تحقيقات وتقارير

من بروكسل .. ملامح سودان جديد وشعب مُتسامِح


كثير من التفاؤل بسودان جديد لما بعد ثورة ديسمبر المجيدة تبدو ملامحه واضحة بقبول وانفتاح ملحوظ من قبل المجتمع الدولي عامة والاتحاد الأوربي والدول الثماني والعشرين المنضوية تحت لوائه على وجه الخصوص، وذلك في أعقاب زيارة مهمة قام بها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك ووفده المرافق من الوزراء والخبراء للعاصمة البلجيكية بروكسل بداية الأسبوع المنصرم، تلبية لدعوة مختلفة قدمتها له المفوضية الأوروبية للمشاركة في الاجتماع الدوري لمجلس وزراء دول الاتحاد الأوروبي وتقديم تنوير يعد نادراً لدولة غير عضو أمام المجلس الوزاري ذراع الاتحاد الأوروبي التنفيذي. جملة من اللقاءات المهمة بين رئيس الوزراء حمدوك ورئاسة مفوضية الاتحاد الأوروبي والمجلس والبرلمان وأخرى ثنائية مع آليات الاتحاد الأوروبي التأمت، وعكست الاهتمام الأوروبي الكبير بالتغيير الذي حدث في السودان.

اللقاءات تمت بشكل مكثف طوال فترة الزيارة التي استغرقت يومين، فضلاً عن لقاء تلاحم كان مسرحه إحدى القاعات الفخيمة ببروكسل بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وعدد كبير من الجاليات السودانية بالدول الأوروبية بتنسيق غير مسبوق ويحدث لأول مرة منذ عشرات السنين بين السفارة السودانية ببروكسل والجاليات السودانية بالدول الأوروبية، وضع حمدوك عبره الجالية في صورة سودان ما بعد الثورة.

الأولويات على المائدة الأوروبية

في كل اللقاءات المغلقة مع المجلس الوزاري الأوروبي والآليات الأخرى التابعة له والمفتوحة مع البرلمان الأوروبي أوضح حمدوك أولويات حكومته العشر المتمثلة في السلام وإطفاء نار الحرب والإصلاح الاقتصادي وتحقيق العدالة وإعادة هيكلة الدولة وإتباع سياسة خارجية متوازنة تمجد مصالح السودان وتبتعد عن المحاور، وألمح للتحديات التي يمثل خروج السودان من قائمة الدول المارقة وارتفاع الأسعار وغيرها أبرزها، ووجدت تنويرات حمدوك تجاوباً كبيراً من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي وأعضاء البرلمان الأوروبى وطرح عليه الوزراء وأعضاء البرلمان في اللقاءات جملة من المداخلات والاستفسارات قابلها حمدوك بالردود المقنعة واضعاً النقاط فوق الحروف.

استقبال محترم

ما إن حطت طائرة الدكتور عبد الله حمدوك على مطار بروكسل الدولي؛ إلا وكان عدد من كبار المسئولين في المفوضية الأوروبية وكل طاقم السفارة يتقدمهم القائم بالأعمال الوزير المفوض حامد الجزولي والمستشارة النشطة مي إبراهيم حسن في مقدمة مستقبليه، رغم أن الزيارة تزامنت مع عطلة رسمية في كل أنحاء بلجيكا مقر الاتحاد الأوروبي بالعيد الوطني للمملكة.. أسطول كبير من العربات الفخمة تتوسطه عربة مصفحة أقلت رئيس الوزراء ووفده المرافق تتقدمه سارينا قوامها أربعة من كبار موظفي تأمين وحماية الشخصيات المهمة إلى مقر إقامته بفندق وسط بروكسل.

شموخ علم

في حدث لقي حظه بسرعة البرق انتشاراً في السوشيال ميديا، رفعت المفوضية الأوروبية علم السودان بألوانه الزاهية على ساريتها مرفرفاً فى سماء بروكسل مع علم الاتحاد، وذلك قبيل اللقاء النادر الذي جمع رئيس الوزراء مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بحضور الممثلة السامية للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية للاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني التي استقبلت حمدوك بترحاب كبير واصطحبته للقاعة الخاصة باللقاء المغلق مع الوزراء.

رفع العلم السوداني كان حدثاً استثنائياً يحدث لأول مرة يعكس مدى الاهتمام الدولي بالتغيير الذي حدث والسودان الجديد المرتجى.

تلاحم مختلف

ما أن تحدد بشكل قاطع موعد زيارة رئيس الوزراء إلى بروكسل بدعوة خاصة من الاتحاد الأوروبي لبروكسل، إلا وتداعت كل جاليات السودان بالدول الأوروبية للتجمع والالتقاء برئيس الوزراء عبد الله بتنسيق يتم لأول مرة بينهم والسفارة السودانية التي كانت في السابق مكاناً للتظاهرات المنددة بالفظائع التى ارتكبها النظام السابق والمطالبة بإسقاطه، كما أكد لي كل من سألته من الأعزاء في الجالية الذين حرصوا على اللقاء، الجميع أجمع على أن التنسيق واللقاء بداية لمرحلة جديدة يطالبون فيها السفارة بأن تكون مكاناً لخدمتهم وخدمة الوطن وليس الأنظمة.

ببيت السودان الكل هناك

أقام القائم بالأعمال في بروكسل الوزير المفوض حامد الجزولي مأدبة عشاء بمنزله (بيت السودان) الكائن خارج مدينة بروكسل بأحد الأحياء الراقية، بكرم سوداني باذخ على شرف الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء ووفده المرافق حضرها لفيف نوعي من أبناء السودان بالمهجر الأوروبي منهم الأطباء والإعلاميون والسياسيون حتى الفنانون والأدباء، فكانت لمة سودانية خالصة قصرت المسافات ووأدت الخلافات التي أقعدت بالسودان وخرج الكل ينشد سودان بكرة الأجمل.

فريق واحد

خلافاً لما كان متبعاً فى السابق اصطحب رئيس الوزراء عدداً من الصحفيين هم شخصي من “الصيحة” والأستاذ محمد عبد العزيز “السوداني” والأستاذة أمانى مرحوم من الإذاعة السودانية بجانب الزملاء الأستاذ مستور والمهندس التقني المصور البارع عمر محمد الحسن ومحمد عبد الرحيم من وكالة السودان للأنباء والأستاذ عمر من مجلس الوزراء.. شكل الجميع فريقاً واحداً للعمل فكان الجميع عند الموعد التقاطاً للخبر ودحضاً للشائعات في ذات الوقت

العربي في البرلمان الأوروبي.

ربما تكون المرة الأولى أن تتم ترجمة خطاب رئيس مجلس الوزراء ورئيس البرلمان الأوروبي ورؤساء اللجنتين الخارجية والتنمية ومداخلات الأعضاء واستفساراتهم باللغة العربية داخل البرلمان الأوروبي، وذلك بجهد وعلاقات السفارة لتصبح عدد اللغات التي عبرها تم تسجيل الجلسة المختلفة أربع هي الفرنسية (اللغة الرسمية) والهولندية والإنجليزية والعربية، الأمر الذي سهل على الإعلاميين نقل الأخبار بالسرعة والدقة المطلوبة.

تقرير : مريم أبشر
الخرطوم (صحيفة الصحة)