رأي ومقالات

خطوة البرهان ..هدف التسلل المكشوف، ماذا بعدها؟


لا اعتقد أن كثافة ما كشف من البرهان والحكومة حول لقائه بنتنياهو، يمثل نهاية المطاف. فعلاوة على ما بين السطور ، فهنالك حقائق أخرى ستتكشف ، إن لم تكن إرهاصاتها قد بدأت خاصة على المستوى العربي .ويعتبر لقاء البرهان بنتنياهو هدف تسلل مكشوف لكنه حسب وسيؤثر في ترتيبات بقية الدوري السياسي محلياً وإقليمياً ودولياً .لذلك ينبغي تناول عدة جوانب للموضوع ، ولماذا حسبنا الخطوة هدفاً محسوباً رغم تسلل الرهان.

الهدف محسوب بعدة زوايا .أولها أن أرفع مسئول سوداني ، قد التقى مسئولاً إسرائيلياً . وهذه حقيقة لا يمكن تغييرها مهما حاولنا. وهي حقيقة بنيت وستبنى عليها خطوات لاحقة. أما ما بني داخلياً فقد بان في بيان الحكومة . فالأمر ليس أولوية ولا من اختصاصات الفترة الانتقالية. ما يعني إدراك الحكومة وحاضنتها السياسية أن هنالك مرحلة قادمة في تاريخ السودان ،خاصة في وجود حركات هامش لا مانع لديها من التطبيع . إضافة إلى بروز مواقف مؤيدة شعبياً أبرزه انقسام الشارع بين مؤيد ومعارض. سيبنى فيها على هذا اللقاء.أما البيانات الفردية للأحزاب ، فلا تأثير لها في الخطوة. فالعبرة ببيان الحكومة وثبوت مسألة فتح الأجواء السودانية للطيران المتجه لإسرائيل . ولا عبرة لاستثناء شركة العال . فنتنياهو نفسه قد تحسب بخط رجعة عندما صرح بأن هنالك حاجيات تقنية لازمة قبل مباشرة الطيران.

أما الزاوية الأخرى ، فتتمثل في تناول مغازي المواقف التي تلت الخطوة من مختلف الأطراف السودانية . أولها أن القوات المسلحة لم تنس الحكم . ولم يردعها شرفية دور مجلس السيادة في الحكم ولا الأغلبية المدنية في اتخاذ قائده العام قراراً فردياً ومخترقاً للوثيقة الدستورية ،يراه متماشياً مع مسئوليته تجاه الأمن الوطني ، وللمفارقة ، مباركة الجيش لما تم من لقاء .رغم أن خطوة اجتماع البرهان بقيادات الجيش يمكن قراءتها أيضاً من زاوية تأمين الوضع كذلك .

أما بقية الأطراف ، فتتمثل في الحكومة وقوى الحرية والتغيير . فقد قد تلقت الطعنة ربما أكثر من الفلسطينيين .خاصة وأن الخطوة ، قد ألقت بهدية عظيمة لقوى الثورة المضادة التي تلقت الهدية بلهفة وبانت مواقفها وأصبحت تتحرك بعيداً عن القضايا الداخلية ومواجهة تبعات حكمها لثلاثين عاماً. ولم تكن قوى الثورة لتتقاسم الشارع مع هذه القوى. لكنها استوعبت الطعنة وردت بالتعالي عن الصغائر ،إشارة إلى تصريح البرهان بعلم حمدوك ونفي الأخير.والالتفات إلى تحقيق أهداف الفترة الانتقالية. وقد تبدى ذلك في أكثر من مظهر . أهمها طراً. إعلان القرارات الضخمة للجنة إزالة التمكين.وإدانة تجمع المهنيين لتأييد الخطوة من قبل الجيش واعتبار التأييد تدخلاً من الجيش في السياسة. وإن لجأت إلى الشارع ، فسيكون العنوان مختلفاً.

الخاسر الأكبر وإن بدا في أول الأمر كاسباً ، فهو تيار الثورة المضادة. فقد قام بالخطوة من كانت تغازله منذ بداية الثورة وإزاحة البشير. وأيدها الضباط الذين عملت على أدلجة الجيش لثلاثين عاما بواسطة انتقائهم وتجنيدهم قبل الدخول للقوات المسلحة!! علاوة على تسارع القرارات من لجنة إزالة التمكين ضدهم . لكن الخسارة الخافية في تقديري اكبر. فرغم كل المواقف . فإن معرفة مدير المخابرات باللقاء. تشير إلى الاتفاق على التعاون الإستخباري .فالمصائب يجمعن المصابينا !! فما الرابط بين كل الأطراف التي رتبت لللقاء وكانت تعلم به غير العداء للإخوان المسلمين !!؟ وهي امريكا وإسرائل مع مصر ودول الخليج ؟

أما الزوايا الخارجية للقاء ، فربما تشير إلى أن البرهان قد استخدم من قبل الأطراف المعنية ، في التمهيد للقاء سري آخر بدت تسريباته تظهر مباشرة بعد اللقاء. حيث تشير إلى أن هنالك ترتيباً للقاء سري في مصر يجمع السيسي وبن سلمان وبن زايد بنتنياهو!! والكل يعلم ، أن السرية لن تدوم وهم يعنون ذلك. فإسرائيل ، مثل بائعة الهوى ، يزورها الرموز سراً. لكنها لا تتورع من فضحهم دون أن تخسر شيئاً !!. كما سارع نتنياهو بالفعل مع البرهان !!.

معمر حسن محمد نور

الراكوبة