الفاخر للمساخر (5)
* انتهت اليوم المهلة التي حددتها شركة (الفاخر)، بعد أن بشرتنا على لسان مديرها العام بأنها ستصدر طنين من الذهب، وتخفض بعوائدهما سعر الدولار الحار إلى ستين جنيهاً خلال أسبوعين.
* انقضى الأجل المحدد، ولم ينزل الدولار من برجه العاجي، ولم يقترب من شارع الستين، بل فارقه ليسلك (شارع الهوا)، ويصل (88.5) جنيه في السوق الموازية.
* ذكرنا منذ البداية أن الحديث عن تخفيض سعر الدولار بصفقة مريبة، تظللها المحسوبية، وتعوزها الشفافية لن يثمر إلا سراباً بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء، وأن الضبابية التي تحيط بهذا الاتفاق الأعرج المريب لا تليق بالمرحلة، ولا تتفق مع أهداف الثورة، بقدر ما تناقضها وتنسف شعاراتها من أساسها.
* كيف يستقيم أن ترفع الحكومة شعار مكافحة الفساد، وتلاحق سارقي المال العام لتملأ بهم السجون والحراسات، وتصادر المؤسسات التي تدعي أنها أنشئت من مال الشعب، وتعلن اعتزامها مناهضة كل أنواع الفساد والمحسوبية، ثم يبرم وزير ماليتها اتفاقاً مريباً مع شركة خاصة، يمنحها به ميزة تصدير أهم ثروة قومية للبلاد، من دون أن يعلن للناس المنهج الذي اتبعه في الاختيار؟
* عندما حمي الوطيس، وحامت الشبهات حول الصفقة المتنافية مع كل مبادئ الشفافية وقواعد التنافس الحر لم يجد الوزير بداً من أن ينقض غزله، وينكر فعله، زاعماً أن بابهم مفتوح لكل الشركات الراغبة في التصدير.
* منح الفاخر ميزة تصدير الذهب بخطاب رسمي، وأوكل إليها مهمة تسديد قيمة الواردات للشركات الأخرى، وخاطب لها البنك المركزي والضرائب والجمارك وجهاز المخابرات، ثم تحدث بعد ذلك كله عن عدم وجود مجاملة أو تخصيص.
* أتى أول رد فعل من رئيس شعبة مصدري الذهب، الذي أكد أن (الفاخر) غير مسجلة في الشعبة، وأنهم لم يسمعوا بها إلا بعد أن اختارتها وزارة المالية بالاسم، متحدثاً عن أن الشركة لا تمارس التنقيب ولا الإنتاج، وأنها تشتري الذهب من السوق، بما يرفع أسعاره، واصفاً ما فعله الوزير بالمنهج الخاطئ.
* تلاه أمين عام شعبة الصاغة، الذي أكد أن الفاخر ليست معروفة لديهم، وطعن في صحة ما زعمته عن قدرتها على تخفيض سعر الدولار، وقطع بأن الشركات العاملة في المجال نفسه تستطيع أن تصدر كميات أكبر من التي أعلنتها الشركة المحظوظة.
* هناك سؤال خطير، طرحناه في هذه المساحة ولم يتكرم الوزير بالرد عليه، ويتعلق بما إذا كانت وزارة المالية قد أجرت فحصاً أمنياً لملاك الشركة التي نالت ميزة شراء وتصدير أهم ثروة سودانية حالياً أم لا.
* الطبيعي أن يتم التدقيق في سيرهم الذاتية، والتأكد من خلوها من التجاوزات والإدانات القضائية، والتثبت من أنهم مؤهلون من النواحي الأخلاقية والمهنية والمالية لإنجاز المهمة الموكلة إليهم.
* المعلومات المتوافرة لدينا تشير إلى وجود اسمي محمود محمد محمود صالح وعبد المنعم عبد الله محمد حسين في قوائم (الفيش والتشبيه) بالإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية للشرطة، وأن صحيفتيهما الجنائية ليست نقية، بل تحمل إدانات سابقة.
* الاسمان الرباعيان يتطابقان مع اسمي مالكي شركة الفاخر مناصفةً، فهل هما مجرد (اسمين على اسمين)، بتشابه في الأسماء يصل إلى الجدود؟
* نحول السؤال إلى الزميل عثمان ميرغني، الذي طعن في صحة معلوماتنا.. ونسأله: هل كنت تعلم سيرة الشركة وملاكها عندما تبنيت الصفقة، ونلت لقب الراعي الإعلامي لها؟
* يا عثمان.. الدولار أبو ستين.. مكانو وين؟
صحيفة اليوم التالي