تحقيقات وتقارير

علي الحاج والسنوسي ..الاقتراب من أسوار كوبر


وجد القرار الذي أصدرته النيابة الجنائية أمس، والخاص بالقبض في مواجهة القياديين بحزب المؤتمر الشعبي د.علي الحاج وإبراهيم السنوسي، بشأن أدوارهما في انقلاب الإنقاذ 1989م، رواجاً وصدى واسعاً، وعده البعض بأنه أمر طبيعي جداً ومتوقع لجهة أن الانقلاب ، يعد الجريمة الأولى التي ترتب عليها كل الجرائم الأخرى الموجهة ضد رموز النظام السابق من حيازة النقد الأجنبي وإشعال الحروب والاغتيالات ونهب البلاد وغيرها من الجرائم التي يرى العديد من السودانيين أنها تأتي لاحقة لجريمة المشاركة والتنفيذ في انقلاب يونيو 89، ولما مثله من انتهاك للنظام الديمقراطي وإفساد للحياة السياسية.

تسليم المتهمين

وبحسب منسق اللجنة القانونية بتنسيقية قوى الحرية والتغيير، محمد حسن عربي إن النيابة خاطبت إدارة السجون لتسليم (البشير وعلي عثمان ونافع وعوض الجاز) للتحري في ذات القضية، وقال عربي في تعميم صحفي أمس، إن النيابة الجنائية واصلت إجراءات البلاغ المدون ضد مدبري ومنفذى انقلاب 30 يونيو 1989، تحت إشراف وكيل النيابة أحمد النور الحلا، معلناً مخاطبة سلطات السجون لتسليم المتهمين.. وكشف عربي عن إصدار أوامر قبض فى مواجهة كل أعضاء مجلس قيادة انقلاب الإنقاذ العسكريين، وأشار إلى صدور أوامر قبض بحق أعضاء مجلس قيادة انقلاب الإنقاذ المدنيين (على الحاج محمد وإبراهيم السنوسى) وقال إن القبض لم يتم حتى الآن، منوهاً إلى أن النيابة الجنائية أصدرت أمراً بحظر سفر كل المتهمين في البلاغ.

تأخر كثيراً

وسبق أن ألقت السلطات القبض على المتهم يوسف عبد الفتاح الشهير بـ(رامبو) وحبسه بعد التحري معه بسجن كوبر على ذمة المشاركة في الانقلاب، مراقبون وصفوا الخطوة بأنها تعد القضية التي تباطأت قوى الثورة في تقديمها، ويرون أن تنفيذ مثل تلك الإجراءات يعد بمثابة الدرع الواقي ويشكل حماية كافية لكبح جماح الثورة المضادة، وإنها تحذير للثورة المضادة من الانقضاض على السلطة والإطاحة بالنظام السياسي، معتبرين العملية الانقلابية فعل تسبب في الإخلال بالدستور وعمل على تقويض النظام الديمقراطي، وبالتالي يعد فعلاً جنائياً، وأنه تأخر كثيراً وكان يجب تقديمه على كل القضايا الحالية خاصة الموجهة تجاه الرئيس المعزول عمر البشير الذي يحاكم بتهم مثل حيازة النقد الأجنبي التي يعتبرها الشارع قضايا هامشية إن لم تكن انصرافية، مقارنةً مع تهمة تنفيذ الانقلاب على نظام ديمقراطي وتقويض النظام الدستوري.

الإعدام

ووصف الخبير القانوني المعز حضرة القرار بالسليم، وأكد أن من صدر بحقهم أمر التوقيف لم ينكروا ذلك، وقال حضرة لـ(آخرلحظة) إن ما ارتكبوه من شاركوا في انقلاب 89 يحاكم عليه القانون في وقتها وفي الوقت الحالي، وتوقع حضرة أن تصل العقوبة التي ستوجه إليهم حد الإعدام ومصادرة أموالهم، وعزا الخطوة للحد ولقفل باب الانقلابات لكل من له النية مستقبلاً، وأكد استمرارهم في العمل بصدور أمر القبض تجاه كل من شارك في انقلاب الإنقاذ من العسكريين والمدنيين.

توسيع الخصومة

فيما يرى أستاذ العلوم السياسية د. راشد التجاني، أن الخطوة توسع من دائرة الخصومة السياسية لحكومة الفترة الانتقالية التي تحتاج إلى قدر كبير من الوفاق والاستقرار لإنجاز مهامها بتحقيق رغبات الشارع والثورة بالمشروعات الملموسة أكثر من التركيز على العقاب والصراعات، وبالتالي تجعل دورة الحياة السياسية تدور في فلك الماضي بإتباع أخطاء السياسيين، وقال التجاني لـ(آخرلحظة) إن توسعة المشاركة لن ينحصر على منفذي انقلاب 89 فحسب بل بإضافة خصوم سياسيين شاركوا في انقلاب 1969م الذين سبق وأن طالبت قيادات من حزب المؤتمر الشعبي الذين صدر أمر القبض بحقهم بمحاكمة ومحاسبة منفذي انقلاب مايو 1969م، وتوقع حال وصول القرار لمراحل التنفيذ قد يجد من صدر بحقهم تلك القرارات أمام خيارات ضيقة، مما يجعلهم في مواجهة السلطة بصورة عنيفة قد تصل لتدبير الانقلابات مجدداً.

عظة وعبرة

وأبدى العديد من المراقبين اعجابهم بالخطوة لجهة أنها تمثل حماية للبلاد وخاصة الحياة السياسية من أي انقلابات مستقبلية، مطالبين بأن يشمل القرار لاحقاً المتهمين في انقلاب 1969م والذين ما يزال الكثير منهم على قيد الحياة، ليكونوا عظة وعبرة لكل من يفكر في الاستيلاء على السلطة في عتمة الظلام بعيداً عن الوسائل المعلومة والمتعارف عليها (صناديق الانتخابات).

تقرير : عمر دمباي
الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)