مقالات متنوعة

عرس السودان الوطني في أسبوعه الثالث

تخطت ثورة الشعب التي اندلعت في الحادي عشر من أبريل الماضي الأسبوع الثالث من عمرها وهي تثبت للعالم والمراقبين والمحللين أن الشباب السوداني من أرقى وأقوى شباب العالم قاطبة، إذ إنهم باعتصام استغرق خمسة أيام فقط استطاعوا إحداث التغيير السياسي الذي ساعدت فيه المؤسسة العسكرية التي انحازت تماما للشعب.

لقاءات وقرارات المجلس العسكري الانتقالي:

في مطلع الأسبوع الثالث للثورة عقدت اللجنة الفئوية والاجتماعية بالمجلس العسكري الانتقالي، بقاعة الصداقة لقاءً تفاكرياً جامعاً مع المنظمات الشبابية والرياضية والخبراء الرياضيين، حول الوضع الراهن بالبلاد والاستماع إلى الآراء والتطلعات المستقبلية لهذه الفئات.

وخاطب اللقاء عدد من الحاضرين، مؤكدين أن السودان يستشرف مرحلة جديدة، بعد نجاح ثورته، مشيدين بالدور الوطني الكبير الذي اضطلعت به القوات المسلحة في الثورة بانحيازها للشعب، ودعا عدد من المتحدثين إلى إيلاء القطاع الرياضي اهتماما خاصا حتى يؤدي دوره المطلوب في المجتمع.

اتفق المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير على تكوين لجنة مشتركة لمواصلة النقاش حول القضايا الخلافية وتقديم مقترح مشترك والتدارس حول ترتيبات الانتقال وصلاحيات الأجهزة والهياكل المختلفة.

وأبان الناطق باسم قوى إعلان الحرية والتغيير أحمد ربيع أن اللقاء تم بناءً على تلبية لدعوة قدمها المجلس، ولفت إلى أن الاجتماع غلبت عليه روح الوطنية.

بينما قال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق الركن شمس الدين كباشي إن اللجنة السياسية بالمجلس فرغت من دراسة الرؤى المقدمة من القوى والكيانات السياسية والحركات ومنظمات المجتمع المدني والشرائح الفئوية بمافيها الشباب والمرأة والأفراد.

ضمن فعاليات المجلس العسكري الانتقالي في الأسبوع الثالث أدان الاعتداء والتخريب الذي استهدف اجتماعا لحزب المؤتمر الشعبي بـ(صالة قرطبة) بالخرطوم، أيضا أكد انسياب صادر بترول الجنوب بصورة طبيعية.

وأشاد الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، بجهاز الأمن والمخابرات الوطني ووصفه بـ”العنصر المهم” للبلاد واستقرارها. وقال دقلو لدى تنويره لعضوية الجهاز، إنه ليس هناك أي تفكير أو إتجاه لحل الجهاز وإنما المطلوب إعادة هيكلته وترتيبه كجهاز قومي ووطني تحتاجه الدولة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخها.

ضمن جملة من القرارات التي أصدرها المجلس العسكري الانتقالي في الأسبوع الثالث تم تجميد نشاط النقابات والاتحادات المهنية والاتحاد العام لأصحاب العمل السوداني، وقرار أعفى بموجبه كلا من العميد محمد المبارك سليمان مدير إدارة مراسم الدولة، والمهندس قبيس أحمد المصطفى مدير الإدارة العامة للشؤون الإعلامية برئاسة الجمهورية السابقة، وإلغاء لائحة ترقيات الشرطة وإصدار لائحة جديدة تتماشى مع لوائح القوات النظامية الأخرى، وصرف البديل النقدي الذي صدر قراراً بإيقافه منذ العام ٢٠١٣م، ووجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بفتح الجامعات واستئناف الدراسة بمؤسسات التعليم العالي الحكومية والأهلية.

وتم إجراء العديد من اللقاءات والمقابلات منها لقاء نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو بالقصر الجمهوري وفد تيار نصرة الشريعة ودولة القانون.

قال المهندس صديق يوسف عضو اللجنة المشتركة للتفاوض مع المجلس العسكري ممثل قوى إعلان الحرية والتغيير في مؤتمر صحفي إنه لم يتم الاتفاق على نسب تشكيل المجلس السيادي المدني العسكري وإنهم لايريدون التصعيد مع المجلس العسكري، لذلك تم تجاوز ذلك في الوقت الراهن والاتفاق على مواصلة التفاوض ومناقشة كيف يتم حكم الفترة الانتقالية، وأشار إلى أن قوى إعلان الحرية والتغيير سلمت المجلس العسكري رؤيتها كاملة لإدارة الفترة الانتقالية عبر برنامج (الدستور الانتقالي)، وتم إصدار بيان إلى جماهير الشعب السوداني يلفت فيه انتباه المواطنين إلى عدد من الظواهر وحالات الإنفلات التي تهدد حياة المواطنين.

أعلن الفريق الركن شمس الدين كباشي الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي عضو المجلس أن جلسة المجلس ولجنة قوى إعلان الحرية والتغيير نوه فيها المجلس إلى أهمية تطبيع حياة المواطنين وانسياب حاجاتهم الضرورية في العاصمة الخرطوم والولايات مما يتطلب فتح الكباري والمعابر والطرق ومسارات القطارات لرفع الضرر وعدم التأثير على حياة المواطنين، كما أكد استمرار جلسات التفاوض والتشاور بين المجلس ولجنة قوى إعلان الحرية والتغيير حول النقاط الخلافية الخاصة بترتيبات ومؤسسات الفترة الانتقالية.

الحراك الولائي:

في الأسبوع الثالث انتظم ولايات السودان كافة حراك متصل ما بين الولاة والمواطنين تبدى في انفعالات ثورية ونشاطات إدارية منها صدور عدد من القرارات مثل ما أصدر والي ولاية شمال دارفور المكلف اللواء الركن مالك الطيب خوجلي الذي من قرارات قضت بتجميد حسابات بعض المؤسسات والواجهات بالبنوك برئاسة الولاية والمحليات؛ كما أصدر قرار آخر قضى بحل صندوق دعم الأنشطة الشبابية والرياضية بالولاية ومراجعته بواسطة المراجع العام، وحل جميع اللجان الشعبية بالولاية، ووجه القرار جهات الاختصاص بالتنفيذ الفوري.

بينما أكد اللواء الركن عبد العزيز عثمان الأمين والي ولاية الجزيرة أن كل من تعدى على حقوق المواطنين ستصله يد العدالة وأن أفضل وسيلة لتحقيق العدالة عبر القضاء وأجهزته المختلفة.

وبولاية النيل الأبيض امتدح اللواء ركن حيدر علي الطريفي والي الولاية المكلف الجهد الذي بذلته الأجهزة الإعلامية في نقل أنشطة الولاية وتبصير المواطنين بمهام وواجبات المجلس العسكري وعكس ما يدور في الرأي العام للمسئولين وأضاف أننا نحتاج للإعلام الحر لنقل الحقائق والسلبيات لمعالجتها.

وبولاية نهرالنيل أصدر الوالي المكلف اللواء الركن عباس أحمد قرارات قضت بتسلم مقار وأصول المؤتمر الوطني بالولاية والمحليات وتكليف لجنة أمن الولاية بالتسلم وتكليف القوات المسلحة بتسلم أصول ومعدات الهيئة الخيرية للقوات المسلحة وشركة زادنا بالولاية، كما كلف إدارة الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة بتسلم أصول ومقار منسقية الخدمة الوطنية بالولاية، إلى جانب تكليف قيادة الدفاع الشعبي بالقوات المسلحة بتسلم منسقية الدفاع الشعبي وتكليف إدارة الشرطة بالولاية بتسلم منسقية الشرطة الشعبية بالولاية.

وأصدر اللواء الركن محمد خضر محمد والي ولاية شمال كردفان المكلف قائد الفرقة الخامسة مشاة هجانة بالأبيض قرارا بالرقم (38) لسنة 2019م لحصر وتسلم دور وممتلكات حزب المؤتمر الوطني بالولاية.

وثمن والي ولاية كسلا المكلف اللواء ركن محمود بابكر همد دور المنظمات الطوعية في خدمة المجتمعات خاصة البرامج الأساسية التي تحتاجها المجتمعات في المناطق الطرفية .

أكد اللواء ركن محمد محمد الحسن الساعوري والي الولاية الشمالية المكلف أن تحقيق الأمن والاستقرار وتوفير معاش الناس يشكل أولوية قصوى للمجلس العسكري الانتقالي ولهم في الولاية .

كشف والي ولاية جنوب دارفور المكلف اللواء ركن هاشم خالد محمود عن إجراءات اتخذتها حكومته لتسلم دور المؤتمر الوطني وكل الواجهات ووسائل الحركة (العربات) بعد عملية الحصر وتأمينها بالقوات المسلحة.

في إطار زياراته التفقدية للوزارات والمجالس العليا والمحليات بولاية الخرطوم قام والي ولاية الخرطوم الفريق الركن مرتضى عبدالله وراق يرافقه الأمين العام لحكومة الولاية محمد مصطفى قسم الله ومكتبه التنفيذي بزيارة للمجلس الأعلى للإستراتيجية بولاية الخرطوم للوقوف على سير العمل وتلقى تنويرا ضافيا عن مهام واختصاصات المجلس.

أصدر والي ولاية البحر الأحمر المكلف اللواء ركن عصام الدين عبد الفراج القرار الولائي رقم (55) للعام ٢٠١٩م الخاص بحل مجلس تنسيق العمل الدعوي وإعفاء رئيس وأعضاء المجلس.

شكل المدير التنفيذي محلية المفازة بولاية القضارف عزالدين الإمام لجنة أمنية لحصر دور وأصول حزب المؤتمر الوطني بالمحلية وذلك بناء على توجهات حكومة الولاية.

وأصدر اللواء الركن عبدالخالق بدوي محمود والي ولاية غرب دارفور المكلف عددا من القرارات قضت بحل اللجنة العليا لنفير تنمية وتطوير الولاية واللجنة العليا للدورة المدرسية، ونص القرار رقم 80 للعام الحالي بحل اللجنة العليا لنفير تنمية وتطوير ولاية غرب دارفور ولجنة الإسناد واللجان الأخرى الخاصة بالنفير، كما قضى القرار بحل اللجنة العليا للدورة المدرسية القومية رقم 29 في الولاية وتجميد الحسابات المصرفية الخاصة بالنفير في البنوك والمصارف كافة، ووجه القرار وزارة المالية والقوى العاملة والجهات ذات الاختصاص بإتخاذ الترتيبات الخاصة بتنفيذه.

مسيرات وحشود:

في الأسبوع الثالث لم تكن ساحة الثوار بالخرطوم هي وحدها المتلهبة بالثورة والفعل الشبابي الضاغط ،بل شاركت كل الولايات بمسيرات وتنظيم اعتصامات تضامنا مع الثورة الأم بساحة الاعتصام قبالة مقر القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، ففي غرب البلاد احتشد المئات من مواطني مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور بالسوق الرئيسي بالفاشر استجابة للنداء الذي أطلقه تجمع المهنيين السودانيين لتسيير مواكب واعتصام، حيث ضم الاحتشاد المحامين والاطباء والصيادلة وأساتذة الجامعات والنازحين.

وسيرت قوى الحرية والتغيير وثوار محلية الدندر ﻣﻮكباً إﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ بالخرطوم ﺩﻋﻤﺎ لثوار ﺍﻟﺸﻌﺐ المعتصمين هناك منذ السادس من أبريل وذلك للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين.

وكذلك سير العاملون بأمانة حكومة ولاية النيل الأزرق موكبا إلى ميدان اعتصام ثوار النيل الأزرق أمام قيادة الفرقة الرابعة مشاة الدمازين تضامنا مع المعتصمين وفعاليات الثورة .

وبمحلية الدبة سيرت قوى الحرية والتغيير مسيرة جابت شوارع المدينة وصولاً لرئاسة المحلية، والتقى والي الولاية الشمالية المكلف اللواء ركن محمد محمد الحسن الساعوري بعدد من ممثلي قوى الحرية والتغيير والذين قاموا بتسليم مذكرة لوالي الولاية الشمالية تحمل جملة من المطالب؛ من بينها ضرورة توفير السلع الأساسية للمواطنين وترقية الخدمة المدنية ومحاربة الفساد والمفسدين.

استطلاعات:

وصف معظم شباب الثورة المعتصمين قبالة القيادة العامة للقوات المسلحة بالخرطوم، ساحة الاعتصام والذي انطلق منذ السادس من أبريل الجاري بأنها أصبحت برلمانا وطنيا حقيقيا تطرح فيه أمهات القضايا وتناقش فيه كل الهموم وتقدم من خلاله كل المطالب المشروعة.

وفي استطلاع لـ(سونا) شمل معتصمين وأيضا شبابا في طريقهم لساحة الاعتصام، قال طالب اقتصاد: (ساحة الاعتصام نعم عبارة عن برلمان مفتوح فيه ديمقراطية بدون قيود وهناك أدب وذوق).

وقالت خريجة قانون: (ساحة الاعتصام أصبحت منتدى اجتماعيا أيضا تطرح فيه القضايا الاجتماعية كافة التي تشغل أذهان الناس).

وقال أحد الشباب ياسر قسم – موظف: (ساحة الاعتصام أصبحت بيت عائلة واحدة متفقة حول الهم الوطني الواحد مع اختلاف الأمزجة والأيدولوجيات، تجد الأب، الأم، الأخ الأكبر، الأخت الصغرى وكل أفراد الأسرة تجدهم حولك في الساحة ولم أشعر بالأمر السياسي وحسب بل عندي إحساس أنني في بيت عائلة كبيرة).

وقال رجل أعمال حرة – (ميكانيكي): “ساحة الاعتصام سمعت عنها كلام سالب ولكنني لم أجد فيها إلا شباب ثوار حقيقيين وأخلاقهم أخلاق الشعب السوداني الكريم القوي اللي ممكن يستحملك ولكنه بيشيلك لمن تكتر وتبالغ في إذلاله”.

ومن أسوأ الأحداث التي وقعت في الأسبوع الثالث لانطلاق الثورة المباركة ما تعرض له منسوبو حزب المؤتمر الشعبي بـ(صالة قرطبة)، حيث أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير إدانتها واستنكارها للاعتداء والتخريب الذي استهدف اجتماعا لحزب المؤتمر الشعبي.

وشهد الأسبوع الثالث إعلان مبادرة التيار المهني الحر الذي دشن برنامجه من أجل تهيئة المناخ للفترة الانتقالية المقبلة والمرحلة الديمقراطية المتوقعة بعد عامين، وأكد أنها مبادرة وطنية خالصة لا تنتمي لأية جهة سياسية أو حزبية أو جهة موازية أو تيار منشق من كيان .

كتب – سعيد الطيب
سونا