قصة غريبة .. سجين أنقذ سكان لندن من موت محقق
تصنف قصة الجاسوس البريطاني إيدي تشابمان (Eddie Chapman) كواحدة من أغرب القصص التي شهدتها الحرب العالمية الثانية حيث تحوّل الأخير من سجين مدان بقضايا عديدة إلى بطل في وطنه.
فأثناء فترة الحرب، لعب هذا الرجل دورا هاما في تزويد الألمان بمعلومات خاطئة وإنقاذ عشرات آلاف البريطانيين من الموت.
في السابعة عشرة من عمره، غادر إيدي تشابمان، المولود يوم 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1914، منزل والديه ليلتحق بقوات الحرس البريطاني ويكلف لاحقا مع انقضاء فترة التدريبات بحراسة برج لندن.
لكن بعد مضي بضعة أشهر، ملّ إيدي تشابمان من عمله لصالح الحرس فأقدم على الفرار من موقع عمله ليتعرض على إثر ذلك للاعتقال ويقضي أشهرا خلف القضبان.
عقب مغادرته السجن وتسريحه من عمله، مارس إيدي تشابمان عددا من الأعمال المخالفة للقانون كالاحتيال والسرقة واتجه للانضمام لإحدى العصابات الإجرامية التي امتهنت نهب ممتلكات الأثرياء لينتهي به المطاف سنة 1939 في سجن بجزيرة جيرسي البريطانية ببحر المانش.
أواخر شهر حزيران/يونيو 1940، وقعت الجزر البريطانية الواقعة قبالة السواحل الفرنسية في قبضة القوات الألمانية وتزامنا مع ذلك نقل الألمان السجين إيدي تشابمان نحو أحد سجون باريس.
وأمام إمكانية سجنه لنحو 20 سنة حسب القانون البريطاني بسبب ما اقترفه سابقا، عرض تشابمان خدماته على الألمان واعدا إياهم بمساعدتهم على تخريب عدد من المنشآت البريطانية وتزويدهم بمعلومات حساسة.
جاسوس ألماني؟!
وافق الألمان على عرض إيدي تشابمان وأوكلوا للمسؤول بجهاز المخابرات ستيفان فون جرونينغ (Stephan von Gröning) مهمة تدريبه على استخدام القنابل والقفز بمظلة الهبوط.
وخلال شهر كانون الأول/ديسمبر 1942، أرسلت المخابرات الألمانية إيدي تشابمان نحو موطنه الأم ومنحته مهمة تفجير أحد مصانع الطائرات بمدينة هاتفيلد (Hatfield).
وحال عودته، لجأ إيدي تشابمان لمسؤولين بجهاز المخابرات العسكرية البريطانية وأطلعهم على حقيقة عمله مع الألمان عارضا عليهم العمل لصالحهم كعميل مزدوج لتزويد الألمان بمعلومات خاطئة ونقل بيانات حساسة عنهم.
صورة نجسد موقع جزيرة جيرسي التي سجن بها تشابمان
وافقت السلطات البريطانية على مقترح تشابمان وجنّدته لصالحها. ولإيهام الألمان بنجاح مهمة هذا العميل المزدوج، أقدم البريطانيون على افتعال تفجير بمصنع ثان شبيه بذلك المخصص لصناعة الطائرات بمدينة هاتفيلد.
وعلى إثر ذلك، ازدادت ثقة الألمان بعميلهم المزيف إيدي تشابمان الذي حصل بفضل خدماته على وسام الصليب الحديدي الألماني ومكافآت مالية ويخت قبل أن توكل إليه مزيد من المهام الأخرى.
بداية شهر حزيران/يونيو 1944، لعب تشابمان دورا هاما في إنقاذ العاصمة البريطانية لندن من دمار هائل.
فخلال تلك الفترة، لجأ الألمان لاستخدام سلاح جديد فريد من نوعه وذي قدرة تدميرية هائلة عرف بالقنابل الطائرة V-1 حيث اعتمدت القوات الألمانية على منصات إطلاق بكل من باد كاليه والأراضي الهولندية لاستهداف لندن.
لكن بسبب خسارتهم لعدد كبير من الطائرات أثناء المعارك الجوية ضد الحلفاء وتراجع قدرات سلاح اللوفتفافه (Luftwaffe)، أي سلاح الجو الألماني، لم يكن الألمان قادرين على قيادة مهمات استطلاعية بالأراضي البريطانية ولهذا أوكلت للعميل إيدي تشابمان مهمة نقل معلومات حول مواقع سقوط قنابل الطائرة الألمانية وحجم الدمار الذي خلّفته.
وبينما انهالت القذائف الألمانية على غابات مقاطعة كينت (Kent) ومناطق جنوب لندن ذات الكثافة السكانية الضئيلة، زود تشابمان المسؤولين الألمان بتقارير كاذبة تفيد بسقوط القنابل الطائرة V-1 وصواريخ V-2 في قلب العاصمة لندن ودمار جانب واسع منها وانهيار معنويات اللندنيين.
وقد واصل تشابمان نقل مثل تلك الأخبار الكاذبة إلى حين نجاح الحلفاء في تدمير منصات الإطلاق الألمانية.
وبحسب العديد من التقارير، استهدف الألمان خلال الحرب العالمية الأولى العاصمة لندن بأكثر من 8000 قنبلة طائرة من نوع v-1 وبفضل تقارير تشابمان نجا عشرات الآلاف من أهالي لندن من موت محقق.
العربية نت