مقالات متنوعة

نبلغ المجد إذا ضُمت صفوف..


في ظل الظروف التي تعيشها البلاد، بعد ثورة الشعب المباركة في ديسمبر، انفلت زمام السوق، وتفاقمت الأسعار، التي لم تترك سلعة من السلع، إلا وتضاعفت قيمتها، مرات ومرات، خلال اليوم في أغلب الأحيان، حتى ولو كانت من الكماليات.
السوق أمره عجيب!، وحاله محير!، التجار هم أصحاب القرار النافذ، يزيدون أسعارهم، حسب رغبتهم، وطبقاً لإرادتهم، لا يصرفهم عن فعلهم الشنيع، وازع ولا يردعهم ضمير حي، يحس ولو لمرة واحدة، بمعاناة التعابى والغبش والبسطاء، من حولهم، الذين أعيتهم الحيل، وحار بهم الدليل، فلم يدروا ماذا يفعلون، في كل يوم، أجسادهم المنهكة، تلسعها سياط السوق، دون هوادة أو رحمة، تلقي عن كاهلهم بعضاً من صور المعاناة، حتى لو قليلاً، رهط من المواطنين، بل أغلبهم، تضاءلت قدراتهم الشرائية، أمام كثير من السلع، واكتفوا فقط، بالنظر إليها، دون مجرد التفكير في الحصول عليها، السوق يعاني كساداً كبيراً، كما يقول التجار أنفسهم،بسبب الغلاء، وعزوف البعض عن التسوق والشراء، بالرغم من ذلك كله، ترتفع قيمة السلع يومياً، في تطاول مفتعل حتى تبلغ عنان السماء، في غياب تام، للرقابة الحكومية، دون خط واضح، لكبح جماح السوق المتفلت، الذي أصبح خارج دوائر السيطرة في غالب الأحيان.
لا ننكر مطلقاً، أن الاقتصاد في بلادنا،اختلت موازينه، وكثرت علله، وساءت حالته، وحار في أمرها، أهل الحل من دهاقنة الاقتصاد، الذين عجزوا عن وصف الدواء الناجح، وتحديد أنواع العلاج الشافي، أملاً في تعافي الاقتصاد المريض، لينهض من كبوته، التي لازمته عقوداً من الزمان، بعد أن أدخلته عنوة الى عنق الزجاجة الضيق، نتيجة بعض السياسات الخاطئة، التي لم يكن للانتقالية، يد فيها. بالله عليكم، كم تحتاج الأسرة، ذات الستة أفراد مثلاً، من رقيقي الحال ومتوسطي الدخل، لتعيش حياة الستر، بحصولها على النذر اليسير من ضروريات الحياة اللازمة، من أكل وشرب وعلاج وسكن؟، تحتاج قطعاً، مبالغ تنوء بها القدرات، وتعجز عن توفيرها الإمكانيات، والمسؤولين المعنيين بالأمر، لا يلقون لإنين المواطن بالاً، ولا يحسون بأوجاعه المتزايدة، التي جعلت غالبية المواطنين، يرزحون تحت خط الفقر،وأسباب المسغبة، تحاصرهم مالآت العوز والحاجة، التي فاقت التصور والاحتمال..
قبل حين من الزمان، سعدنا كلنا، ببشريات ساقها إلينا، وزير التجارة، الأستاذ مدني عباس مدني، مؤكداً سعي وزارته الجاد، لإحياء التعاونيات من جديد، لتكون ملاذاً يقصده المواطن، للحصول على احتياجاته كلها، بسعر التكلفة، بالشراء من المنتج مباشرة، دون وسيط، يتحكم في سعر السلعة، كما يحدث اليوم،السماسرة في بلادنا، يحشرون أنوفهم، ويبسطون السعر الذي يروقهم، في كل شيء، حتى(الشطة، و(الليمون) و(الجرجير)..
الفكرة وقتها باركتها
جموع المواطنين، واعتبروا تنفيذها، حلاً لمنازلة غول السوق، وصرعه في النهاية، بمقاطعة شراء السلع من التجار، الذين سيرغمهم الواقع، لخفض أسعارهم، خشية أن تتراكم على ظهورهم الديون، أو يذهبوا بعدها، عنوة، الى غرب أم درمان، ليبقوا في المحابس، حتى يحين، أوان السداد.
فكرة التعاونيات، صائبة ومطلوبة ومعقولة، وربما كان فيها خلاص الأمة، من قبضة السوق، ومغالات التجار، انتظرها المواطن على جمر حار، آملاً في تنفيذها على أجنحة السرعة كما يقولون، ولكن يبدو أن الأحلام قد تبخرت، فلم تعد وزارة التجارة، تظهر اهتمامها بتنفيذ قيام التعاونيات، ولم نسمع شيئاً عن ذلك، أو رغبة صادقة وجادة لتنفيذها. وهنا نعيد ذات السؤال،هل تراجعت الوزارة عن طرحها السابق؟،وهل صرفت النظر عن رغبتها في إحياء التعاونيات؟ ولماذا انطفأ بريق المبادرة ومات بصيص الأمل؟..ألا تعلم وزارة التجارة، بالحالة التي وصلها السوق، تخصص وحده في، حرق جيوب الغلابى الخاوية بنيرانه المتصاعدة؟.
أسرعوا يا وزير التجارة، بقيام التعاونيات في المؤسسات والأحياء، وبادروا بضرورة تسعير السلع الضرورية، رغم وجود (مقطوعة الطاري) سياسة التحرير، لتقطعوا طريق الجشع، المرصوف بأطماع التجار، حتى يحس المواطن، بطعم ثورته، التي كان مهرها دماء الشباب، الذين مضوا الى ربهم، بعد حراك طويل، توحدت فيه إرادة الشعب، وكتبت فيه للوطن ميلاداً جديداً..وصدق الكابلي، حين قال في أهزوجته(التعاون)، التي رددها قبل أعوام بعيدة..
لن يروم المجد كف واحد..نبلغ المجد اذا ضمت كفوف..
فلنجعل ذلك شعاراً، ننضوي كلنا تحت رايته، حتى يتحقق للوطن ما يريد..
عوض احمدان
الانتباهة