مقالات متنوعة

الشعب الراكب راس

لغط كبير مستمر، حرب بيانات بين مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير، إتهامات متبادلة، تشكيك وتخوين بين القوى السياسية المتحالفة، مزايدات غير مبررة على مواقف الحلفاء، فوضى في الشارع السياسي، إحباط عام نتيجة لهذه الفوضى التي لا تخدم سوى أصحاب الاجندة.
المجلس العسكري فرض نفسه (لاعب أساسي) وقوى إعلان الحرية والتغيير منحته الضوء الأخضر لدخول وسط الملعب لاعب إرتكاز بدلا من البقاء في خانته الأساسية (حارس مرمى)،لذا كان من الطبيعي أن يواصل الضغط على جميع الجبهات مهاجما، تاركا لقوى إعلان الحرية والتغيير وظيفة الدفاع.
قد لا يعجب حديثي الكثيرين، ولكنها الحقيقة مجردة، فالقوى محمية بثوارها الاشاوس وإعتصامهم الذي بات يرفع لافتة (ممنوع الإقتراب). وببعض مؤسسات المجتمع الدولي، ولكن ورغم ذلك اصبح إصرار المجلس العسكري على أخذ زمام المبادرة في كل ما يخص الازمة من حلول. مرة مهددا بالقوى السياسية الاخرى من خارج إعلان الحرية والتغيير وتارة بالانتخابات المبكرة، وكل ذلك تجنبا لأي صدام مع الإتحاد الافريقي خاصة بعد إقتراب المهلة التي منحها للمجلس بضرورة تسليم السلطة لحكومة مدنية.

شخصيا لست متفائلة بعدم إستخدام قوى إعلان الحرية والتغيير لكروت الضغط التي بيدها والمتمثلة بجانب تفويضها من قبل الشارع السوداني، (تركها للصراعات المفتعلة نتيجة للغيرة السياسية والرغبة في تكبير الكيمان وشق الحلاقيم في البيانات المفخخة.
الالتزام الأخلاقي تجاه دماء الشهداء وجرحى الأحداث والمنتظرين على قارعة الطريق وفي ميادين الإعتصام، يفرض على هذه القوى التحلي بالمسؤولية التامة تجاه التكليف، وسياسة ليَ الذراع قد لا تجدي إن لم تضر، وايضا التعامل بلين لا يجلب سوى المزيد من التمترس في نقطة البداية والعودة بالجميع لمربع واحد، خاصة من قبل المجلس العسكري، الذي يبدو أنه إستطعم المراوغة واللعب على أعصاب الشعب وحبال الوقت.
حالة الفوضى السياسية التي تعيشها البلاد، لابد لها من نهاية، والشعب الذي خرج فاتحا صدره للموت لن يقبل بغير استرداد حقوقه المسلوبة، ولن يرتاح الشهداء في قبورهم مالم تصل البلاد لأقصي غاياتها.

وما لم تتفق القوى على لغة واحدة ومتحدث رسمي واحد والعمل بروح الجماعة وترك النزعة الذاتية والحزبية الضيقة جانبا،لن يخرج الشعب من الفخ الذي نصبه اصحاب المصالح والاجندة بالمجلس العسكري ومن يقف خلفهم من قوى شريرة داخلية ومن دول المحاور.
أي فضَ للإعتصام بدون الحلول المتفق عليها سيكون خصما على الجميع، خاصة مع (الشعب الراكب راس)، والذي اثبتت الايام أنه إستوعب دروس ثورات الربيع العربي جيدا وهضم تبعاتها وبالتالي ليس من السهولة بمكان سقوطه في ذات الفخاخ التي نصبها العسكر والمحاور التي إلتفت على الثورة وإغتصبتها في غفلة من اهلها.

المجلس العسكري الذي يمارس في نفوذ غير مستحق، ومستمد من سلطة متوهمة، مطالب بوضع مصلحة 40 مليون مواطن سوداني في مقدمة أولوياته، وعدم ممارسة الإبتزاز السياسي مع وفد التفاوض فالسلطة زائلة، ولو كانت دائمة لدامت لرئيسهم الذي وجد نفسه كفرعون في قارعة الطريق عاريا من أي قيمة إنسانية، لصَا وسفاحا تناقلت أخبار فساده كبرى الفضائيات ووكالات الانباء. وأخيرا نهمس في أذن الفريق البرهان ونائبه الفريق حميدتي طالما أنهما (أولا دفعة)، لو دامت لغيرك لما آلت إليك.

بلا حدود – هنادي الصديق
صحيفة الجريدة