تحقيقات وتقارير

تعيين الولاة .. معايير تحاصرها المحاصصة


الحرية والتغيير عقدت أول اجتماع لها لبحث ترشيحات الولاة وأمنت فيه على ترشيح سياسيين وكفاءات لشغل منصب الوالي، كما أنها ناقشت وضع الأسس والمعايير المطلوبة لاختيار الولاة لعدد (18) ولاية، وهل سيكون الوالي من المنطقة نفسها أم من خارجها..

مزج المعايير بالوعي:
قوى الحرية والتغيير ستعقد ورشة عن الحكم المحلي منتصف الأسبوع القادم ستطرح فيها الشق الإداري للولايات كرؤية أخيرة. ومن المتوقع أن تعقد لجنة الترشيحات والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير اجتماعها الثاني لوضع معايير الترشيحات.

ويذهب عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير كمال بولاد في حديثه لـ(السوداني) إلى أن قضية تعيين الولاة من أهم القضايا لأنها مرتبطة بقضايا الحكم المحلي والاتحادي، فضلاً عن قضايا الحرب التي أثرها سالباً في الولايات، موضحاً أن قضايا التنمية وبناء الريف تحتاج لشخصية تحمل صفات ومواصفات خاصة لأي ولاية لأنه يمثل رأس السلطة في الأقاليم المختلفة، موضحاً أن الأمر يتطلب أيضاً الوعى السياسي لأن الأزمة السودانية كاملة وأزمات الولاية يجب أن يكون الوالي عليها يتميز بالخبرة والقدرات والوعي الضروري لمواجهة التعقيدات المرحلية وتأثيرها على الحكم الولائي.

وشدد بولاد على أنه يتطلب من قوى الحرية والتغيير الاهتمام بالمعايير المناسبة لأن قضية الولاة مركزية تمس جوهر الأزمة الوطنية الشاملة، مشيراً إلى أن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لم يناقش حتى الآن المعايير المتكاملة لاختيار الولاة، مبرراً ذلك بأن الأمر أصبح مرتبطاً بقضية السلام خصوصاً بعض الإشارات التي وردت في هذا الخصوص في اتفاق وإعلان جوبا، مؤكداً أن الاختيار السياسي يجب أن ينسجم مع تضمين المعايير الفنية.

وأضاف: الأفضل أن يؤتى بوالٍ يتمتع بقدرات أكاديمية وفنية فقط، ويمتلك العمق والتجربة السياسية التي تؤهله لهذا الموقع ومسؤوليته، مشيراً إلى أن الطريقة التي يتم بها الاختيار في لجنة الترشيحات لقوى الحرية والتغيير فيها قدر من المعقولية، بما يتعلق بالترشيحات من الكتل المختلفة، موضحاً أن طرح الكتل لمرشحين لأي كتلة لولاية يعينها مثلما كان الترشيح لمجلس السيادة، يجب أن تطرح المسألة عند الكتل وتقدم الترشيحات التي يراعى فيها البعد السياسي.

وأوضح بولاد أن التخريب الذي أحدثه النظام البائد خلق حالة ميل للهوية والقبلية والجهوية وكرس لها، مضيفاً أن الواقع يحتاج لوقت طويل لمعالجة الحكم الإقليمي، وتابع: لذلك الوالي لا بد أن يكون من ذوي الخبرات والقدرات والدراية في الإقليم الذي يختار والياً له، وكذلك لا بد من المزج بين المعايير والوعي، وقال” ليس ابن أي منطقة لديه ميول سياسية وكادر حزبي يعتبر صاحب قدرات ويستطيع أن يصبح والياً”.

الصراع السياسي:
وفقاً للوثيقة الدستورية فإن تعيين الولاة يتم من قبل مجلس الوزراء ووفقاً لقوى الحرية والتغيير أنها لا تزال تدرس المعايير وفي ذلك يذهب رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النيلين فتح الرحمن أحمد في حديثه لـ(السوداني) إلى أن تبعية تعيين الولاة لمجلس الوزراء فيها نوع من الخلل لأن النظام السابق كان فيه عدم تنسيق بين المركز والولايات، مشيراً إلى أن اختيار الولاة تحدد فيه مهام تكليفية ومحددة وفي الغالب خدمية.

وأوضح فتح الرحمن أن بعض تصريحات قوى الحرية كانت عن إلغاء منصب المعتمد، ما يضع الولاة في تحدٍ جديد هو أن على الوالي إنجاز ملفات في عدم وجود معتمد والاكتفاء بالمدير التنفيذي، مضيفاً أن الاختيار السياسي فيه بعض المحاذير لأن المعايير يُبنى على جماهير الحزب والأمر الذي يكرس حالة سلبية تغلق الولاية على السياسة وتوجهها بطريقة غير مباشرة استعداداً للانتخابات، مشدداً على أن التعيين يجب أن يتم من أبناء الولايات وفقاً للكفاءة والبعد السياسي، موضحاً أن وضع المعايير بناءً على القدرات الدراسية والسياسة والانتماء التنظيمي فيه تناقضية لأن الحكومة المركزية راعت الكفاءة فقط وبعدت عن المحاصصة الحزبية، متسائلاً كيف يتم إبعاد النظرة السياسية بين الحكومة القومية صاحبة الكفاءات القومي وتسييس حكومة الولايات، قاطعاً بأن الأمر يضع الأقاليم في صراع سياسي لأن المعايير ستضع الإقليم المحدد تحت سيطرة حزب محدد ومناطق نفوذه الحزبية، مشيراً إلى أن المحاصصة ستخلق عدم رضا وقبول شعبي.

الشورى والكفاءة:
ويذهب القيادي بالمؤتمر الشعبي كمال عمر في حديثه لـ(السوداني) إلى أن أول مبدأ يجب أن يكون الوالي منتخباً ومختاراً من قبل جماهير الولاية، موضحاً أن تطور الوعي في الأقاليم أوجد حساً عالياً وحساساً في اختيار الولاة، مضيفاً أن أي احتكارية بدون شورى زعماء القبائل سيجعل الوالي يصطدم بمعارضة شديدة.

وشدد عمر على أنه من باب الحرص على استقرار الفترة الانتقالية لا بد لقوى الحرية والتغيير أن تجري شورى واسعة لكل الفعاليات وأن تختار الشخص المناسب لحل قضايا الولاية وحتى يكسب جماهير الولاية.
وأضاف أن اللجوء للمحاصصة الحزبية أمر معقد خاصة أن الاختيار يكون منسوباً لقوى الحرية والتغيير وربما يوقعها في خطأ لذلك عليها بالمشورة الواسعة وأن لا تنسى عنصر الكفاءة.

الخرطوم: مشاعر أحمد
صحيفة السوداني