تحقيقات وتقارير

العام الدراسي الجديد .. تحديات ماثلة

قلق أسري وترقب حذر للعام الدراسي الجديد لطلاب مرحلتي الجامعة والثانوي بفعل الاحتقان السياسي في البلاد.. ففي الوقت الذي يتبادل فيه كل من قوى إعلان الحرية والتغيير والمجلس العسكري الاتهامات بشأن إفشال المفاوضات وعدم الاتفاق على حكومة مدنية، تم إهدار العام الدراسي السابق لطلاب الجامعات، ويتزامن ذلك مع إعلان وزارة التربية والتعليم نتيجة امتحانات الشهادة الثانوية اليوم.. فهل يمكن أن تستوعب الجامعات قبول دفعتين معاً؟ هذا باعتبار أن الطلاب الذين تم قبولهم في الجامعات العام الماضي لم يجلسوا في مقاعد الدراسة أو أن بعضهم لم يكمل الفصل الدراسي الأول.

الأحفاد بمفردها
بالنظر إلى واقع الحال بالجامعات فإن جامعة الأحفاد هي الوحيدة التي شهدت استقراراً نسبياً، وبالتالي ليس لديها مشكلة في قبول دفعة جديدة، في وقت شهدت معظم الجامعات السودانية عطلة إجبارية بفعل الحراك الثوري في الشارع فضلاً عن مشاركة الطلاب أنفسهم في الحراك، بالإضافة إلى قرارات إيقاف الجامعات التي أصدرتها سلطات النظام المعزول.

نهاية إبريل الماضي وجه المجلس العسكري الانتقالي بفتح الجامعات السودانية، وقتها أكد وكيل الوزارة المكلف بروفسير مصطفى محمد أنه تم إرسال خطابات إلى مديري الجامعات والكليات الأهلية والخاصة إنفاذاً لتوجيهات المجلس، مؤكداً تضافر الجهود وإشراك كل الشركاء لاستقرار التعليم العالي بالبلاد. بيد أنه وفقاً لمتابعات(السوداني) فإنه وحتى الآن لم تفتح الجامعات أبوابها، أما الطلاب الذين كانوا وقوداً لثورة ديسمبر ظلوا بميدان الاعتصام أمام القيادة العامة ولم يغادروه حتى التاسع والعشرين من رمضان فمنهم من استشهد وبعضهم جريح.

تقديرات أمنية
الخبير الأمني حنفي عبد الله أكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن الثورة تحققت وزال النظام السابق ولم تعد هناك ضرورة لتفلتات أمنية في الجامعات والمدارس أو أن يتم استغلالها، مؤكداً أن الفترة الانتقالية تحتاج إلى الاستقرار. وأضاف: الدراسة بالجامعات تأخرت كثيراً ولا بد من الانتهاء من الفصل الدراسي الذي تعطل، مؤكداً الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به إدارات الجامعات والطلاب حتى لا يتم تجميد العام الدراسي، منوهاً إلى خطورة أن يتم استغلال الطلاب من قبل التيارات السياسية لتحقيق أغراض تخصهم.

وحول تخوف البعض من حدوث عنف طلابي بالجامعات، يذهب حنفي إلى أن أي عنف يجب أن يقابل بالقانون، واستدرك: لكن قبل الدفع بالقانون فإن وعي الطلاب مهم حتى لا يتم استغلالهم لقضايا خاصة بأحزاب سياسية. مشيراً إلى تخوف البعض من أن يؤدي فتح المدارس والجامعات في هذا التوقيت إلى إشعال المظاهرات واستغلال الطلاب من قبل الأطراف واستغلالهم سياسياً، قاطعاً بأن المجلس العسكري أبدى ترتيباته في هذه المسألة .
وأكد أن العام الدراسي يتأثر بالتقويم الدراسي بصورة كبيرة ، مشيراً إلى تأثر العام الدراسي بالأحداث التي شهدتها البلاد مؤخراً، معتبراً أن انطلاق العام الدراسي في موعده يعد أمراً إيجابياً، وأضاف: المدارس استعدت لبداية العام الدراسي.

مظاهرات مطلبية
عندما وجه العسكري بفتح الجامعات تخوف أساتذة جامعات من أن يؤدي القرار إلى عنف داخل الجامعات، باعتبار أن المشهد السياسي كان محتقناً، وقالوا إن الجامعات ستصبح بؤراً للنضال وبالتالي سيظهر فيها السياسيون قبل الطلاب، قاطعين بأن تنفيذ القرار صعب ولن يستجيب مديرو الجامعات وسيتحايلون بالكثير من المبررات.

بروفسير حسن الساعوري يذهب في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن العام الدراسي سيواجه بتحديات أمنية أو إجرائية، وأضاف: التحديات الأمنية خاصة بالثورة وشعاراتها، واستدرك: لكن الآن لا توجد مشكلة تعيق الدراسة لأنه لم تعد هناك فرصة لمظاهرات أو اعتصامات وبالتالي ليس هناك خوف من أن الطلاب سيتحركون تحركاً سياسياً. وأضاف: إذا لم توفر وزارة التربية والتعليم الكتاب المدرسي والإجلاس والمعلمين يمكن أن يخرج الطلاب في مظاهرات مطلبية وليست سياسية.

الساعوري قلل من حدوث عنف طلابي بالجامعات، وأضاف: يمكن أن يحدث الصراع الطلابي، منوهاً إلى أن الجهات التي تتصارع بالجامعات عبارة عن طلاب الوطني والمعارضة، لكن الآن طلاب الوطني لا يجاهرون بالصراع السياسي وهم في موقف لا يجعلهم يجاهرون به إلا إذا تم استفزازهم، وأضاف: لا أتوقع من الطرفين أن يكون بينهم استفزاز وهم حريصون على استمرار العام الدراسي، وتخوف من وجود أصابع سياسية بالجامعات تستغل الطلاب.

المحلل السياسي الحاج حمد، يذهب في حديث سابق لـ(السوداني) إلى أن العام الدراسي على وشك أن يكون (إعادة) للطلاب، وصعب جداً الانتهاء من المقررات إذا استمر إغلاق الجامعات أكثر من ذلك. وأضاف: ضروري أن تفتح الجامعات، واستدرك : لكن لا يعقل أن يكون فتحها بقرار من المجلس العسكري الانتقالي أو قوى إعلان الحرية والتغيير لأن هذا الأمر ليس من اختصاصاتهم، وقال يجب أن يصدر القرار من مجلس أساتذة الجامعات.

حمد أكد أن القرار بمثابة سلاح ذي حدين، مشيراً إلى صعوبات تواجه تنفيذه من بينها أن الطلاب هم جزء من الثورة وقد يعتبرون أن قرار فتح الجامعات خطوة من المجلس العسكري لن يقبلوا بها، وقال هذه مغامرة غير محسوبة النتائج ويمكن أن تزيد من اندلاع مظاهرات منظمة لجهة أن اتحادات الطلاب بالجامعات لديها مواقف ويمكن أن تصعد الأزمة، ويمكن أن تزيد المظاهرات وستكون منظمة لأن اتحادات الجامعات لديها موقف، وأضاف: قد يكون أحد الاتحادات كياناً منظماً يصعد الأزمة، ولم يستبعد أن يؤدي فتح الجامعات إلى عنف طلابي.

طلاب المدارس
ما تزال الذاكرة تحتفظ بحادثة وفاة 3 تلميذات وجرح 7 أخريات بسبب انهيار سور المدرسة عليهن بمدرسة الصديق بمنطقة أمبدة مع بداية العام الذي صادف فصل الخريف، وكانت الحادثة أثناء وقوفهن بطابور الصباح، ولعل هذا يعد نموذجاً للبيئة المدرسية التي يتخوف أولياء أمور من أن تصبح المدارس مقبرة لأبنائهم، وقال أولياء أمور تحدثوا لـ(السوداني) أمس، إن البيئة المدرسية غير مهيأة لاستقبال الطلاب، وقالوا رغم إعلان الوزارة الاستعداد للعام الدراسي لكن ما تزال بعض المدارس بلا سور وأخرى فصولها آيلة للسقوط.

الخبير التربوي حسين الخليفة أكد في حديثه لـ(السوداني) ضرورة الوفاء بمتطلبات ومعينات التحصيل الدراسي لبدء العام الدراسي الجديد، وأضاف: نعني بذلك اكتمال طباعة الكتاب المدرسي والإجلاس والمعلم المؤهل المدرب بالإضافة للبيئة المدرسية الملائمة والجاذبة فضلاً عن الاستقرار الأمني، وأضاف: لا بد من توفر تلك العناصر حتى لا يتم إحراج أولياء الأمور.

حسين رأى بأن يتم التشاور عند بدء العام الدراسي مع الجهات المعنية الأمن وإدارة التعليم ومجالس الآباء. وأضاف: (ما يكضبوا على الناس ويقولوا إن الاستعداد 100% والواقع يقول العكس). وتابع: الاحتقان السياسي لا يسمح بفتح المدارس الآن والأفضل أن يتم تأجيلها حتى تستقر الأوضاع لسلامة الطلاب و التلاميذ وحتى تذوب ثلوج الاحتقان النفسي والسياسي والأمني.

في الأسواق
جولة (السوداني) في بعض أسواق العاصمة لاحظت توفر الزي المدرسي ومستلزمات العام الدراسي، لكن أولياء أمور شكوا من ارتفاع تكلفتها، وقالوا (أغلب التجار يستغلون هذه الظروف لكسب المال دون مراعاة للظروف الاقتصادية للأسر، منوهين إلى أن مرتب شهر مايو صادف شراء ملابس العيد للأطفال ولم يتبق فيه شيء لشراء مستلزمات المدارس، داعين الجهات المختصة لمراقبة الأسواق لمنع ما اسموه بـ(فوضى الأسعار).

الخرطوم: وجدان طلحة
صحيفة السوداني