تحقيقات وتقارير

اختفاء نحو مليار دولار .. كشف تفاصيل فساد صادمة عن الحكومة الالكترونية

*ماهي علاقة شقيق الرئيس المخلوع وقيادي نافذ في النظام البائد بمشروع الحكومة الإلكترونية ؟

*لماذا قضى الرجلان ست أشهر في المملكة العربية السعودية على حساب ذات الشركة التي من المفترض أن تنفذ عقد الاتفاق وربط شبكات الحكومة ؟

 

*هؤلا (… ) مثلوا دور السماسرة وكسبوا ملايين الدولارات

*عقد اتفاق مع رجل أعمال سعودي قيمته نحو مليار دولار لتأسيس الحكومة الإلكترونية في العام 2010 .

 

*رئاسة الوزراء تسلمت المبلغ المتبقي بعد خصم العمولة لكن الحكومة الإلكترونية لم تنفذ

*ظهور اسم شركة وطنية في المراسلات ولم تكن طرفا في العملية

 

كثيرا ما كان نافذون في النظام البائد يطلقون الوعود الحالمة بتأسيس حكومة إلكترونية تسهل عملية تقديم الخدمة للمواطن وتضبط حركة المال العام وانسيابه في الخزانة العامة وتحد من الفساد الذي استشرى في جسد النظام . لكن الوعود كانت كسراب بقيعة تتلاشى بمجرد وضع المسؤول الميكروفون المنضدة ومغادرة المنصة.

رجل أعمال سعودي بواسطة آخر سوداني حاولا تحقيق الحلم عبر منحة تبلغ نحو مليار دولار في العام 2010 رصدت لتأسيس الحكومة الإلكترونية لم يشترط صاحب المنحة على السودان غير أن تقوم شركة هواوي للاتصالات بتأسيس الحكومة وتوصيل الشبكات اللازمة لقيامها لربط كل أجزاء البلاد شمالها وشرقها وغربها وجنوبها – قبل الإنفصال – بوسطها .

 

 

كانت الخرطوم تبتسم في وجه رجل الأعمال السوداني الذي زف الخبر للمسؤولين في مجلس الوزراء وبالطبع القصر الجمهوري وكانت تلك بشارة ضمن بشريات السلام في تلك الأيام قبل أن ينقض عليها الفاسدون ويجهضوا الفرحة بمثلما حولوا فرح سلام نيفاشا إلى حزن عميق .

تعددت أشكال الفساد في العهد البائد فلم يترك النظام في خلال الثلاثين عاما ذنبا إلا اقترفته لم يكن الفساد الذي لحق بمنحة الحكومة الإلكترونية عبارة عن اختفاء تلك الأموال الضخمة فحسب بل ظهرت فيها أنواعا جديدة من أنواع السمسرة من قبل نافذة واقربائهم وأصدقائه فهي لم تسلم يد بيد إلى رئاسة مجلس الوزراء الجهة المسؤولة عن متابعة تنفيذ مشروع للحكومة الالكترونية لكنها سلمت عبر شركة خاصة حتى تجد مبررا لما ستسلمه من أموال تخصم من القيمة الكلية التي كانت قرابة المليار دولار لكنها وصلت إلى خزانة الدولة منها 800 مليون دولار فقط .

 

حسنا . إذن أين ذهبت بقية الأموال ؟ الإجابة على هذا السؤال حملته المستندات التي تحصلت عليها (الجريدة ) فعقد الاتفاق مع الشركة المنفذة أقر أن المبلغ أكثر من 979 مليون دولار لكن الخطابات التي صدرت من وزارة مجلس الوزراء تقول انها تسلمت 800 مليون دولار فقط فقد ظهر رجلان من أصحاب النفوذ في النظام البائد مثلوا أبطال قصة الفساد هذه واجادوا دور السمسار الحكومي وأخذوا نصيبهم من تلك الأموال التي كانت من المفترض أن تقيم حكومة الكترونية تربط كل أنحاء السودان عبر الشبكة الالكترونية .

العرض الأول للمنحة كان في الأصل مقدم بواسطة شركة هواوي السعودية وحسب الخطاب الذي تحصلت عليه الجريدة فإن شركة هواوي السعودية طلبت من رئاسة مجلس الوزراء والذي كان على دفته القيادي النافذ في النظام البائد كمال عبداللطيف أن تنفذ مشروع الحكومة الإلكترونية المطروح من عدد من الوزارات والهيئات الحكومية مقابل مساعدة السودان في تمويل المشروع بكلفة إجمالية تبلغ 800 مليون دولار أمريكي حيث يتم التنفيذ على أربعة مراحل إلى أن يتم ربط السودان بالكامل بالشبكة الإلكترونية لجميع الوزارات والهيئات الحكومية. .

 

وفي خطاب آخر ممهور بتوقيع مدير الإدارة العامة للتعاون المالي الدولي بوزارة المالية والاقتصاد الوطني رد فيها على خطاب شركة هواوي بالموافقة على تنفيذ المشروع وطلب من الشركة تسليم المنحة موضحا أن التكلفة الإجمالية للمشروع تبلغ 979.48.690 دولار أمريكي على أن تقوم شركة هواوي السعودية بتنفيذ المشروع .

بعدها قامت شركة هواوي بالدفع بطلب آخر إلى سفارة المملكة العربية السعودية بالخرطوم بمنح تأشيرات دخول ولمدة ست أشهر لكل من شقيق الرئيس المخلوع علي حسن احمد البشير وعبدالباسط حمزة وهو قيادي نافذ في النظام البائد وشخص يدعى محمد الهامي أحمد حسن لزيارة مقر الشركة الرئيسي بالسعودية على أن تتولى شركة هواوي المسؤولية كاملة للضيوف هناك .

 

وبعد مراجعة المستندات والمكاتبات حول المبلغ اتضح أن هنالك تضارب كبير في المبلغين المذكورين في خطابي شركة هواوي ووزارة المالية والاقتصاد الوطني وكذلك المبلغ الوارد في عقد الاتفاق مع المبلغ المذكور في خطاب شركة هواوي لرئاسة مجلس الوزراء.

الرجلان – علي البشير وعبدالباسط حمزة – حسب المستندات مثلا شركة وطنية أخرى ظهرت في الأوراق والمكاتبات الخاصة بالمنحة فهي مكاتبات ظلت طيلة الفترة من 2007 وحتى 2010 تتبادل ما بين الخرطوم والرياض فظهرا أيضا في عقد الاتفاق كشهود ثم طلبا تأشيرة سفر إلى المملكة العربية السعودية تم التصديق بها من قبل سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الخرطوم . لكن ما الذي حدث في الرياض بين رجل الأعمال السعودي وبينهما ظل في طي الكتمان ولا أحد يعلم بالصفقة التي تمت هناك فقط أثبتت المستندات أن الرجلين أخذا نصيبهما من تلك المنحة وصمت عن بقية التفاصيل .

 

الشركة التي مثلها الرجلان لا علاقة لها بعقد الاتفاق ولا بتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية لكنها ظهرت ممثلة لحكومة السودان في الصفقة دونما أي صفة رسمية إلا بصفة علاقة الدم برأس الدولة حينها حيث لا أحد يستطيع أن يتحدث أو يجهر بالحق في تلك الفترة خاصة وأن الصحف محرم عليها الحديث أو التعليق عن أفعال الذات الرئاسية واقربائه والنافذين المقربين منه . بدليل أن هذه الوقائع محل التحقيق حدثت منذ العام 2007 وانتهت حلقاتها المحكمة في العام 2010 ثم انتهت الى الا شيء واختفت أموال تقدر بنحو مليار دولار دفع ثمنها الشعب السوداني بالوقوف في صفوف انتظار تقديم الخدمة بالساعات الطويلة بينما يتنعم أصحاب النفوذ بالأموال التي كانت من المفترض أن تخصص لصالح راحة المواطن.

 

مجلس الوزراء تسلم بقية المبلغ بعد خصم أموال مقدرة منه لصالح السماسرة ثم اختفت هذه الموال أيضا ولم تخصص فيما منحت له لم يقم بالطبع مشروع الحكومة الإلكترونية ولم تظهر هذه الأموال في أي بند من البنود ولم يتحدث عنها أي مسؤول لكن ظلت المستندات ثبت حق المواطن الذي سلب بدون وجه حق . غير أن شركات أنشأت خصيصا لتلعب دور السمسار في أي منحة وقرض لصالح نافذين في النظام البائد كانوا يمارسون السرقة في أبشع صورها ويحللون أكل المال العام بالباطل ويعتبرونه حق مكتسب لا يبذلون فيه أي جهد غير الصعود على متن الطائرات الفخمة في درجة رجال الأعمال ويقضون ساعات ثم يعودون بملايين الدولارات لصالح شركاتهم هذه التي تتمتع مع تلك المزايا بالإعفاء من الضرائب والجمارك وربما الزكاة.

 

 

 

تقرير : علي الدالي
الخرطوم : (صحيفة الجريدة)