تحقيقات وتقارير

صفحات ملونة على جدار الوطن .. الثوار يتساءلون: إن أعادوا لنا الوطن فمن يعيد لنا الرفاق؟


صفحات ملونة على جدار الوطن..

الثوار يتساءلون: إن أعادوا لنا الوطن فمن يعيد لنا الرفاق؟

موكب الموسيقيين يعزف للوطن وينثر الألحان بساحة الاعتصام
خريجو جامعة الخرطوم بأمريكا يفندون دعاوى الإسلام السياسي ضد التغيير ..

حياة كاملة تسري في ساحات الاعتصام حول القيادة تستند إلى مطالب مشروعة اختار الشباب الدفاع عنها والاستماتة أمام خطوط دفاع الثورة والمتاريس حتى آخر رمق فكان شبابهم الغض هو الثمن والوفاء بالوعد وأيا كان مدخلك إلى المكان ستجد أنك في بيتك وبين جيرانك وكأن كل ميل في بلد المليون ميل جاء حاضرا يشكو همه ويحكي ألمه ويسطر اسمه ليؤكد حقه في دفتر الوطن والمواطنة.

_ شهداء 8 رمضان يلونون الاعتصام بذكرى رحيلهم:
الشباب الذين فقدوا حياتهم بنيران الخسة والغدر من أعداء الإنسانية في الاثنين 8 رمضان كانوا حاضرين يجوبون المكان بعيون رفاقهم فمجموعة من الشباب حملت لافتات تنعيهم وتبكي فراقهم. الشاب (محمد) واحد من الذين حملوا تلك اللافتات في صمت وحزن بالغين مر أمامنا عدة مرات في الذحام استوقفناه فلم نجد سوى الأسى جوابا واكتفى بالإشارة للافتة التي كتب عليها (قد يعيدون لنا الوطن ولكن من يعيد لنا الرفاق؟) قبل أن يومئ برأسه بالإيجاب وهو يكرر بصوت خفيض (كان صاحبي.. صاحبي). ابتعد محمد مواصلا رحلة الإعلان عن الفقد وتركنا نتساءل: من لهؤلاء؟ من يداوي جراح رفاق الشهداء الذين أعادوا للوطن صحته وعافيته ومضوا بعد أن أهدونا حقهم في الحياة؟ من يعيد حق الشهداء في القصاص لترتاح دموع أمهاتهم وآبائهم حين يتحقق العدل والحساب؟ وعلى بعد خطوات ارتفعت أصوات الحشود قرب منصة التجمع التي جلس عليها خالد سلك متحدثا بعد وصول خبر القبض على أحد (المندسين) حسب تسمية المجلس العسكري وتسليمه لجنود القوات المسلحة والمفاجأة كانت إصرار الشباب على أن ينضم (الموتر) الذي جاء به (المندس) لساحة الاعتصام إلى منصة غنائم الثوار التي تمثل معرض مفتوح لكل ما يحصل عليه الثوار من (المندسين) ووسط هتاف الحشود تم رفع (الموتر) تقيل الوزن في مشهد مهيب وقام الشباب بتثبيته إلى اللوحة الإعلانية المرتفعة ليضاف إلى مقتنيات المعرض في حدث يؤكد أنه مازالت هناك جهات تصر على أسلوب التعامل الأمني مع المعتصمين رغم فشله الذريع في حل الأزمة المصيرية والسياسية التي تعيشها البلاد وهو حدث أجبرنا على العودة لواحد من أخطر المتاريس حول الساحة الآن للسؤال عن سير عملية تأمين المعتصمين فأكد لنا الثوار المسؤولون عن الحراسة في مدخل النيل أن محاولات التسبب بالأذى للمعتصمين لم تتوقف واستمرت بإدخال مواد حارقة لإشعال حرائق داخل الساحات كذلك إدخال أفراد لملابس تتبع لقوات نظامية لإقحامها في محاولة اقتحام وأكد أن حوادث القبض على (مندسين) تتكرر بشكل يومي وتتخذ أشكالا مختلفة من (الاندساس) حسب قوله وهو يبتسم، وأكد أنهم منتبهون ليل نهار لأن تأمين أرواح المعتصمين أمانة في أعناقهم ولن يتهاونوا حتى يتم إعلان سلطة مدنية تحاسب قتلة إخوانهم المدافعين عن الاعتصام والذين سقطوا أمام أعينهم برصاص الغدر وجشع السلطة. وختم أحد الثوار واسمه عاصم بقوله: (السلطة التي قتلت إخواننا بالرصاص ورمت ٢ منهم في النيل لن تحكمنا ولو بعد مائة سنة).

_الصيادلة حضور بلا انقطاع والموسيقيون عزف خاص للمعتصمين:
مواكب لا تنقطع تعيد زخم الاعتصام إلى الواجهة فالصيادلة لم تتوقف مواكبهم وزهراتهن البيضاء يحملن لافتات تؤكد ثورية الحضور.. (صيادلة في خدمة في) أو (الشهداء الماتوا مالين جوانا يقين)، والدم قصاد الدم تظل بيان رقم واحد يتكرر في كل اللافتات وشاب يحمل (مبخرا) مليئا بالفحم المتقد يعطر المكان بالروائح العطرة وينشر الابتسامات المرحبة بالحشود، وكذلك جاء موكب الموسيقيين بأعداد كبيرة، شابات وشبابا، يحملون الأمل وآلاتهم الموسيقية على اكتافهم جابوا ساحات القيادة بلا كلل يهتفون لحنا ويقدمون عرضا على الهواء حلق بالحشد حولهم في سوح النغم فتوقفنا عندهم وحدثونا عنهم: مجاهد.. مآب.. محمد وعبد المنعم، شباب لم يتخطوا الثلاثينيات حكوا لنا عن تزايد عدد خريجي أقسام الموسيقى وقلة الفرص المتاحة أمامهم لممارسة الإبداع وعن مهرجانات تقام في الخرطوم والولايات يرشح للمشاركة فيها غير المبدعين لتظل الجوائز وفرص العمل محتكرة لعاطلي الموهبة حدثونا عن التقييم الجيد الذي يجدونه في المشاركات الخارجية خلافا للإهمال الذي يتم التعامل به مع الفنون عامة ومنها الموسيقى رغم دورها في تنمية المجتمع وجدانيا وتفاءلوا بغد أفضل في وطن يسع الجميع..

نظافة الميدان:
الثوار الذين لم يتوقفوا عن متابعة تنظيم ونظافة الساحات قبل وبعد الإفطار سيروا موكبا للمشاركين في تنظيف الساحات وهم يحملون المكانس ويهتفون بمواصلة كنس أركان الفساد فيما تجمعت الحشود حول منصة التجمع قرب النفق تستمع إلى مخاطبة من ممثل قدامى المحاربين أكد فيها أن الإسلام السياسي الذي يمتطي ظهر الدين لن يعود لحكم السودان وفيه هؤلاء الثوار، واستمعت الحشود لمخاطبة أخرى من المتحدث باسم التجمع خالد سلك أكد فيها للثوار مواصلة الضغط للحصول على كل المطالب وأمن على شرعية الاعتصام وسلمية الدفاع عنه حتى الوصول للسلطة المدنية ..
ساعة التجمع المضيئة .. بيغ بن أخرى في ساحة الاعتصام:
شاشة التجمع ظلت مضيئة على (ساعة) عملاقة تحسب الساعات والدقائق المتبقية لاستئناف المفاوضات بعد قرار المجلس العسكري تعليق المفاوضات من جانب واحد مع قوى التغيير لمدة ٧٢ ساعة وظلت هتافات الثوار تتردد كل فينة وأخرى.. (الباقي كم؟) ويرد آخرون بعفوية (لي يوم الدين ) في إصرار واضح صار عقيدة بين الثوار أن يمدوا حبال الصبر لحين الوصول .

_يوكانا من أمريكا الشمالية وتجمع الهامش حضور لافت يخاطب الحشود:
السودانيون في المهجر من تجمع خريجي جامعة الخرطوم بأمريكا الشمالية (يوكانا) أقاموا ركنا بساحة الاعتصام وخاطب المتحدث باسمهم الثوار عن ملامح وأهداف الثورة المضادة وأكد أن التغيير قادم لابد وأن المتكسبون من شعارات الدين لن يقوم لهم مقام مستقبلا في السودان، وقدم المعتصمون في تجمع قوى الهامش مخاطبات دارت حول أهمية المشاركة السياسية للهامش في الفترة الانتقالية والانتباه للتجاوزات التي دفع ثمنها مواطن الهامش على مر السنوات الماضية في ظل إهمال كامل من المركز والأحزاب السياسية المشاركة في الحكم.

نادية محمد علي
صحيفة الجريدة