرباء، وعزا خروج الربط الأثيوبي لعدم وجود حماية للشبكة ضد أي مخاطر كما هو الحال في أثيوبيا، وانتقد إطلاق كلمة عطل من قبل وزارة الكهرباء، وأضاف “ما في عطل في blackout”.

صحيفة الصيحة.