حسين خوجلي: إمبراطورية الويسكي والتنانير القصيرة والملمات الخطيرة

ليس هناك شاعر زلزلته هزيمة 5 يونيو 1967 كما زلزلت الشاعر الدبلوماسي المثير للجدل نزار قباني، فقد أخرجته الهزيمة من مخدع الكلمة إلى خندقها. وقد صدم بقصيدته الشهيرة (هوامش على دفتر النكسة) الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، صدم الشعوب والحكام والمؤسسات العتيقة والخطابات العقيمة والجيوش الغثاء ومازال مطلعه الباطش يجلجل في آذان الملايين:
أنعي لكم يا أصدقائي، اللغة القديمة
والكتب القديمة
أنعي لكم…
كلامنا المثقوب، كالأحذية القديمة..
ومفردات العهر، والهجاء، والشتيمة
أنعي لكم..
نهاية الفكر الذي قاد إلى الهزيمة
ومثلما أن الهزيمة أخرست ألسنة شعراء وكتاب الناصرية والقوميين والشعوبيين واليسار المساق في غيبوبة حول هتافيات عبدالناصر التي ما قتلت ذبابة، إلا أنها في ذات الوقت فتحت ينابيع الإلهام والثورة عند نزار وآخرين.
ومن غير هذه القصيدة استمتع المجتمع الثقافي بكتابات الرجل السياسية والفكرية مثلما استمتعوا باشعاره، فكان يرى السبب الحقيقي للهزيمة هو أن واشنطن عاصمة الغرب المادي وموسكو عاصمة الشرق العدمي ( وما هما الا وجهان لعملة واحدة) ، قد اشتريا بثمن بخس عبر مخابراتهما النخب السياسية والثقافية والعسكرية. كما كان شاعرنا يرى أن الهزيمة المريرة نفذتها بإتقان الطلائع المدنية والعسكرية المشتراه وفي مقدمتهم الدبلوماسيين المزيفين العرب.
وللرجل حكاية مشهورة يتسلى بها في مجالسه ساخراً وحزيناً تحت مسمى (امبراطورية الويسكي والتنانير القصيرة ) فهو يرى أن الخمر هي المدخل الأمضى لاكتشاف شرانق العملاء وأن للغرب في ذلك تجارب قديمة معتقة وفاعلة فقد قال الشاهد :
* أنه في أواخر أيام الدولة العباسية والخليفة يترنح والدولة تنها،ر زار أحد كبار الروم بغداد وقد نصب له الخليفة الضعيف مائدة مترعة بما لذْ وطاب. ولأن الضعف يغري بتنازلات عن ثوابت الشريعة فقد قدموا له مع الطعام خمراً فقال لهم ساخراً ولقد اعجبه (الاتيكيت) الجديد: ما دمتم قد تظارفتم بتقديم (بنت الحان) فلماذا لم تقدموا لنا لحم الخنزير ؟ أوجعت الملاحظة الخليفة والوزراء وعلماء السلطان فاضطروا مذعنين للسكوت المذل ولأن السؤال مازال قائماً ( فيجب أن تكون دائماً هنالك إجابة) حينها نهض أبو العيناء الشاعر الظريف الكفيف وقال في صوت هتوف: (لقد وجدنا يا كبير الروم بديلاً عن لحم الخنزير في لحوم الأبقار والابل والأغنام والطير؛ بيد أننا لم نجد بديلاً للخمر). فانفجر المجلس ضاحكاً تارة وباكياً تارة أخرى.
* وكان أحد الثقاة من الزاهدين يقول:
من لطف الخالق الكريم أنه حجب عن صغار الآثام وكبائرها الرائحة، ولو لا هذا اللطف لفرّ الناس من الناس. الإثم الوحيد الذي اتصف بالرائحة والخبل وسقوط الهمة الخمر (أم الكبائر)، فلا تعاقروها فإنها المدخل إلى سقوط القاع وموالاة العدو. فالعاقل قد يفرّط في كل الذي ما بين يديه من ثمين لكنه لا يفرّط في عقله.
* ولنزار قباني الدبلوماسي ملحظ خطير في هذا الأمر فقد رأى أن الفرنجة الذين صاغوا فلسفة الدبلوماسية المعاصرة والتي هي في حقيقتها مجمع مستتر للجواسيس والعملاء والطابور الخامس يكثرون في عواصمنا -ومازالوا- من حفلات الكوكتيل بمناسبة وفي غير مناسبة. وسوقوا هذه العادة لسفاراتنا، فالسفير وزوجته الحسناء يقضون عمرهم ما بين حفلة كوكتيل وأخرى. وبالمثل يقدمون في سفارات العالم العربي والاسلامي كل أنواع النبيذ المعتق والشراب الحرام باعتبار أنه نص دبلوماسي مقدس لا يجوز الخروج عنه أو عليه. ومما شدّ إنتباه الشاعر حرص السفراء الأجانب على تدريب النادل في كيفية تقديم الخمور، وحرصهم على توثيق الذين يشربون وتوثيق سيقان الزوجات، وملابسهن غير المحتشمة ورقصاتهن وهن في أحضان الاغيار حين تمهس الموسيقى الخافتة وتزبل الأضواء، بمصور فتوغرافي وتلفزيوني حازق وبصير. وبعد نهاية كل احتفال يبدأ صائدو الغافلين في فرز الصور واللقطات للسفير العربي المسلم الذي عبّ من (الوايت ليبل) حتى الثمالة، والزوجة المفاضة الضحكات بتنورة قصيرة وصدر ناهد لا يخاف من مصادمة صدور الخواجات.
* ومن هنا يبدأ التصنيف النهائي فكل سفير عريق أو مبتدئ يعاقرها بحب هو مشروع لكادر عميل أو وزير خارجية جاسوس أو مستشار تحت الطلب. وعبر هذا التصنيف يتسامرون ويتآمرون حيث لا فرق بين مسلم ومسيحي ويهودي وصهيوني وماسوني وشعوبي وعلماني وزنديق. وطبعاً قائمة الهدايا معروفة ومشهورة حساب سري، وعشيقة لجلب الأخبار والمعلومات ولمنح الشهوات، ووعد بوظيفة مرموقة في إحدى المنظمات، وابناء في أرقى الجامعات إنه زمان الاستعمار بالوكالة وتعيين الجواسيس من أبناء جلدتنا في أعلى المناصب دون أن يحتاج السادة لحروب جديدة أو تكاليف أو دماء. إنها (إمبراطورية الويسكي والتنانير القصيرة) التي تدير العالم العربي والاسلامي والأفريقي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. فهل أدركتم الآن سادتي لماذا يُخزن عواصم وأثرياء العرب أموالهم في بنوك الصهاينة بلا رقيب تمهيداً لذبحنا بأموال الربا؟ وهل أدركتم لماذا يُهرَب نفطنا إلى بواخرهم بلا جهاز للترقيم والحساب ؟ وهل أدركتم لماذا تُستباح العواصم بطائرات العدو، وتحطم طائراتنا عند الفجر؟ وهل أدركتم لماذا أُستبيحت بغداد ودمشق ومقديشو وطرابلس والقدس مجاناً لصالح السرقات البليونية وإعادة وحشية الحروب الصلبية؟ وهل أدركتم لماذا هزمتنا الطائرات المسيرة بلا طيار والتي لا يتعدى ثمن الواحدة ألفي دولار؛ ولم تمنعنا من الهزيمة البلايين التي أنفقناها على الأسلحة الخواء والقباب الحديدية؟ وهل أدركتم لماذا أسقطنا عن دساتيرنا دين الأغلبية ولسانها المبين؟ وهل أدركتم لماذا استبدلنا زعامة المصطفى المعصومة بزعامة ماركس وعفلق وجورج واشنطن؟.
* وتتسلل الرسالة المريرة الأخيرة إلى ترامب وبوتين ونيتنياهو عبر واتساب أبو العيناء الجديد ( عفواً يا كبراء الروم لقد وجدنا بديلاً للحم الخنزير في لحوم الأبقار والابل والأغنام والطير بيد أننا لم نجد بديلاً للخمر).
حسين خوجلي







بعد قليل سيقفز إلى هنا ، بعض المعلقين العاطلين عن الفكر ليقول عن الكاتب ما سيحاسب علبه القانون الجنائي من شتائم ونبز وطعن ،،
نحن القراء لسنا في حاجة إلى تضييع زمننا في قراءة الساقط من القول والذي لا يدل على الإنقاذ الذي ينضح منه ! غير أننا في حاجة ماسة إلى قراءة جزل الكلام واللغة الراقية العالية على مثل المقال الآنف !!
تصحيح : لا يدل إلا على الإناء الذي ينضح منه ! (وليس الإنقاذ كما ظهر)
لافض فوك
اول مرة اقرأ لي مقال بتركيز وتمعن
شكرأ لك
رغم عن كل مامضي… لن يحكمنا العلمانيون…
علنا نستفيق من غفوتنا
اااااااه ي ليتك لم تكن اسلامي ي خوجلي
ياليتك أصطبرت علي هوي أمدرمان وغيثارات حقايب الفن …….. هذي نعومت إطلالتك.
ولماذا لاتكتب ياهذا في ايام حكمكم الخوالي والزاهي عندما كان موظفكم في سفارة السودان في امريكا في حانات الرقص مع الحسان ولانسيت
كان يدوهو شامبيون
ومن هنا يبدأ التصنيف النهائي فكل سفير عريق أو مبتدئ يعاقرها بحب هو مشروع لكادر عميل أو وزير خارجية جاسوس أو مستشار تحت الطلب.@
كان الروم يقوموا بالتصنيف
وحتي هذا تركوهو لعملائهم من أبناء اعدائهم نسبه لتفوقهم لتجنيد بني جلدتهم بمال قليل جدا مقارنه بما كان يدفع من الروم…..المراقب والمتفحص يجد اتهامات وشكوك تدور حتي علي بعض رؤساء البلدان العربيه والاسلاميه وعملاتهم ونجد تطور دخول الكوكايين والهيروين والقاصرات وتجاره السلاح وغسل المال بالاف مليارات الدولارات وتجاره المخدرات وتمويل المليشيات للقيام بحروب بالوكالة خدمه لرسولهم ودينهم الجديد وتطور الأمر أغفل بلوف الاقتصاد ومنع الطعام من شعوب ……حلنا نسجد لربنا وناكل ونصدر من ارضنا …. ونعد ونزيد من قوتنا…..ونمكن زعماء اداره اهلنا…ونحارب عدو ربنا….ونحلب حلبا ضخما من عميل عدونا….
لا اله الا الله
سيدنا محمد رسول الله
لا إله إلا الله بها نحيا و عليها نموت و في سبيلها نجاهد و بها نلقى الله
والله كتاااااب ولغه رفيعه وكلمات منمقه ومتسقه فقط الذي يعيبك يا حسين خوجلي انك كنت احد معاول الاسلاميين الهدامه
خليك في الكار بتاعك ولا تخرج منه، بعيدا عن السياسة ، أكيد ده أول مقال أقرأه ويحمل كلمة أدبي – بعد الثورة – لأن كل الكتابات كانت عبارة عن غسيل قذر، وحتي هذه اللحظات بعض الأقلام لم تحترم تاريخها المهني ولم تحترم العقول في خطابها . فالقلم الكفء والمقتدر تصل رسالته لكل الوان الطيف وتلقي الإستحسان حتي من الذي يقف في الطرف الآخر من الأفكار ، وهذا يبدو من تعليقات بعض الأخوة، فهم يرون أنك كويس لكن المشكلة إنك كوز.
عندما يمر العظماء على مجتمعاتهم فانهم يلهمون الناس … ليتك كتبت مقالك ايام كان الولاة يضبطون في نهار رمضان او بين احضان الحسان في الدول المجاورة … ان الذين يؤمنون بافكارهم اكثر مصداقية من الذين يلوذون بها بعيد عن اعين الناس بمبدأ “ﺑﺎﻟﻨﻬﺎﺭ ﻳﺴﺒﺢ ﻭﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ﻳﻀﺒﺢ ”
لن نقول ولن نقول مهما تكالبت علينا الازمات ” بكيت علي عمرو فمات فسرني **** فعاشرت اقوام بكيت علي عمرو
لان عمرونا هو الوضوح والشفافية ومن يمشي في الصحيح لا يحتاج الي مصباح
وكل اناء بما فيه ينضح
العربية جابت كم ؟ لص
بعد اكثر من ثلاثة عقود من دبلوماسية الدقون والسراويل الطويلة التي اقحم السودان في جحر الضب وعش الدبابير فما المانع ان نجرب دبلوماسية الويسكي والتنانير القصيرة عسي ان تكرهوا شيئا فهو خيرا لكم .