تحقيقات وتقارير

المجلس العسكري .. ما وراء الزيارات الخارجية؟


(لا علاقات مع دول تضر بمصالح مصر ودول الخليج أو على حسابها).. هكذا قال رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان خلال زيارته الخارجية الأولى أمس الأول إلى مصر، مؤكدا أن السودان مستمر ضمن قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن ولا نية لانسحابه ويدعم العمليات العسكرية ضد الحوثيين.

البعض انتقد المجلس العسكري لجهة أول زيارة خارجية للرئيس ونائبه عبر تصريحات أدلوا بها خلال زياراتهم، وانهم يفتقدون أسلوب العمل الدبلوماسي؟.

مضامين الزيارة

زيارة مصر أدهشت الكثيرين كونها الزيارة الخارجية الأولى لرئيس المجلس العسكري وتزامنت مع أول زيارة خارجية كذلك لنائبه محمد حمدان دقلو إلى السعودية، معلناً كامل الاستعداد للدفاع عن أرض الحرمين الشريفين في إطار الشرعية، وأن القوات السودانية ستظل موجودة وباقية في السعودية واليمن، وأضاف: سنقاتل لهذا الهدف. وأوضح المجلس في بيان له أن الغرض من الزيارة هو تقديم الشكر للمملكة، لما قدمته من دعم اقتصادي يؤمن متطلبات الحياة المعيشية للشعب السوداني، وهو ما أعلن عنه في الفترة السابقة، فضلاً عن دعمها السياسي للمجلس للمساهمة في الوصول إلى حل سريع للمشكلات العالقة.

موقف واضح

الصحفي والمحلل السياسي عبد الماجد عبد الحميد قال لـ(السوداني) أمس، إن المجلس العسكري حسم موقفه مع مصر، منوهاً إلى أن هذا الأمر لا بد منه لأن الوضع الحالي لا يتحمل أنصاف الخيارات، وأضاف: مصر لديها مشاغل وهي المحور الليبي وسد النهضة والتعامل مع الاحتجاجات الحالية والمجلس العسكري يقف معها. مشيراً إلى أن موقف السودان الحالي مع الحلف الإماراتي السعودي ضد إيران وأي تصريحات تأتي متسقة مع الحلف، وأضاف (هو لازم يعمل كدا)، مستدركاً : السودان في الفترة الماضية كان أقرب للحياد، مشيراً إلى أن قطر منذ أسبوعين بدأت تهاجم المجلس العسكري.

توازن دبلوماسي

السفير الرشيد أبوشامة أكد لـ(السوداني) أمس، أن التصريحات التي أدلى بها رئيس المجلس الانتقالي ونائبه، تشير إلى أنهما غير (مُتمرِّسَيْن) في العمل السياسي ويعبران عن نفسيهما ببساطة، وأضاف: حميدتي تحدث مباشرة خلال زيارته إلى السعودية، وتابع: نحن ضد إيران، مشيراً إلى أن رد الفعل جاء سريعاً من إيران وأعربت عن غضبها الشديد ووضعت السودان ضمن الأعداء.

وحول حسم السودان لموقفه مع المحور السعودي الإماراتي، قال أبو شامة: (نتوقع تغييرات كثيرة وأن تأتي حكومة مدنية وبرلمان ربما يكون له رأي مختلف).

وتساءل أبو شامة عن سر تأييد المجلس العسكري لمصر، موضحاً أن للسودان علاقات مع دول كثيرة ونريد تأييد هذه الدول لكن بطريقة دبلوماسية ولا نجرح أو (نخرب علاقاتنا مع دولة على حساب أخرى)، وأضاف: (على السودان ألا ينسى أن لديه علاقات متميزة مع إثيوبيا)؛ مشيراً إلى أن مصر تتعجل لأخذ مساندة من السلطة الموجودة حالياً في السودان قبل أن تتغير وسبق أن فعل ذلك في 1959م وجاءت باتفاقية مياه النيل المجحفة في حق السودان، قاطعاً بأن مصر طلبت من البرهان تأييدها في ملف سد النهضة، وأضاف: هذا موضوع معقد وفيه أشياء فنية وبعد قليل سيطلبون من السودان تأييدهم في مسألة سد النهضة ضد إثيوبيا.

3 عناصر

من جانبه أكد سفير السودان السابق لدى الاتحاد الأوروبي نجيب الخير لـ(السوداني) أمس، أنه خلال الـ5 سنوات الماضية شهدت علاقات السودان في الإقليم العربي والإسلامي تقلبات وتطورات مختلفة تفاوتت بين التوجه نحو القطب الفارسي والتحالف الخليجي العربي، وانعكست هذه التحركات على علاقات السودان الخارجية وأوضاعه في الإقليم وعلاقاته الدولية خاصة فيما يتعلق بارتباطات التحالف العربي بقيادة السعودية.

الخير أكد أن هناك 3 عناصر في هذا التقلب والعلاقات مع القطبين الإقليميين، الأول هو البحر الأحمر وأمنه، والثاني القوة البشرية التي تُستخدم في أي نزاع بين القطبين، أما الثالث هو ملف الإخوان المسلمين، وأضاف: في الوقت الحالي أي علاقات مع مصر أو الخليج أو خارج الخليج لا يمكن أن تبعد عن هذه العناصر وعلاقة الحكومة السودانية بتلك العناصر.
نجيب الخير أكد أن المجلس العسكري والحكومة المصرية توافقا على عنصرين هما: الإخوان المسلمون والبحر الأحمر، مشيراً إلى أن زيارة البرهان لمصر أضافت عنصراً آخر وهو احترام خيارات الشعب السوداني بحيث تدعم مصر خيارات الشعب السوداني، مؤكداً أن المجلس العسكري في الوقت الراهن هو آلية انتقالية أولية.

زيارة البرهان أعطت مؤشراً بأن الحكومة القادمة قد لا تختلف في خصوصية العلاقة بين مصر والسودان لوجود ثوابت في العلاقة لا تتأثر بمن هو في السلطة في الخرطوم أو القاهرة.

وحول ماذا تريد دول الخليج من السودان في الوقت الراهن، قال نجيب إن دول الخليج يهمها استقرار السودان، وأضاف: عملية الرقص على رؤوس الثعابين التي كان يقوم بها المخلوع جعلت وضع السودان بالنسبة لأمن البحر الأحمر كحال مضيق هرمز بالنسبة للخليج العربي. مؤكداً أن علاقات السودان كانت تتميز بالوضوح والتوجه الواضح والنائي عن اللعب على حبال وتقاطعات الأقطاب الإقليمية فـ(اللولوة في العلاقات الخارجية ما بتنفع واختيار المواقف يكون حسب مصالحك).

تقرير : وجدان طلحة
الخرطوم (صحيفة السوداني)