بعد الإطاحة بالبشير .. حمى الهجرة تتراجع في السودان
قبل عام واحد من سقوط نظام البشير، بلغت حمى اللوتري وسط المجتمع السوداني ذروتها، حيث انضم إلى قافلة الحالمين بـ”الفردوس الأميركي” أسر بأكملها، بينهم من تجاوز سن الخمسين، في ظاهرة غريبة من نوعها، حيث إنه من المعتاد أن يقبل على مثل هذه الهجرة طبقة الطلاب من سكان المدن في الفترة الواقعة منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول من كل عام وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
وكانت مكاتب مؤقتة متواجدة في البلاد تنشط في استقبال طلبات الحالمين بالسفر إلى أميركا عبر القرعة، في ظل أوضاع اقتصادية متردية، ما زاد ارتفاع معدلات طلبات الهروب من الوضع السيئ وسط الشباب، وأصبح مألوفا سماع أخبار مؤلمة عن غرق الناس في المتوسط أو ضياعهم في الصحراء.
ساعدت تلك المكاتب طلاب الجامعات والشباب الذين لا يمتلكون وسائل اتصال أو لا يعرفون اللغة الإنجليزية بتحقيق الهدف مقابل رسوم مالية، وحشدت مزيداً من الزبائن، حيث كانت تعلق تلك لافتات من القماش في الأسواق الشعبية وتضع ملصقات على أعمدة الإنارة، وعلى جدران المحلات التجارية، والمنازل القديمة في وسط المدينة.
لكن وبعد سبعة أشهر من سقوط البشير عن السلطة في السودان، تغير الوضع كثيراً، حيث تراجعت نسبة الهجرة، وعانت مكاتبها من الكساد وانخفاض عدد المتقدمين، على الرغم من أن الوضع الاقتصادي لم يتغير في البلاد، والأزمات التي أطاحت بنظام البشير مازالت تراوح مكانها، منها التضخم، وارتفاع الدولار، وندرة الخبز والوقود، وتدني الخدمات، والازدحام المروري، إلا أن إزاحة البشير فتحت باب الأمل في التغيير، كما يقول أستاذ اللغة الإنجليزية عبد الله منيل.
وقال منيل: “صحيح لم يتغير شيء، لكن الناس لم تعد متشائمة من المستقبل، وبدأ الأمل يلوح في الأفق”.
وأضاف أن مكتبا كبيرا للهجرة بوسط السوق العربي تلقى في هذا الموسم 50 طلبا، مقابل 150 طلبا في العام الماضي.
شعار الدولة المدنية وتكوين حكومة جديدة من المدنيين منح الأمل للشباب، لكنه لم يمنع (و ع) من التقديم مع ابنها البالغ من العمر 5 سنوات من إعادة المحاولة الثالثة، وقالت لـ”العربية.نت”: “لم يتغير شيء مازالت الوضع على حاله، وبعض الأزمات تتفاقم، أزمة المواصلات وسوء الخدمات في العاصمة الخرطوم لم تعد تحتمل”.
بالمقابل، فإن وصول عبدالله حمدوك إلى سدة رئاسة الوزراء في آب/أغسطس الماضي نزع فتيل أزمة سياسية، كما أن وجود السودان على قائمة الإرهاب الأميركية التي حرمت البلاد من التعامل مع القطاع المصرفي العالمي وتدفق الاستثمارات، وأدت تلك العقوبات إلى عزل السودان عن الأسواق الحيوية.
ورغم اعتماد السودان على شركاء آسيويين مثل الصين، والهند، وماليزيا في تطوير قطاع النفط، فإن انفصال الجنوب وذهاب الواردات النفطية شكل قاصمة ظهر لنظام البشير، فيما يأمل حمدوك في رفع العقوبات الأميركية وعودة تدفق الاستثمارات، وإصلاح القطاع الزراعي والحيواني بإدخال نظام الصناعات التحويلة، اعتمادا على تصنيف السودان على أنه من الدول الفتية، لأن حوالي 60% من مجموع السكان تقل أعمارهم عن 24 عاما.
العربية نت