مقالات متنوعة

امتحان عثمان .. و(ورطة) حمدوك!!


زاد حوار الدكتور عبدالله حمدوك مع الباشمهندس عثمان ميرغني( الطين بلة)، وأكسب المشهد مزيداً من القتامة وبدلاً من توفير إجابات على استفسارات الحاضر المثقل بالكثير من المشكلات و الهموم والتحديات ، انتج الحوار العديد من الاسئلة المفخخة في واقع مأزوم يوشك على الانفجار.
وطالما أن الإجابات على أسئلة الراهن تستعصي على الدكتور عبدالله حمدوك فلماذا يصر على الانتحار والاستمرار بذات عناصر حكومة بدا واضحاً أنها استنفدت كافة فرص البقاء ، تصاعد في الأزمات السياسية والاقتصادية الراهنة جراء الارتفاع الفاحش في الأسعار، انفجار غير مسبوق للدولار وسيولة بائنة في الأوضاع الامنية تراجع في الحريات وهشاشة ملحوظة في الأداء السياسي والتنفيذي .
الحقيقة التي لا فرار منها أن الأوضاع تردت إلى اسوأ مما كانت عليه، حمدوك بلباقته وهدوئه لم يكن يعجز عن مواجهة طوفان الاسئلة لكن طاقمه العامل في حكومة المحاصصات والمجاملات فشل في توفير الإجابات المطلوبة، الامر ليس (طق حنك) ، الواقع يرفض التجمل، ما يحدث الآن أمر لم يتوقعه المواطنون مع ارتفاع سقف طموحاتهم ورغبتهم الأكيدة في تغيير حقيقي يخاطب هموم معيشتهم اليومية ويحافظ على رصيد الثورة عامراً في نفوس الذين صنعوها من أجل واقع أفضل لوطننا ولشعبنا.
بصراحة الشعب الذي انتظر الحوار وظل يردد هاشتاق (شكراً حمدوك) مع تزايد تعقيدات الحياة المعيشية وقتامة المشهد الماثل (دخل بحمد وخرج بخوجلي) ، لم يتسن للمشاهدين الحصول على ما يضيء خيوط الأمل في نفوس الناس، الواقع أن الزعيم المحبوب دخل اللقاء بفرصتي الفوز والتعادل لكنه خرج خاسراً للأسف ربما بسبب الأزمات ، (التوقيت الخاطئ) للظهور أو ضعف الإعداد الجيد للحوار ولكن المؤكد أن حمدوك في نظر أكثر المحتفين بالحوار قائد بلا جيش أوفارس بلاجواد، أورئيس وزراء بلا (وزراء) ، إذ أظهر عدد كبير منهم إمكانات الناشطين السياسيين بدلاً عن الكفاءة المطلوبة في إدارة الموقع التنفيذي باستحقاقاته التي يعلمها الجميع، بينما أخفى طوفان الأخطاء ما حدث من نجاحات للآخرين.
لن يكون أمراً مقبولاً أن يحدثنا الدكتور حمدوك عن الدمار الذي حاق بالبلاد ثلاثين عاماً في تبريره لحالة الفشل والعجز اليومي عن تلبية احتياجات المواطنين ومع الارتفاع المطرد في الأسعار واستمرار انفلات الدولار.
كان مطلوباً من الحكومة أن تضع الاقتصاد ومعاش الناس في أولويات برامجها لكنها انصرفت إلى إرادة الناشطين وهتافات المدرجات ودخلت في تصفية الحسابات وفش الغبينة على حساب استقرار الفترة الانتقالية وإنجاز الملفات المهمة المرتبطة بحياة الناس في أولوياتهم الملحة.
الآن يدفع التغيير ثمن إهمال القضايا الأساسية للمواطنين ويتراجع رصيد الثورة في الشارع المحبط بكثير من التطورات المؤسفة التي لم تكن في حسبان الشعب السوداني بعد التغيير، ويفشل حمدوك في تقديم الإجابات النموذجية لاسئلة الراهن وعثمان ميرغني.
ما لم تستجب الحكومة لتحديات المرحلة وعلى رأسها الاقتصادية فإنها ستعرض التغيير إلى مخاطر جمة لن تنعكس على بقاء الحكومة فحسب وإنما على مستقبل البلاد قاطبة.
ليس أمام الدكتور حمدوك سوى إعادة النظر في أولويات الحكومة خلال الفترة الانتقالية ، والانصراف إلى إعطاء الواقع الاقتصادي أسبقية كبيرة عبر برنامج إسعافي ينهي حالة الانفلات في الأسعار الذي أحال حياة المواطن إلى جحيم يومي لا يطاق.
لن يختلف اثنان على أن الحكومة تعاني الآن حالة من الضعف والتردي الذي يحتم على رئيس الوزراء التفكير في إجراء جراحة عميقة على التشكيل الحكومي حتى لا يضطر إلى البحث عن إجابات في حواراته المستقبلية ، الكوادر التي جاءت بها الأحزاب للسلطة ثبت أن بعضها محض ناشطين لا صلة لهم بالعمل السياسي والتنفيذي.
لا أعتقد أن الوقت يسمح بالمجاملة وخطب ود شركاء الثورة على حساب التغيير، لم يكن دكتور حمدوك موفقاً في الحديث عن المسؤولية التضامنية في سعيه للهروب من السؤال حول صلاحياته في عزل ومحاسبة الوزراء دون الرجوع لمركزية قوى الحرية والتغيير.
(على كل) ظهر دكتور حمدوك في الحوار على غير ما أردنا له، قبل أن تحرجه الأسئلة خذله الواقع وأداء وزرائه الهزيل في ملفات مهمة،لا أدري لماذا يلام الأستاذ عثمان ميرغني على أسئلته التي لم تتوفر لها إجابات لدى السيد رئيس الوزراء، اتفقنا أو اختلفنا على طريقة عثمان في إدارة الحوار إلا أنه قدم امتحاناً مكشوفاً ولا أعتقد أنه مسؤول عن الدرجة التي أحرزها رئيس الوزراء.
أيما مكابرة تبقى الحال على ماهو عليه ستكون عواقبها وخيمة على مستقبل التغيير والسودان، لحظتها لن يستطيع أحد القول ( شكراً حمدوك).

صحيفة اليوم التالي