استشارات و فتاوي

ما هو حكم الإنتماء للأحزاب الداعية للعلمانية؟


حكم الإنتماء للأحزاب الداعية للعلمانية

*السؤال
هل الذي يعتقد أن العلمانية هي الأصلح للبلد ويناصرها وهو يعلم أن الأسلام لايتبناها هل يكفر الذي يعتقد العلمانية ويناصرها؟

*الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
فالعلمانية كلمة قصد بها واضعوها معنىً لا يتفق مع تعاليم الإسلام وهو فصل الدين عن الحياة؛ بمعنى أن يكون الدين قاصراً على شعائر التعبد التي تقام في مكان معين – المسجد المنزل- ولا علاقة له بعد ذلك بالحياة – سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو تعليمية – بل يسوس الناس حياتهم بما يحقق مصالحهم وفق ما يرون، دون تدخُّل من الدين أو تقيُّد بأحكامه، ولا ريب أن هذا المعنى باطل يغني بطلانه عن إبطاله؛ لأن كل من قرأ القرآن يعلم أن أطول آياته – آية المداينة – ما تكلمت عن الشعائر بل عن المال والديون، وأن أطول سور القرآن – سورة البقرة – فيها حديث عن القتال والجهاد والقصاص والنكاح والطلاق والعدة والنفقة والمتعة والرجعة والإيلاء والصداق والربا والصرف والبيوع كما أن فيها حديثاً عن الطهارة والصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة؛ فالإسلام كلٌ لا يتجزأ، ومن يدعو إلى العلمانية فإن حقيقة دعوته تنحية آيات كثيرة من القرآن بل سوراً كاملة عن العمل، وإبطال مفعولها، وعدم الاعتراف بسيادتها؛ مما عبر عنه بعضهم بقوله: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله!!! وقول آخرين: لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين!! فتحقق في هؤلاء قول ربنا سبحانه ((أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون)) وقوله سبحانه ((كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ. فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ))
ولئن ساغت العلمانية في بلاد أوروبا لأن النصرانية محرفة، ولأن رجال الدين سيطروا على عقول الناس وقلوبهم؛ وحاربوا العلم والعلماء حرباً لا هوادة فيها؛ ولأن النصرانية لا تتضمن نظاماً متكاملاً عن الحياة؛ فإنها لا تسوغ في مجتمعات المسلمين بحال؛ لأن الإسلام دين شامل متكامل يستغرق قضايا الدنيا والآخرة، ويلبي مطالب الروح والجسد، ونصوصه الكلية تندرج تحتها من أحكام الجزئيات ما لا يتناهى كما قال ربنا سبحانه {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} وخلاصة القول أن العلمانية لا تتفق وأصول الإسلام؛ لأنها قاضية بإقصاء الدين عن مجالات شتى الحياة، وهو ما لا يتفق وطبيعة الدين وتعاليمه.
ولا يجوز لمسلم أن ينتسب إلى حزب يعلن في برنامجه معاداة الشريعة أو الدعوة إلى علمانية الدولة، أو يتبنى من الوسائل والأساليب ما فيه محادة لله ورسوله، أو إلحاق الأذى بجمهور المسلمين؛ لأن ذلك كله من قبيل التعاون على الشر والتعاضد على البغي، وقد أوجب علينا ربنا سبحانه التعاون على البر والتقوى ونهانا عن التعاون على الإثم والعدوان؛ فقال سبحانه ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)). ولا مانع من أن يتعاون المسلم مع أي حزب أو جماعة أو أفراد على البر والتقوى؛ إذ لا يشترط في التعاون على البر والتقوى أن يكون مع مسلم صالح ملتزم، بل قد يكون مع كافر أو فاسق؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من شهوده حلف الفضول قبل البعثة، وقوله بعدها {لقد شهدت في دار ابن جدعان حلفاً ما يسرني أن لي به حمر النعم، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت} فقد يستفاد من الكافر أو الفاسق في إحقاق حق أو إبطال باطل؛ كما دلت على ذلك نصوص القرآن والسنة؛ كقوله تعالى على لسان كفار مدين في خطابهم لنبيهم شعيب عليه السلام ((ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز)) فاستفاد شعيب عليه السلام من قومه الكفار في دفع أذى الكفار، وكذلك ما سعى في نقض الصحيفة الظالمة إلا كفار من أمثال المطعم بن عدي، والمقصود من الجواب التفريق بين الانتماء والتعاون، والله تعالى أعلم.

د. عبدالحي يوسف


‫2 تعليقات

  1. ما حكم من يفتي بقتل ثلث أو نصف المسلمين اذا طالبوا باسقاط حاكم فاسد؟

  2. ما اجبت على سؤال السائل وهو
    هل يكفر من انتمى الى حزب علماني
    خليك واضح