رأي ومقالات

رفع الدعم هو أساس التنمية ..قارورة المياه نصف لتر ب ١٠ جنيهات في الخرطوم، ولتر البنزين يباع ب ٧ جنيهات


قبل عام تقريبا انطلق في دولة المغرب قطار البراق ، وهو أسرع قطار في افريقيا ، تصل سرعته إلى ٣٥٠ كلم في الساعة ، نفذته شركة فرنسية ، بتكلفة بلغت ملياري دولار تقريبا بطول ٣٣٠ كلم ، ينقل حوالي ٦ مليون راكب سنويا .

في السودان يتم دعم الوقود و الخبز بما يقارب المليار و سبعمائة مليون دولار سنويا اي ما يقارب تكلفة خط البراق المغربي …
المسافة من بورتسودان إلى الجنينة تساوي تقريبا ٢٢٠٠ كلم ، و المسافة من حلفا إلى كادقلي تساوي ١٧٠٠ كلم ، مجمل المسافة من أقصى شمال السودان إلى أقصى جنوبه الجديد ، و من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب يساوي ٣٩٠٠ كلم تقريبا .
و بحسب تكاليف قطار البراق المغربي فان المبلغ الذي يكفي لبناء قطار سريع بذات المواصفات يربط بين شمال السودان و جنوبه و شرقه إلى غربه يكلف حولي ٢٠ مليار دولار تقريبا ….
هذا المبلغ انفقناه خلال عشر سنوات او اكثر قليلا في دعم الوقود و دقيق الخبز الذي يتم تهريب معظمه إلى دول الجوار، و تترك المعاناة للمواطن لهثا خلف لتر بنزين أو قطعة خبز .

تلك الأموال المهدرة كانت كفيلة بتقليل زمن وصول المواطن أو بضائع الصادر من أقصى غرب دارفور إلى ميناء بورتسودان في سبعة ساعات فقط ، و من كادقلي في أقصى جنوب كردفان إلى ميناء حلفا في خمسة ساعات فقط !!!! . ناهيك عن الفرص الاستثمارية الجديد التي تتوالد حول هذه الخطوط ، و الظروف الجديدة التي يوفرها المشروع للمناطق البعيدة في أقصى غرب دارفور و أقصى جنوب كردفان ! .

تباع قارورة المياه عبوة نصف لتر بمبلغ ١٠ جنيهات في بقالات الخرطوم ، و لتر البنزين يباع ب ٧ جنيهات اي أن سعر الماء في الخرطوم اغلى من الوقود المستورد بنسبة ٣٠٠% ، أي اختلال و اي تشوه للاقتصاد أكثر مما يحدث في أسعار الوقود ؟ .

حكومة البشير كانت تدعم الوقود و الخبز كرشوة لصمت المواطن لاستمراره رئيسا ، لكن اليوم الحكومة ليست في حاجة إلى رشوة من المواطن لأنه أصبح شريكا في وضع سياسات الدولة …
يجب أن نتوقف الحكومة عن الدعم فورا لمصلحة الوفرة و فك الاختناقات و الصفوف و الزحام . بهذه الاختناقات يضيع زمن المواطن و يقل الإنتاج و تتقهقر البلاد و نظل نستجدي طعامنا من آل سعود و زايد ..
الدعم اليوم يذهب إلى الأغنياء على حساب الفقراء ، وإلى جيوب حفنة من السماسرة و المسئولين و المهربين على حساب التنمية و رفع الإنتاج و الصادر ، في لقاء مع قوش قال أن سفينة الوقود في كمبالا تربح ٥٠ الف دولار و في الخرطوم تربح أكثر من مليون دولار ، و كلنا بعرف اين تذهب هذه الفوائد و الأرباح !! .
استدليت بقطار البراق المغربي لابرهن حجم الأموال التي تهدرها البلاد في دعم سلع لا تستطيع أن تدعمها حتى دول العالم الأول ناهيك عن دولة تستجدي الطعام من الخليج مثل السودان ، حجم أموال ألدعم كافية لأحداث نقلة نوعية في اقتصادنا المتهالك .
يجب الإسراع في تكوين المجالس التشريعية لتكون حاضنة سياسية لقرارات الحكومة في الفترة الانتقالية ..
بالنسبة للغذاء يمكن للدولة أن تبحث بديلا مناسبا القمح ، يمكن دعم انتاج الذرة و الدخن و القمح بتوزيع تقاوي محسنة مجانا للمزارعين أو بأسعار مخفضة تعمل على توفر المنجات الزراعية بأسعار في متناول يد المواطن البسيط .
رفع الدعم يبدو في غاية الصعوبة في الوقت الراهن نظريا ، لكنه عمليا هو الحل الوحيد لبداية انتشال الاقتصاد إلى رحاب أوسع .

سالم الأمين بشير
كمبالا


‫6 تعليقات

  1. مبروك والله عين العقل و الصواب بارك الله فيك أخى سالم

  2. والله عين الحقيقه واتمنى من العلامه الجديد وزير الماليه والدكتور حمدوك ووزير الطاقه الانتباه الى هذا الامر
    هم اكثر المهنيين فى هذه الحكومه اتمنى لهم التوفيق وزى مقال الرئس الامريكى القرارات الشجاعه ياخذها الرجال الشجعان

  3. أول مظاهرات قامت ضد حكومة البشير كانت بسبب رفع جزئي لدعم الوقود، لو نسيتو نذكركم….
    امشو اتشالقو أرفعو الدعم من الوقود ولا الدقيق واستحملو البجيكم
    الدعم بمشي للأغنياء دي شماعة حاولت الحكومة السابقة تعليق رفع الدعم عليها لكن الدعم بمشي للفقير الما عندو عربية قبل الغني لأن المواصلات هي البترفع سعر الخضار واللحمة واللبن والفول والزيت فما تخمونا إنو الفقير ما عندو عربية

    1. اصلاح شنو؟؟ بعد يرفع الدعم حيبيع ليكم جالون البنزين بي 200,000 جنيه لأنه سعره الحقيقي قريب 3 دولارات ضرب 70,000 يطلع معاكم الجالون بي 200,000 جنيه

      الرغيف سعره العالمي (5) حبات بي دولار … 70,000 تقسيم 5 = 14000 جنيه للرغيفة

      وزير المالية قال سيدعم كل فرد بي 300,000 جنيه وهي تساوي 21 رغيفة

      الماعاجباهو الاسعار دا فليجهز اللساتك من هسع للمظاهرات في يونية 2020 موعد الرفع

  4. كلامك صحيح يا ود كمبالا بس كم هى تكلفة دعم التمرد فى المناطق الثلاثة وما هو المقابل؟

  5. طبعاً لا تتم معالجة أمراض الاقتصاد السوداني إلا بأمور كثيرة ، منها رفع الدعم ولو جزئياً ، ولكن هذا غير مطروح في الوقت الحالي ، لأن غلاء المعيشة هو السبب الأول الذي أشعل الثورة وبالتالى ٱذا ( هبشت ) حكومة حمدوك هذه النقاط فسيثور عليهم دعاة الدعم الذين لا يوجد لديهم حل إلا الثورة ، تماماً كالأطفال الذين ( يحتجون ) على الجوع بالدموع والبكاء والثورة !