رأي ومقالات

حمدي صلاح الدين: (صحيفة السوداني)


قبل نحو عام او يزيد طلب مني الأستاذ ضياء الدين بلال لقاء في مكتبه بصحيفة السوداني ووقتها كنت اكتب للسوداني عمود أسبوعي تحت عنوان (بدون ألوان).

ذهبت في الموعد المحدد و جلسنا في اجتماع مطول. طلب الأستاذ ضياء كان انشاء قسم ل(الإعلام الجديد) بالصحيفة كأول صحيفة سودانية تنشيء قسماً كاملاً منفصلاً للإعلام الجديد.

بعد عدة إجتماعات اتفقنا على تصور للقسم و كان عنوانه الابرز “زيادة هامش الحرية و الهروب من الرقابة المفروضة على النسخة الورقية لنشر أخبار الثورة السودانية ” و هذا ما تم فعلياً.

للأمانة، الصحيفة كانت خلية مساندة للثورة من حيث الاخبار و التقارير و التحقيقات و من مقر الصحيفة و من مقر الاعتصام و من بوابة الصحيفة حيث تعرض كوادرها للاعتقال و الضرب و إطلاق الذخيرة الحية عند بوابة الصحيفة نهارا جهارا ووزير الإعلام الحالي حضور لبعض هذه الوقائع .

الصحيفة كانت “خلية اعلامية” مساندة للثورة بكل ما تحمل الكلمة من معنى و كثير من الأفكار المنقذة خرجت من رحم الصحيفة فمثلاً بعد قطع الانترنت في السودان خرجت فكرة “الندوات المفتوحة” من دهاليز الصحيفة و الناس على ذلك شهود و بادر مدني عباس مدني بتنفيذ الفكرة في القضارف حيث تم اعتقاله و مصادرة الساوند سيستم و الصيوان و الكراسي. و بعدها انتشرت الندوات في الخرطوم و الولايات و نجحت الفكرة كحل بديل لانقطاع الانترنت حيث كان تجمع المهنيين يعتمد على الإنترنت في اصدار بياناته و توجيهاته فغطت الندوات المفتوحة على انقطاع الانترنت بل كانت أعظم اثراً عبر التواصل المباشر بين الثوار و قيادات التجمع.

كنداكات الصحيفة كن يقدن المواكب من قلب الخرطوم. صحفيو السوداني تسيدوا مشهد القنوات الفضائية بكلمة الحق وقت ان عز قولها فكان (الطاهر ساتي / عطاف / ياسر/عمرو شعبان / محمد عبد العزيز) ينقلون نبض الثورة في حين انكفأ إعلام الدولة عن نقله بعد أن اشتدت عليه أدوات القمع.

اعتقد ان قرار إيقاف الصحيفة ل(الاشتباه) قرار معيب . طالما هنالك اشتباه لم العجلة في الاغلاق؟ يمكن فتح تحقيق و تحضير الأدلة و البينات و عرضها قضائياً ثم إعلاميا ً و بعد ذلك وضع معالجة غير الاغلاق لان للاغلاق تداعيات سالبة على مضامين الثورة أولاً و على العاملين بالصحيفة ثانياً.

نقف مع سياسة “تفكيك دولة التمكين” لكن بما يتوفر من ادلة و براهين و اسانيد منطقية مقبولة و بالتأكيد ليس من بينها “الاشتباه”. و اذا ثبت ان الصحيفة تتبع للمؤتمر الوطني فعلياَ فسنكون اول المغادرين لمشهدها لكنا و خلال فترة عملنا فيها و ما تعرضت له الصحيفة من حرب مصادرة و إيقاف اعلانات و رقابة قبلية دليل معنوي على عدم تبعيتها. وان كان للجنة من ادلة مادية فلتبرزها للقضاء و للرأي العام لتقف اللجنة في المنطقة الصحيحة و تبتعد عن الوقوف في المناطق المظلمة.

انا شخصياً “مهني مستقل” و املك قراري و تاريخي يشهد بذلك ففي الثامن عشر من ديسمبر، يوم انطلاقة الثورة بعطبرة، أوقفت برنامجي بالتلفزيون القومي بعد أن بدأت بعض الجهات بوصف الثوار ب(المخربين) ذلك قبل سقوط النظام بخمسة أشهر و أعدت البرنامج بعد التوقيع على الوثيقة الدستورية في أغسطس. و لو لمحت ولو “إملاء” او “نية إملاء” من هذا النوع في صحيفة السوداني لما بقيت فيها للحظة واحدة .

خضت تجربة العمل في السوداني و اشهد ان أحدا لم يمل علي كلمة او نص او صورة أو فيديو. كنت أدير قسم الإعلام الجديد بما درسته على ديسكات الدراسة من مواثيق الشرف الصحفي. ولو وجدت “مضايقة” او “إملاء” لما بقيت في الصحيفة للحظة.

بل على العكس وجدت كل تعاون في نقل تفاصيل الثورة السودانية وفقاً لمواثيق الشرف الصحفي فمثلاَ يوم أحداث الثامن من رمضان كنا في المنازل بعد انتهاء الدوام والافطار الرمضاني على وشك، تواترت أنباء إطلاق الذخيرة الحية و تعذر وصولنا للموقع فحمل مدير التحرير، الأستاذ عطاف محمد مختار ، موبايله و زحف زحفاً نحو نقطة الحدث و مدنا بفيدبوهات نشرناها تباعاً مع اخبار قصيرة وقتها.

اعتقد ان قرار الاغلاق نفسه غير موفق. كان من الممكن أن تجري كل الإجراءات القضائية و الصحيفة تعمل لحين التثبت و توفر الأدلة ثم تتخذ إجراءات بحسب القوانين المنظمة.
حمدي صلاح الدين


‫2 تعليقات

  1. يا أخوي حمدي
    كلامك ده البتقولوا ما بصل لناس طاشمه وكاسات وسجارات الا من رحم الله

  2. مالو كلامك ركيك وفيهو توسل لو كانوا يسمعون كلام كهذا ما اغلقوها