مقالات متنوعة

من يحاسب الحكومة؟


حوادث متلاحقة بعضها طبيعي والبعض لا يخلو من الصناعة والتدبير لأغراض محددة، لكن حتى الأحداث المصنوعة لأغراض محددة قد تأتي ساعة فاصلة وتفلت من أيدي الجميع. الحديث هنا ليس عن حدث بعينه، لكن هو المعلوم بالضرورة في وضع هش مثل الذي نعيشه الآن.
الأوضاع في الخرطوم على سوئها –بالنسبة لكثيرين- إلا أن الأوضاع في الولايات بلغت درجة من السوء والتردي ما يحتاج تدخلاً عاجلاً. الولايات باتت أشبه بجزر معزولة من الخرطوم، هذا مرده التلكؤ في تعيين ولاة مدنيين للولايات.

في الوضع الطبيعي يستطيع البرلمان أن يستدعي السلطة التنفيذية ويطرح عليها أسئلة الشارع المتعطشة لإجابات قاطعة واضحة. على سبيل المثال، شهد الأسبوع الماضي أحداثاً دامية في مدينة الجنينة غرب دارفور واختتمت بحادث الطائرة المؤسف الذي راح ضحيته عدد من الأرواح لهم الرحمة، وقبلها شهدت مدينة بورتسودان بشرق السودان ذات الأحداث التي تحمل “فتنة قبلية” عنوانها الرئيسي.

حتى الآن لا أحد يعلم، كيف حدث هذا ولماذا حدث، وما هي الأطراف الرئيسية وهل نتوقع تكراره، ولو أن المجلس التشريعي الذي تلكأ أطراف الاتفاق الدستوري في تشكيله كان موجوداً لكان الوضع مختلف حتى وإن وقعت الخسائر إلا أن توفر الإجابات على الأسئلة الملحة ومحاسبة المسؤولين على التقصير فيما حدث كان بإمكانها أن تضع الأمور في نصابها.

غياب السلطة البرلمانية أمر خطير للغاية، وبشكل خاص في وضع معقد وشائك مثل هذا والأطراف الفاعلة في المشهد كثيرة وارتباطاتها متشابكة. التعجيل بتشكيل البرلمان الانتقالي لا ينبغي أن يتأخر أكثر من ذلك، مسألة المساءلة والمحاسبة كان ينبغي أن تُفعّل منذ أول يوم من تشكيل هذه الحكومة، صحيح أن الشارع الآن هو من يقوم بدور مراقب ومحاسب لكن فعلياً السلطة التنفيذية غير ملتزمة بالإجابة على أسئلة الشارع أو الخضوع لمحاسبته، ولا يُمكن أن يحل محل البرلمان الذي يُلزم السلطة التنفيذية بالوقوف أمامه والاستماع إلى أسئلته ومن ثم محاسبتها.

هل نحن بحاجة على الدوام لتسيير المواكب كل مرة لتذكير الحكومة بكذا وكذا، هل نحن بحاجة دوماً للضغط على الحكومة بمكونيها المدني والعسكري لإنجاز مهامها. إن كان ذلك فهذا الوضع لن يصبر عليه الشارع كثيراً.

غياب جهة تسأل وتحاسب الحكومة يجعلها تعمل كيفما اتفق. وهذا وضع عواقبه خطيرة.

صحيفة الصحافة