سياسية

قلق الحُريات الدينية..السودان على قائمة المراقبة الخاصة

أعلنت الخارجية الأمريكية أمس الأول “رفع اسم السودان من اللائحة السوداء حول الحريات الدينية على خلفية قيام الحكومة الانتقالية بخطوات مهمة لمعالجة الانتهاكات المنهجية التي ارتكبها النظام السابق للحرية الدينية”، وأشارت وزارة الخارجية في بيان لها إلى أن القرار قد تم اتخاذه من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، وتم نقل السودان إلى «قائمة المراقبة الخاصة»، على خلفية التقدمات المهمة التي أحرزتها الحكومة الانتقالية السودانية لمعالجة الانتهاكات المستمرة التي ارتكبها النظام السابق للحريات الدينية، على حد تعبير البيان.

وكان السودان هو الدولة الوحيدة التي أزيلت من القائمة السنوية لوزارة الخارجية والتي تضم «البلدان ذات القلق الخاص»، والتي تخضع للعقوبات إذا لم تحمي الحرية الدينية بشكل أفضل.
وتم اعتماد القانون في عام 1998 من أجل الترويج للحريات الدينية كسياسة خارجية أميركية ويسمح للولايات المتحدة باتخاذ تدابير ردا على الانتهاكات التي تتم في هذا الإطار في دول أجنبية، فيما تم وضع السودان على هذه اللائحة في العام 1999م.

لائحة الأرهاب
يُذكر أن الحريات الدينية تقع ضمن “7” شروط لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح أشاد بقرار واشنطن، واصفًا إياه بالخطوة الكبيرة وأنها أهم خطوة لشطب اسم السودان من القائمة السوداء، معتبرًا أن ذلك لم يكن إلا لإرجاع السودانيين خطاباهم الديني إلى ما قبل العام ١٩٨٩م، إذ أن الحريات الدينية وحرية التعبد ظلت مكفولة لكل السودانيين في كل الحقب قبل النظام الانقلابي، وأبان في حديثه أن التجربة المرجوة ستسير على هدي تعزيز الاعتراف بالجميع واحترام وكفالة حقوقههم والتعامل بالحسنى.
وقال مفرح في تصريح لـ(السوداني): “نرحب بالقرار وهو مستحق عملنا في مجال الحريات الدينية السودانيين ما قبل 1989م حيثُ لم يكن هناك إنسان يُحجر على حريته الدينية”.

وأضاف: الحرب في جنوب السودان كانت حرب أهلية مطلبية وجاءت الإنقاذ وحولتها لحرب دينية وعملت على إثارة الكراهية والتضييق في الحريات الدينية، وسجن كل من وقف في وجه مشروعهم الحضاري، لافتًا إلى أنها ضيقت على المسيحيين وأثارت النعرات القبلية والكراهية.

ويقول مفرح إنهم قاموا بمجهود كبير في الشهرين الماضيين حيثُ قاموا بنقلات كبيرة في إطار الحريات الدينية، متمنيًا أن تكون هذه الخطوة إيجابية في طريق رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لافتًا إلى أن “الحُريات الدينية” كانت من الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة لإخراج السودان من القائمة.
التزامات حمدوك
القانوني معز حضرة وصف في حديثه لـ(السوداني): القرار بأنهُ خطوة نحو الأمام فيما يتعلق بملف العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأنها تدل على تفهم الإدارة الأمريكية لوجود تغيير في السودان، متهمًا النظام السابق بتقييد الحريات الدينية وإيقاف تصديق الكنائس.
وأضاف: ربما يمهد هذا القرار ليساعد المؤسسات الأمريكية الأخرى في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، معتبرًا أن القرار مؤشر على أن السودان منفتح على كل الأديان.
من جهته اعتبر الداعية إسماعيل الحكيم في حديثه لـ(السوداني): إن إحدى إيجابيات القرار إفراد مساحة لوجود تقدم في العلاقات بين البلدين، معتبرًا أنهُ أعاد سير العلاقات والتفاوض بين الدولتين لوضع أفضل مما كانت عليه.
وأضاف: ما جاء هذا القار إلا مكافأةً لالتزامات حدوك لواشنطن بدفع تعويضات لضحايا المدمرة كول، مشيرًا إلى أنهُ لا توجد إشكالات دينية في السودان ولم تنشأ على إثره أيّ أنواع من الصراع، وأن حرب الجنوب لم تكن حربا دينية بحتة بقدر ما كانت سياسية، معتبرًا أنهُ كان من الأولى رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.
تضخيم للقضية
من جانبه اعتبر الداعية ناجي مصطفى بدوي أن الملف مسيس وليس دينيًا وأن هناك تضخيما للأمر، مشيرًا إلى أنهُ على مستوى المجتمع السوداني لا توجد مشكلة في الحريات الدينية، واصفًا قضية الحُريات الدينية بالعميقة وكانت موجودة في النظام السابق، والنظام الحالي.
وأضاف: النظام السابق كان يفهم الحُرية الدينية من منطلق الحركة الإسلامية، والحكومة الانتقالية الحالية تفهمها من منطلق اللادينية، معتبرًا أن كلا المنظورين خطأ، وأن الولايات المتحدة الأمريكية تنظر للحريات من المنظور اللاديني.
الأمين العام لهيئة علماء السودان إبرهيم الكاروري اعتبر في حديثه لـ(السوداني) أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست مفوضة حتى تحكم على التصرفات أو أن تكون لها مشروعية حاكمة لتحديد ما هو الخطأ والصواب، مشيرًا إلى أن أمريكا اتخذت العديد من القرارات ولم يكن لها مردود على الواقع الاقتصادي وأنها عندما تتخذ قرارًا فإن ذلك يتماشى مع ما يُحقق مصالحها، مُستدركًا أن أيّ تحسين للعلاقات مع أيّ دولة هم مكسب إيجابي في الإطار العام للقضايا التي لا بد أن تكون بها موازنة.
وحول الحريات الدينية وانتهاكها يرى الكاروري أنهُ لم يكن هناك تضييق حتى يمثل ظاهرة في السودان فالسودان عبر التاريخ لا يوجد دولة تعاملت مع غير المسلمين معاملة إيجابية مثل السودان، لافتا إلى أن التعامل تعامل مجتمع وشعب وليس سلطة.
وأضاف: لا نستطيع أن نُدين أنفسنا تاريخيًا، فالسودان يتعامل بروح وسطية وصوفية مع الجماعات الدينية الأُخرى.
قيد المتابعة
الكاتب الصحفي محمد مصطفى جامع اعتبر في حديثه لـ(السوداني): أنها خطوة جيدة تشير إلى حدوث تقدم في ملف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، فوضع السودان في قائمة الدول المثيرة للقلق بالنسبة للحريات الدينية، مشيرًا إلى أنها جزء من سلسلة كبيرة من العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على السودان بداية من العام 1997م.
وأضاف: وما يزال الملف بحاجة إلى جهد ووقت لأن السودان انتقل إلى اللائحة الوسطى الخاصة بالدول الموضوعة “قيد المتابعة” على ملف الحريات الدينية مثل روسيا وجزر القمر وأوزبكستان.

صحيفة السوداني