تحقيقات وتقارير

البشير ينفي .. من قتل المتظاهرين؟!


في تطور جديد حول التحقيقات الجارية مع الرئيس المعزول عمر البشير، تحصلت (السوداني) على تفاصيل جديدة بشأنه حديثه حول قتل المتظاهرين. وطبقاً لمعلومات غاية في الدقة فإن البشير لدى استجوابه بواسطة وكلاء نيابة بشأن قتل المتظاهرين وما ذكره في خطاب جماهيري في حولية بمنطقة الكريدة بولاية النيل الأبيض حول مقتل الطبيب بابكر في منطقة بري، أكد البشير أنه يتلقى تقارير أمنية واتضح له أنها كانت مغلوطة، وتبرأ البشير من إعطاء تعليمات بقتل المتظاهرين، مشيراً إلى أن الأمن هو من يقدر الأوضاع، وأضاف: “قتل المتظاهرين اسألوا منو قوش”.

في الاستجواب
استجواب البشير حول مقتل المتظاهرين، يعيد للأذهان إدانات لمدافعين عن حقوق الإنسان وبعض المنظمات العالمية والدول الغربية، فيما أعرب ناشطون عن مخاوفهم أن يلقى مصير مقتل تظاهرات ثورة ديسمبر ذات مصير قتلى تظاهرات أحداث سبتمبر في عام 2013 التي راح ضحيتها نحو 250 شخصاً بحسب تقارير غير رسمية، وازدادت وتيرة القلق حول مقتل المتظاهرين، ومنذ بدايات الثورة ظلت قضية مقتل المتظاهرين من أبرز القضايا الساخنة، التي أرقت مضاجع السودانيين عقب ثورة السادس من أبريل التي واجهتها حكومة البشير منذ بدايتها في ديسمبر من العام الماضي وحتى سقوطه في الحادي عشر من أبريل الماضي، بعنف مفرط أودى بحياة كثير من المتظاهرين، الذين تضاربت الأنباء حول دقة عددهم.
في وقت أكدت فيه السلطات الأمنية في النظام السابق أن عددهم 35 شخصاً.

نفي وتوضيح
يقول رئيس هيئة الدفاع عن الرئيس المعزول عمر البشير المحامي محمد حسن الأمين، في حديثه لـ(السوداني)، إنه حتى هذه اللحظة -أمس- لا توجد قضية أو تهم وجهت للبشير بشأن مقتل المتظاهرين، واعتبر ما ورد على لسان البشير من مصادر نيابية بشأن استجوابه حديث مقصود به إثارة زوبعة إعلامية.
ويتفق عضو هيئة الدفاع عن البشير المحامي هاشم أبوبكر الجعلي مع ما ذهب إليه رئيس فريق الدفاع محمد الحسن الأمين ويضيف الجعلي في حديثه لـ(السوداني): “قابلنا البشير وقال لنا لم توجه له تهمة بقتل المتظاهرين”؛ غير أن هاشم الجعلي عاد قائلاً حتى وإن صح ذلك فإن البشير كان رئيساً وليس قائداً ميدانياً وبالتالي لا يمكن أن يوجه بقتل أو بضرب المتظاهرين لأن هناك أجهزة مختصة بفض الشغب والتصدي للتظاهرات وغيرها من الأعمال والنشاط غير القانوني والجهات المختصة هي الشرطة في المقام الأول ثم جهاز الأمن.

وبشأن ما إذا كان ذلك تحميل المسؤولية للشرطة والأمن قال الجعلي: “نحن لا نعلم أن هناك تجاوزات وليس كل من قتل بريء أو مظلوم وليس كل متظاهر سلمي كما أنه ليس كل متظاهر يستحق القتل”، ويشير إلى أن هذه المسائل تقدر بظروفها ووقتها وبما يحيط بها من ملابسات والمظاهر، فالمسلح أو المخرب الذي قد يضرم النار أو يعيق حركة المرور بالسلاح أو غيره يجوز التصدي له بالعنف القانوني اللازم لدرء المخاطر التي قد يتسبب فيها، ولذلك فإن حالة التظاهر المعينة والتصدي لها أمور تقدر بقدرها وظروفها ولا يحكمها ضابط واحد والتعامل مع كل حالة يكون وفقا للظروف التي أحاطت بها، فقد يقتل متظاهر مسلح وهذا مشروع أما أي متظاهر سلمي عملية قتله غير مشروعة، لكن منعه من وسائل الشغب الأخرى جائز ومشروع لأن التظاهر الذي لم يؤذن به من السلطات المختصة عمل غير مشروع وغير قانوني والتصدي له بما دون القتل والأذى الجسيم واجب الأجهزة النظامية.

رؤية أخرى
الحديث الذي نُسِبَ للبشير حول توجيه سؤال قتل المتظاهرين لمدير جهاز أمنه السابق الفريق أول صلاح قوش، بظن بعض المراقبين أن محاولة لتنصل البشير عن مسؤوليته الأخلاقية والجنائية حول قتل شهداء ثورة أبريل. ويربط أصحاب هذا الزعم بين حديث البشير والعلاقة المتوترة بينه ومدير الأمن التي برزت للسطح قبل يومين من إعلان لجنته الأمنية عزله والانحياز للثورة، ويعتقدون أن البشير يريد تصفية الحسابات بينه وقوش بجر الأخير للمحاكمة. لكن الخبير القانوني نبيل أديب المحامي، يقول في تعليقه لـ(السوداني) إنه أمر تصعب معرفته ما لم تكن أمامه بينات كاملة، أما من الناحية القانونية يقول أديب إن أوامر الرئيس عندما تكون مخالفة للقانون بشكل واضح لا يجوز استخدامها كمبرر لارتكاب الجريمة أو هو ما يمكن أن يكون دفاع بالنسبة للمرؤوس فقط عندما يكون الفعل نفسه مخالف للقانون. ويلفت أديب إلى أن الأوامر ذاتها ومن أصدرها وكيفية مرورها بين المرؤوسين سيكشف عنها التحري. ويرى أديب أن قتل المتظاهرين كان شائع والطريقة نفسها قاسية وهناك ملثمين وهذا كان معروف بالنسبة للبشير كرئيس وكان يجب عليه التدخل لمنع ذلك لأن في القانون الدولي القائد ليس فقط مسؤولا عن ما يصدر من أوامر وإنما ما يقوم به الجنود.

الشركة الروسية
نهاية نوفمبر من العام الماضي، زار الرئيس السابق البشير روسيا والتقى بالرئيس الروسي فلادمير بوتين، وطلب حماية بلاده من ما سمّاه -التصرفات العدائية الأمريكية – وهو الطلب الذي أثار لغطاً كثيفاً بوسائل الإعلام المحلية والأجنبية، خاصة عقب تسريب مقطع فيديو لجانب من المقابلة حمل حديث البشير مع بوتن وطلبه للحماية الروسية. ومع بداية شهر يناير من العام الجاري، تداول ناشطون صوراً لمن سموهم مرتزقة أجانب يشاركون في التصدي للاحتجاجات إلى جانب قوات الأمن والشرطة وملثمين ومليشيات تتبع لحزب المؤتمر الوطني، وفي العاشر من ذات الشهر ضجت وسائل الإعلام العالمية، بتقرير نشرته صحيفة ” التايمز” البريطانية، تحدث عن التظاهرات السودانية، تحت عنوان “المرتزقة الروس يساعدون في قمع احتجاجات السودان”. وذكرت الصحيفة رؤية مرتزقة روس في العاصمة السودانية الخرطوم أثارت قلقا من محاولة الكرملين دعم نظام عمر البشير. وأشارت “التايمز” إلى أن الصور من الخرطوم ظهرت في وقت يواجه فيه نظام البشير الذي كان يواجه أكبر تحد لحكمه منذ وصوله إلى السلطة قبل 30 عاما. الصحيفة الأكثر شهرة في بريطانيا عن مصادر المعارضة، قالت إن مرتزقة من الروس تابعين لشركة تعهدات أمنية تدعى “واغنر” ناشطون في السودان، ويقدمون الدعم والتدريب العملي لقوات الأمن والاستخبارات السودانية.

معلومات جديدة
ورجحت مصادر عسكرية متطابقة -رفضت ذكر اسمها- فرضية أن تكون الطائرات العسكرية الروسية قامت بالفعل بنقل روس إلى الخرطوم، قد يكونون ساعدوا وشاركوا في التخطيط لقمع التظاهرات مع القوات النظامية. وقالت المصادر لـ(السوداني) إن شركة أمنية روسية تدعى (واغنر) تقع تحت إشراف الرئيس الروسي فلادمير بوتين، تعاقد معها البشير شخصياً، أثناء زيارته لروسيا نهاية فبراير من العام الماضي، وقالت إنها قدمت للبلاد وظلت تعمل تحت إشراف الرئيس المعزول عمر البشير شخصياً. وكشفت المصادر عن منح البشير إمتيازات للشركة للتنقيب عن (الذهب والمعادن الاخرى) في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق والبحر الأحمر، وأشارت إلى أن الشركة ظلت ترسل جنود عسكريون خاصون بها لحمايتها، عبر طائرات عسكرية روسية. وقالت المصادر إن البشير وفي خرق قوي لمنع منح الشركات الأجنبية حق العمل في مخلفات التعدين (الكرتة) منح الشركة الروسية هذا الإمتياز بالعمل في مخلفات التعدين بكل البلاد، في مقابل (الحماية) وكشفت عن إعتراض مدير جهاز الأمن السابق الفريق أول صلاح قوش على عمل الشركة وأضافت: “عندما عاد الفريق قوش للعمل برئاسة جهاز الأمن في فبراير عام 2018 وجد الشركة الروسية تعمل وأصدر أوامر بتحجيم عملها بالبلاد”، وقالت إن الشركة ظلت تهدد المؤسسات الوطنية بما فيها تلك الخاصة بالتعدين والموارد الطبيعية بالاتصال بالبشير، في حال عدم إعطائها ما تريد.

الخرطوم: عبد الباسط ادريس
صحيفة السوداني