مقالات متنوعة

الصبر.!


في أعقاب إرجاء الموازنة إلى حين عقد مؤتمر اقتصادي، بعد الرفض الواسع لسياسة “رفع الدعم” عن المحروقات الذي كان على وشك إجازته في موازنة 2020 لم ترد تفاصيل أكثر عن مشروع الموازنة نفسه، ولا عن المؤتمر الاقتصادي المتوقع أن يُعقد في مارس رغم أن قضية الاقتصاد هي محور اهتمام الشارع وحاجته الملحة التي يُمكن أن يتلمس من خلالها بوادر التغيير المرتجى.

في حواره مع قناة “الحدث” قال رئيس الوزراء؛ عبد الله حمدوك، إن الشعب الذي احتمل 30 عاماً من حكم النظام السابق بإمكانه الصبر قليلاً لتحقيق المعجزات، وأن السودان مفصول وبعيد من مصادر التمويل الدولية وأن مشكلة الاقتصاد لن تُحل بين يوم وليلة”.

كل ما ذكره رئيس الوزراء صحيح، والشعب يدرك تماماً حجم الدمار والفساد الذي لم ينجُ منه شبر في هذه البلاد، وأن النظام السابق فرض بسياساته الهوجاء حصاراً وعزلة على البلاد كانت نتيجتها وضع إسم السودان في قائمة الإرهاب. كل هذا يدركه الشعب وأكثر، لدرجة أن البعض يتعاطف مع هذه الحكومة التي ورثت حملاً ثقيلا من فشل وفساد نظام البشير.

لكن، هل تحمُلنا لـ “30” عاماً يعني أن يُفرض علينا الصبر ؟

إدراك الشعب لحجم دمار ثلاثين عاماً لا ينبغي أن توظفه الحكومة الانتقالية في الدعوات للصبر وتكتفي بذلك، الشعب يريد أن يعرف ماذا ستفعل الحكومة في قضية الاقتصاد، أن يعرف ما هي رؤيتها لقطاع الزراعة، ما الذي تنوي فعله في قطاع المعادن، كيف تنظر للقطاع الصناعي، ما هي سياساتها لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

قضية الإنتاج بشكل رئيسي، لا حديث عنها وربما لا رؤية حولها. يريد الشعب أن يعرف ما الذي ستفعله الحكومة في قضية الإنتاج عموماً، زراعة، معادن، صناعة.. إلخ.

لماذا التركيز على الدوام في الخطاب الحكومي على كيفية حصد تمويل دولي، هذا الشعب الذي “صبر” ثلاثين عاماً لا يريد رفاه بين يوم وليلة، بل أقصى ما يريد في الوقت الراهن، أن يثبت هذا الوضع دون مزيد من الانهيار.

الشعب “الصابر” لا يريد غير أن يكون “في الصورة” أن يعرف كيف تفكر الحكومة في قضية الاقتصاد وغيرها، أن يعرف كم من الزمن مطلوب منه أن “يصبر”.. صحيح هو مدرك لحجم الدمار والفساد ومدرك أيضاً أن المهمة ليست سهلة أمام الحكومة وأن الطريق ليس معبداً، لكن يريد أن يعرف فقط كيف تفكر الحكومة وما الذي تنوي فعله.

التيار