محمد عبد الماجد

(الدولة) كانت مثل (عجلة الإيجار)


(1)
بدأت بعض التسريبات والحملات الممنهجة تشتعل هذه الايام ، لتشويه الثورة ، واظهار الحكومة الانتقالية بشكلية تدعو للاسف والحسرة.
اشاعة مثل هذا (الاحباط) ، والتمثّل بالوضع الاقتصادي وغلاء الاسعار وازمة المواصلات وشدة الزحام يجب ألا يجعلنا ننسى النعمة التي نحن فيها الآن والبلاد تنعم بالحريات وتنشد المدنية وتعمل من اجل غد مشرق باذن الله وتوفيقه.
كل هذه الاشياء سببها عدم اكتمال الثورة بالصورة المثلى – اذ ما زالت الكثير من المواقع والنفوس لم تصلها (الثورة) بعد… علينا ان نكمل سقوط النظام البائد قبل ان نبحث عن وقوف النظام الجديد.
لا تجعلوا اليأس يتسلل بين جوانحكم ، حد ان يخرج المؤتمر الوطني تصريحات يرفض فيها الاقصاء والتمكين – هذا شيء قد يقودنا الى (وداونـــي بـالـتـي كــانــت هــــي الــــداءُ).
اوقفوا هذه الروح الانهزامية وجففوا تلك الطاقة السلبية ، وحافظوا على ثوريتكم السلمية ، وتخلصوا من جرثومة (الدولة العميقة) الكامنة في كل مفاصل الدولة.
اتركوا التنظير ،والندوات السياسية و(البوستات) المحبطة، وانطلقوا الى ساحات الثورة الرحيبة – هذه الثورة صنعها (الشباب) ، فلا تتغولوا على روحهم وألسنتهم لتصوروا الواقع بذلك الحال المزري.
هذه الثورة ثورة منطلقة وثورة شابة لا تعقدوها في صوالين حُجركم قصيرة النظر.
(2)
ورث هذا النظام دولة مفككة – بالية ، دولة لم يبق منها شيء غير (حروف النصب) – دولة دمروا مشروعها الزراعي – مشروع الجزيرة والذي كان يعتبر المجسد الفعلي لمقولة السودان سلة غذاء العالم.
دولة هدوا شريانها المتمثل في السكة الحديد ، لصالح شركات نقل خاصة تربط بين الخرطوم وعطبرة وعطبرة وبورتسودان… ثم كان تخليصهم على الخطوط الجوية السودانية لاجل شركات طيران خاصة يتنفع بها بعض قيادات الحزب الحاكم… استلموا السلطة والسودان يمتلك (26) طائرة ، لم يبق منهم غير طائرتين معطلتين ، احداهما مفقودة في اوكرانيا والاخرى في عداد المفقودين.
تحققت الثورة بعد ان تلاشت دولة السودان – اذ كانت الدولة اشبه بـ (عجلة الإيجار) ، وهم على امتداد ثلاثين عاماً يتبادلون فيها الركوب والإيجار لصالح جيوب الافراد.
باعوا ممتلكات النقل النهري وباعوا الميناء البري لمنفعة شخصية ، ولم يسلم منهم بعد ذلك لا نهر ولا بحر… اذ استثمروا لذاتهم في شواطئ النيل وفي جزر البحر الاحمر.
استلمت الحكومة الانتقالية دولة راعية للارهاب بسبب نظامها السابق – دولة محاصرة بالديون ومعاقبة اقتصادياً وسياسياً، يلفظ انسانها الكريم من كل المطارات الخارجية.
لقد جاءت الثورة فوجدت الدولة منهكة ومفككة نهبت ثورتها وشردت كوادرها وحاربت مواهبها.
سرقوا ذهبها ونفطها واحتياطي اجيالها القادمة، ليتلفوا (مستقبلها) كما سرقوا (تاريخها) وهم يسرقون شجرة صندل من المتحف القومي للاثار في وضح النهار.
ماذا بقي من دولة حتى اقسام الشرطة في عاصمتها (مرهونة) لمنافعهم التي كانوا يغطوها بشعارات الدين والجهاد والشهادة؟.
علينا ان نعلم ان دولة بهذا الوضع تحتاج الى الصبر والعمل والجد والروح الوثابة لتعود الى سيرتها الاولى.
نحتاج الآن لأن يسقط النظام السابق كليّاً – ليتحقق لهذا الشعب المراد.
(3)
بِغم /
تصريحات ابراهيم غندور التي تجسد (الدولة العميقة) ونشاطه السياسي الاخير ، يذكرني بحال الرجل الذي قرر ان يحوّل (الطابونة) التي يمتلكها الى (عيادة خارجية)، عندما وجد ان ابن منافسه في الحي عاد من الخارج طبيباً.
غندور يتحدث عن الحريات.
غندور يتحدث عن الاقصاء والتمكين.
غندور يتحدث عن وقفات احتجاجية لاعضاء المؤتمر الوطني.
ولا عجب في ذلك فقد كانوا يحدثوننا عن (عدل) عمر بن الخطاب و(زهد) عثمان بن عفان عندما كانوا في الحكم وكانت الدموع ترقرق في اعينهم.

محمد عبدالماجد
القراية ام دق
الانتباهة