علوم و تكنلوجيا

“واتساب”.. 10 أعوام من ثورة التراسل


تغير شكل التواصل عبر أجهزة الهاتف المحمول للأبد قبل 10 سنوات، فبعدما كانت الرسائل النصية تقتصر على 160 حرفاً، وتتقاضى شركات الاتصالات مقابلاً مادياً على كل رسالة، ظهر في 2009 تطبيق “واتساب” ليخلق عالماً غير محدود من التراسل المجاني.

أنستقرام يقترب من منافسة واتساب في خدمة الرسائل

يستخدم حالياً أكثر من مليار شخص تطبيق “واتساب” في ما يزيد على 180 دولة حول العالم، وفقاً لشركة “فيسبوك” المالكة للتطبيق منذ 2014، وعلى الرغم من أنه لم يتمكن من تحطيم بعض الحدود السياسية كحظره في الصين على سبيل المثال، فإن “واتساب” أحدث ثورة في التواصل عبر الرسائل، فبات فورياً وغير محدود و”مجانياً”.
ظهوره

ترك جان كوم الجامعة قبل إنهاء دراسته للرياضيات وعلوم الكمبيوتر في جامعة سان خوسيه الأمريكية، وعمل في عدة أماكن في نفس الوقت، من بينها شركة “إرنست أند يانج”.

ولعبت حياة “كوم” دوراً في تأثره بعالم الاتصالات، فبحسب مجلة “Wired” الأمريكية هاجر “كوم” مع والدته وجدته من أوكرانيا عام 1992 بينما كانت تابعة للاتحاد السوفيتي، وبينما كان هو يبلغ 16 عاماً.

وقال “كوم” عن طفولته في مدينة قريبة من العاصمة الأوكرانية كييف: “المجتمع كان مغلقاً بشدة. يمكنك قراءة رواية 1984 لجورج أوريل، لكن العيش هناك كان أمراً مختلفاً. لم يكن لدي كمبيوتر حتى بلغت 19 عاماً، ولكنني كنت أمتلك عداداً”.

وأوضح “كوم” أنه عندما هاجر إلى الولايات المتحدة كان الوضع المادي لأسرته معقداً، ويجعلها تلجأ للمعونة الاجتماعية، كما أن هو ووالدته لم يتمكنا من التحدث مع أقاربهما في أوكرانيا بشكل معتاد، الأمر الذي ترك أثراً في حياة كوم المهنية.

التقى “كوم” بديفيد فايل، أحد مؤسسي “ياهو”، في مؤتمر، بينما كان يعمل كوم في شركة “إرنست أند يانج” كمراجع للأمن السيبراني.

وبعدها عمل في “ياهو”، حيث التقى ببريان أكتون، العقل الآخر وراء ظهور “واتساب”، الذي تخرج في كلية علوم الكمبيوتر جامعة ستانفورد بكاليفورنيا عام 1994.

وربطت كوم وأكتون علاقة صداقة، وتركا “ياهو” في 2007، ولكن علاقتهما استمرت، وبعد عامين التقيا ليلعبا لعبة الصحن الطائر، وقال “كوم” لصديقه إنه انتهى لتوه من تأسيس شركته الخاصة، وتسجيل تطبيق “واتساب”، والذي كان في البداية خدمة تنبه عن توافر الأشخاص لتلقي مكالمات.

لكن تطور “واتساب” ونمت شهرته، وفي 2014 طرق مارك زوكربيرج مؤسس “فيسبوك” باب “كوم” و”أكتون”، واشترى “واتساب” مقابل 19 مليار دولار.
ثورة واتساب

بدأ تأثير “واتساب” يظهر على مستوى العالم في 2011، والهواتف الذكية كانت قد أصبحت وقتها عنصراً لا غنى عنه في حياة أغلب الأشخاص حول العالم، ووقتها كان “واتساب” قد تطور وأصبح التطبيق الذي نعرفه الآن.

وهدد “واتساب” بالقضاء على شعبية الرسائل النصية القصيرة “إس إم إس”، فالتطبيق كان مجانياً ولا يعتمد على خط الهاتف المحمول وإنما الإنترنت، ويسمح بتبادل الصور والفيديوهات وكذلك المواقع، ولاحقاً أصبح يسمح بإجراء مكالمات ومكالمات فيديو، هذا بالإضافة إلى إرسال رسائل مسجلة.

فبفضل هذا التطبيق أصبح التراسل فورياً وعالمياً، وسعر استخدام “واتساب” يعتمد على باقة الإنترنت الخاصة بكل مستخدم.

وكون “واتساب” تطبيق مجاني أسهم في نجاحه، رغم أنه لفترة كان يطلب مقابلاً سنوياً شبه رمزي، لكن الشركة قررت قبل نحو 4 أعوام إلغاءه.

والأمر الإيجابي الآخر الذي جذب المستخدمين، هو أنه لا يتضمن إعلانات، الأمر الذي علق عليه كوم قائلاً: “لا يوجد شيء شخصي أكثر من التواصل مع أصدقائك وأسرتك، ومقاطعتهه بالدعاية ليس الحل المناسب”.
الأمن والخصوصية

بناء على شعبية “واتساب” ظهرت تطبيقات أخرى مشابهة هددت بالقضاء عليه، فما كانت تتفوق فيه تطبيقات أخرى مثل “تيليجرام” و”سيجنال” على “واتساب” كان الأمن.

فتعرض “واتساب” لانتقادات حول هشاشة التطبيق من حيث الخصوصية، وفي 2011 تم اكتشاف ثغرات تجعل من السهل التجسس على محادثات المستخدمين.

واستمر التشكيك في قدرة التطبيق على حماية خصوصية مستخدميه مع تواصل اختراق الحسابات، حتى تم تطبيق تشفير الرسائل من البداية إلى النهاية.

وهذا النظام يعمل من خلال عدم إرسال الرسالة كنص عادي، بل في شكل سلسلة مشفرة من الأرقام، تحتاج إلى مفتاح لا يمتلكه سوى جهاز المرسل والمتلقي لتلك الرسالة.

وفي 2014 قبل شراء “فيسبوك” للشركة، أراد “أكتون” أن يطمئن مستخدمي التطبيق، وقال: “الناس في حاجة أن يعرفوا أننا لسنا مثل ياهو وفيسبوك، الذين يجمعون بياناتك ويخزونها في خوادمهم، فنحن نريد معرفة أقل ما يمكن عن مستخدمينا”.

من جانبه، قال كوم: “نشأت في مجتمع كان فيه كل شيء سراً ومسجلاً. لا يجب أن تكون لدى أحد القدرة على التجسس عليك”.

وربما كان هذا السبب الذي دفع كوم العام الماضي للاستقالة من الشركة التي أسسها، فأعلن أنه سيترك منصب المدير التنفيذي للشرطة ليركز في أمور تروق له بعيدة عن التكنولوجيا، مثل السيارات ولعبة الصحن الطائر، وقال: “سأظل أشجع واتساب لكن من الخارج فقط”.

وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن “كوم” اتخذ هذا القرار بسبب الخلافات مع زوكربيرج حول خصوصية “واتساب”، فوفقاً للجريدة التي استندت في تقاريرها إلى تصريحات مصادر مطلعة على تلك الخلافات، كانت شركة “فيسبوك” ترغب في استخدام البيانات الشخصية للمستخدمين وإضعاف التشفير.

ورغم مسألة الخصوصية هذه ما زال “واتساب” واحداً من التطبيقات التي لا غنى عنها، وجزءاً من حياة أصحاب الهواتف الذكية.

بوابة العين الاخبارية