في قاعة الاختبارات!!
الفصل الدراسي الوحيد الذي درسته بجامعة الخرطوم – قبل ظهور نتيجة قبولي بالجامعة الإسلامية بالمدينة – في امتحاناته وضع امتحان أحد المقررات من (الساعة الثالثة عصراً وحتى الساعة السادسة مساءً) ، بمعنى أن صلاة العصر وقتها دخولاً وخروجاً يستوعبه وقت الامتحان.. فيبدأ الامتحان قبل دخول وقت صلاة العصر وينتهي بعد دخول وقت صلاة المغرب.
ولا أدري كيف بعميد ومن معه من معاونين يجيزون جدولاً للامتحانات وهو بهذا التوقيت الذي لا يراعي (الركن الثاني) من أركان الإسلام ولا يظهر عملياً عنايته به وتعظيمه لشعيرة الصلاة !!
اتفقنا أنا وثلاثة من الإخوة الأصحاب الجدد وزملاء (البرلمة) أنه بمجرد دخول الوقت نقوم من وسط القاعة ونؤدي الواجب .. وقد رأينا في الجزء الجنوبي من القاعة (أي في الجهة اليمين والطلاب والطالبات متوجهين إلى القبلة في اختبارهم على كراسيهم دون أن يكون توجهاً إلى القبلة في صلاتهم!! والتي لم تترك في حالة الحرب، وقد شرعت لأجل أدائها في وقتها وعدم تأخيرها حتى خروج وقتها : صلاة الخوف بصفة معلومة) وقد كنا قبل بداية الامتحان رأينا في ذلك الجزء موضعاً مناسباً، إذ هو مدخل باب مغلق وعلى أرضيته كراتين مقطعة..
لما دخل وقت الصلاة وضعنا القلم وقبله وضعنا الرهبة والخوف من ردة الفعل التي لا نعلم كيف ستكون..
نظر بعضنا إلى بعض واتجهنا إلى مصلانا.. أذّن أحدنا بصوت غير مرتفع وأقام وصلينا صلاة العصر جماعة والقاعة بها مئات الطلاب وعلى رؤوسهم مساعدو ومساعدات تدريس للمراقبة ينظرون باستغراب ودهشة في المشهد غير المألوف..
بعد السلام مباشرة رجعنا إلى مقاعدنا سالمين مطمئنين.. دون أن يتحدث معنا أحد!!
لا أدري حتى الآن هل لم نمنع أو لم يحاول أحدهم إيقافنا وقتها لوجود عنصر مفاجأة في التصرف !! أم هو الحياء منهم من إنكار صنيعنا!!
أما نحن فوضعنا في حسباننا : (ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس).
كما أننا اتخذنا الأسباب المعينة بعد توفيق الله من عدم الإثارة، وذلك في طريقة القيام والمشي والرجوع وخفض صوت الأذان والتخفيف في الصلاة وعدم تحدث أحدنا مع الآخر.. فقد برز في تصرفاتنا للمراقبين الذين لم يقولوا لنا كلمة واحدة – استفساراً أو إنكاراً – أننا مسالمون وحريصون على الجمع بين أداء حق الله تعالى والتقيد بنظام سيء غير مقنع لكنه للأسف ملزم.. وأيقن تمام اليقين أن لو كان أمياً لم يتعلم القراءة والكتابة لكنه على الفطرة يعيش في قرية نائية أعطي مسؤولية وضع هذا الجدول أو إجازته أنه سيحتفي بوقت صلاة العصر أو غيرها من الصلوات ويضعها في الحسبان بحيث يتم الامتحان ولا يحبس عن الصلاة الطلاب أو المراقبون .. وحتماً أنه لن يصنع صنيع البروفيسورات هؤلاء..!!
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، فقد قال – في الحديث الصحيح يوم الأحزاب – في غزوة (الخندق) لما حبس عن صلاة العصر بسبب حصار الأحزاب للمدينة قال : (مَلأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا , كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ) .
وفي الموقف عبر لا تخفى عليكم..
(ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور(.
وكما في المثل الشعبي : القلم ما بزيل البلم..!!
د. عارف الركابي
صحيفة الإنتباهة