مقالات متنوعة

فضيحة الشرطة


من العار والعيب أن تتخذ تدابير وإجراءات تقضي بنقل جميع أفراد مؤسسة او إيقافهم عن العمل ارضاءً لشخص واحد! فليس من الحكمة أن تتصرف الشرطة وتسلك مسلكاً يحسب ضدها ويجعلنا نصف اعلى مستوياتها المسؤولة عن صنع القرار بعدم الموضوعية والفشل الاداري..
فاجأتنا الشرطة في سابقة تعتبر الاولى من نوعها على مر تاريخها بقيامها الاسبوع الماضي باصدار اوامر نقل لجميع ضباط وضباط صف وجنود قسم بحري شرق البالغ عدهم ما يقارب الـ(١٠٠) شرطي، تخيلوا معي الشرطة تنقل قسم كامل من رئيسه وحتى اصغر جندي فيه ارضاء لقائد سابق من قادتها والسبب أن ذلك القائد وهو مدير سابق للشرطة حضر للقسم بغرض اجراءات خاصة به، ولكن في إحدى زياراته للقسم الذي يقع منزله في دائرة اختصاصه لم يتعرف عليه الضابط برتبة الملازم وهذا ما أثار حفيظته واثار غضبه، الامر الذي قاد الشرطة لاصدار امر بنقل جميع افراد القسم من رئيسه وحتى اصغر جندي فيه. بالله ده اسمو كلام ؟
اعتقد أن الامر عادي جداً إن لم يتعرف الملازم على قائد سابق خاصة وأن من علامات القيادة الرشيدة ان يكون القائد محتكاً بصفة مباشرة بمرؤوسيه على كافة المستويات، القائد الناجح هو من يسجل زيارات راتبة لجميع الوحدات التابعة له بطريقة تمكن جميع منسوبيه من التعرف عليه. اما الفترة التي تولى فيها الطيب بابكر قيادة الشرطة كانت فترة وجيزة لم تمكنه من زيارة وحدات الشرطة المختلفة، وبالتالي نتيجة راجحة ألا يتعرف عليه الملازم الذي قد يكون لم يره قط إلا في صور على الهاتف ودائماً الحقيقة ليست كالصور خاصة ونحن في السودان عندنا كتائب تلميع تعمل ليل نهار بالتقاط الصور وتنظيفها عبر البرامج المختلفة والفتوشوب تجعل المشاهد لايتعرف على الشخص إن قابله على الطبيعة.
ليس من الحكمة أن تتصرف قيادة الشرطة تصرفاً كهذا بان تنقل كافة منسوبي قسم شرطة تأديباً لهم على امر لايستحق. إن مثل هذه التصرفات هي التي تحبط عزيمة الشرطة وتخلق الغبن وسط قواتها بالتهديد الدائم بالنقل وتشكيل مجالس التحقيق والمحاكمات لأجل ارضاء القيادة السابقة والحالية والآتية مستقبلاً، وإن حدث الامر مع مواطن بسيط وتعرض للظلم فحتماً لايجد من يقف معه ليس بالنقل فحسب، بل ولا حتى بالمساءلة.
ظننا اننا في دولة المدنية سيؤدي الجميع دوره ولن يُظلم احد ولكن اتضح لي انه في عهد المدنية ستسعى الشرطة لارضاء القيادات بظلم كوادرها او حتى ظلم المواطن لايهم، ولكنه امر مؤسف جداً أن يحدث مثل هذا في بلد رفع شعار العدالة دون أن يحقهها.
إن هذه الفضيحة التاريخية للشرطة، تجعلنا نقول إنها لم تسقط بعد، وننادي بإسقاطها مرة اخرى حتى تعمل الشرطة بمهنية وموضوعية، ومثل هذه الفضيحة سيظل الشعب يذكرها على مر التاريخ وستكون نقطة سوداء في تاريخ الشرطة الناصع .

صحيفة الأنتباهة