هذا هو سر علاقتي بحمدوك والشيخ خضر!!
* موسفيني هو الذي رتب لقاء البرهان بنتنياهو!!
* أداء الحكومة ضعيف وغير مهتمة بتنوير الشعب!!
* إلتقيت البرهان وخرجت بهذا الانطباع!!
* كلفت مبعوثاً للسلام والتفاوض به خلل منهجي!!
* قوى الحرية والتغيير لم تلعب دور الحاضنة السياسية بعد!!
* هذه هي تفاصيل الفيديو المسرب.. وأفتكر حمدوك على علم بالزيارة!!
* موضوع التطبيع لا يناقش بهذه الطريقة!!
* الحزب الشيوعي رباني وأحسن تربيتي!!
فكرت كثيراً في الصعوبات التي يمكن أن أقابلها وأنا أبحث عن رجل مهم جداً، يُعرف في الأوساط الإعلامية بأنه عرّاب حكومة الثورة والعقل الذي يمسك بزمام الأمور، وفي غمرة بحثي عن السبل التي يمكن أن توصلني به، أخبرني صديق بعكس ما أتوقع، فأعطاني رقم الهاتف، وما أن اتصلت، رد على الفور، وعند وصولي إلى منزله الواقع قرب حديقة القرشي، إذا بالرجل في انتظاري عند الباب، وبكل بساطة السودانيين ورحابتهم، تحدث إليّ بشفافية ووضوح وسعة صدر، عن الحكومة وأدائها وقوى الحرية والتغيير ومستقبلها، وعملية السلام في جوبا ومنهجها ، سألته عن الفيديو المسرب الذي أثار لغطاً شديداً، فكشف الكثير المثير في هذا الحوار الساخن حول راهن البلاد السياسي مع الدكتور الشفيع خضر فإلى حواره مع (الجريدة):
حوار: أشرف عبدالعزيز
*د.الشفيع بحسب اعتقاد الكثير من جماهير الشعب السوداني أنت (عراب) النظام الحالي؟
– هذا ليس اعتقاد جماهير الشعب السوداني، وإنما هو اعتقاد أو قناعات نخب وذلك لسببين: السبب الأول هو أن هذا التفكير موروث من الأنظمة الشمولية السابقة التي حكمت البلاد، والتي رسخت لما عرف بالإدارة (خلف الكواليس)، بمعنى أدق (لازم) يكون هناك (مجلس أربعيني) أو (شيخ) وترسخ هذا المفهوم في عهد الانقاذ، فبعد المفاصلة استعاض الوطني أو استبدل (شيخ) بـ(شيخ آخر) ، أما السبب الثاني يعود لعلاقتي القوية والممتدة والمتصلة والمباشرة مع رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك لسنوات طوال وحتى الآن، ولذلك رحبت بترشيحه من قبل قوى الحرية والتغيير رئيساً لمجلس الوزراء، ولو كنت عضواً بها لرشحته أيضاً، جاء حمدوك الى الخرطوم ولم يتم استقباله أو التهيئة له كرئيس لمجلس الوزراء لأسباب مفهومة.
*ماهي؟
– سوء ترتيبات مثلاً أين يقيم ؟ كيف يتحرك ؟ وفي البداية كان رأيهم أن يؤجر له في فندق، ونحن قمنا بهذا الدور والإشراف على الترتيبات الخاصة بإقامته، فهو مستقل وليس عضوا بحزب، وفي تقديري هذا خطاً فمنذ اليوم الأول ( Day one ) كان من المفترض أن تتولى قوى التغيير هذه المهمة، وأفتكر هذه واحدة من أخطاء قوى الحرية والتغيير.. هذا الواقع جعل كثير من الذين يلتقون مع حمدوك في الأيام الأولى يعتقدون هذا الاعتقاد، وأصبح من الصعب جداً اقناعهم بغير ذلك، وأنا لا أعرف حتى كثير من وزراء هذه الحكومة وهم أيضاً لا يعرفوني.
*العلاقة بينك وحمدوك وآخرين علاقة تنظيمية فهل سيثمر الربط الخيطي أو تكون محصلته تأسيس حزب جديد؟
– ان شاء الله، ولكن ذلك لم يناقش لأنه في الحقيقة غير واقع.
*دفعت بقطان لتسيطر على مكتب حمدوك؟
– هناك فهم خاطئ كثيرين يعتقدون أن قطان مدير مكتب حمدوك وهذا غير صحيح.
*ماهو الصحيح ولم تجب على سؤالي أنت من دفعت بقطان لمكتب حمدوك وما علاقتك به؟
– العلاقة لا تحتاج لسبر أغوار، فقد فصلنا من الحزب الشيوعي معاً ، كان مسؤولاً عن الترتيبات الادارية في مقر اقامة حمدوك ، وبعد ذلك انتقل لمجلس الوزراء ويعمل في ادارة المراسم على ما أظن.
*يعني ليس سكرتيراً خاصاً لحمدوك؟
– لا، حمدوك سكرتاريته معروفة وكذلك مدير مكتبه.
*ماذا عن الشباب المفصولين من الحزب الشيوعي ويمثلون إسناداً لك في اطار تنظيم عمل حمدوك؟
– نعم هناك مجموعة أسهمت معي في استقبال رئيس مجلس الوزراء ، وبالتأكيد أنا لم آت بها من الشمالية أو هم أصدقائي ، فكان لا بد أن تكون لهم علاقة بفكر سياسي ومعظمهم غير منتمين، صحيح غالبهم كانوا من مفصولي الحزب وهؤلاء الشباب لعبوا دوراً إيجابياً في الأيام الأولى.
*هل تلتقي حمدوك يومياً؟
– في البداية نعم، وبعد ذلك هي ليست مستمرة وبشكل يومي، فالرجل كان يريد أن يفهم، فهو غاب عن البلاد ردحاً من الزمان حوالي 30 عاماً ، وإن كان يزورها أحياناً ، وفي البداية كان يحتاج حتى لمعرفة الناس، وبعد أن تولى مفاصل الحكم وزمام الأمور كثرت مشاغله ولم نعد نلتقي كثيراً، فآخر مرة تقابلنا قبل أسبوعين.
*إذاً أنت ومجموعتك (احتكرتم) أو قدمتم له الرؤية الخاصة بكم لتصبح هادياً وتصوراً لنهجه في الحكم؟
– هذا غير صحيح ، استمع إلينا نعم ، كان يجلس معنا لمدة ساعتين في الأيام الأولى ولكنه في السياق ذاته يجلس مع آخرين 4 ساعات ويستمع لرؤاهم وهو لديه علاقات واسعة ومتميزة.
*تفاجأ الناس بعد ذلك بأنه عينك مبعوثاً خاصاً للسلام؟
– قدمت لي دعوة من حكومة جنوب السودان ، بحكم علاقتي بالملف منذ التجمع الوطني الديمقراطي أو بحكم علاقتي مع الحركات المسلحة ، وهو عندما علم بذلك كلفني بأن أكون مبعوثاً عنه.
*هكذا تم الأمر دون ترتيبات؟
– فعلاً دون ترتيبات أو تخطيط أو قرار ، فأنا ذهبت بتذاكر حكومة جنوب السودان وكل تكاليف إقامتي تكفلت بها.
*لم تواصل وإنسحبت سريعاً؟
– كانت الدعوات تصلني باعتبار أني مهتم بقضية وقف الحرب وتحقيق السلام في السودان وشاركت في منابر اهتمت بهذه القضية، في أثيوبيا ومصر وجوبا، ودوري هو أقرب للمسهل بحكم علاقتي الجيدة مع كل الأطراف، الآن بعد أن أصبح هناك منبراً خاصاً بالتفاوض في جوبا ولم يعد لي علاقة به بشكل مباشر، اكتفيت بنشر آرائي عن طريق مقالات راتبة أكتبها في الصحف والوسائط.
*من الذين اخترقت بهم الجهاز التنفيذي، الشيخ خضر ما علاقتك بهذه الشخصية النافذة والمؤثرة على صناع القرار بالبلاد وتحديداً حمدوك؟
– القناعة عند الكثيرين بأني الممسك بمفاصل الأمور وخيوط اللعبة_ وأنت منهم_ لن تتغير وأنا لا أستطيع إجراء عملية جراحية لهم ونزع هذه الفكرة من عقولهم.
*أنا صحفي فقط وأسال الأسئلة التي تدور في أذهان الناس؟
– (يضحك) ويواصل، هذه المسألة ليست مقلقة بالنسبة لي ، وهناك كثير من الاشياء تنسب إلي ولا أكون قد سمعت بها، نعم لدي علاقة بالشيخ خضر وأعرفه ، الشيخ خضر أقرب شخص سياسياً وتاريخياً لحمدوك.
*ما سر هذه العلاقة؟
– هم زملاء دراسة وعمل سياسي، ومواقف مشتركة سياسياً ، والشيخ شخصية تنفيذية لها مقدرات عالية، ورأسمالي، وحمدوك بالإضافة إلى طاقم مكتبه يريد شخصاً بقدرات تنفيذية ليكون مدير مكتبه، والجهات الاستشارية التي يتعامل معها حمدوك في اطار تنظيم عمله أشارت إليه بضرورة أن تكون هناك شخصية تقوم بالدور التنفيذي، وهو اختار الشيخ خضر لأن كيمياءه تتناسب معه.
*وأين أنت من هذه العلاقة؟
– نعم هناك علاقة بيني والرجلين ، لكن ليس كما صور لها البعض ونسجوا لها من خيالاتهم ومنهم من ذكر أن حمدوك دفعتي وأنا من اخترت له زوجته وهكذا، كل هذا نسج من الخيال، حمدوك عندما قبل بالجامعة كنت أنا خريجاً وهو دفعة الشيخ خضر.
*كيف تنظر لسير المفاوضات الآن في جوبا؟
– موضوع السلام فيه خلل منهجي، الحركات المسلحة هي جزء أصيل من الثورة وكل منها شارك بطريقته، وبالتالي الحركات والحكومة شركاء، ومن المفترض أن يكونوا في طاولة واحدة، ولو نجحنا في ذلك لكنا توصلنا لنتائج مختلفة وتقدمنا، ولكن تفاوض الحركات والحكومة أشبه بالتفاوض الذي يتم بين الأولى والانقاذ، الذي يفترض حدوثه هو أن يتحاور الحركات والحكومة كشركاء، باعتبار أن المشتركات متوفرة، والمقومات تساعد على ذلك فالمناخ هو مناخ الثورة، للأسف لم ينتبه أحد، وعدنا للمنابر والتفاوض والوسيط مرة أخرى.
من ناحية ثانية، صحيح أن المجلس العسكري في الأيام الأولى كون لجنة للاتصال مع الحركات المسلحة ، وهذا كان مقبولاً في ذاك الوقت، ولكن بعد تأسيس الحكم المدني وتشكيل المجلس السيادي والحكومة، كانت هناك مناقشة واسعة حول استراتيجية السلام، وكان يمكن أن يشارك في وضعها حتى قيادات الحركات المسلحة ، وكذلك المفوضية عندما كونت ، شكّل المجلس الاعلى للسلام، وأصبحت مسؤولة عن المقررية فيه، كل ذلك أحدث خللاً واسعاً.
*إذن ماهو المنهج الصحيح؟
– إذا كانت هناك ضرورة للتفاوض خارج السودان، يكون حول الترتيبات الأمنية، ومباشرة يتنقل الحوار الى الخرطوم ، ليكون حواراً شاملاً حول قضايا السلام في السودان، وهذا مدخل مهم للمؤتمر الدستوري ، كذلك يجب عدم إهمال حتى الاتفاقات السابقة التي وقعت في العهد البائد.
*تعني أنك مع قيام مؤتمر شامل لقضايا السلام في السودان؟
– نعم أنا مع هذا الرأي، هذا المؤتمر ينبغي أن تشارك فيه الحكومة والحركات وأهل المصلحة والاحزاب السياسية ويناقش الأولويات الرئيسية ذات العلاقة بالأمن والسلام، سواء كانت مسارات لتنظيم حركة الرعي أو قضايا المهجرين أو النازحين وغيرها، كذلك ليتحقق ذلك لا بد أن تكون الحركات جزءاً من السلطة.
*كيف تكون الحركات جزءاً من الحكومة الانتقالية؟
– في بداية الأمر كان الناس منشغلين بهيكلة الحكم المدني، وعندما طالبت الحركة أو أكدت رغبتها في المشاركة في حكم الفترة الانتقالية اعتبر البعض ذلك يصب في خانة المحاصصات وهوجمت الحركات، وإهمال هذا المطلب هو سوء تقدير فلو كانت جزء من الحكومة لتم التحاور داخل مكونات السلطة الانتقالية ، لذلك تجدني أؤيد بشدة التفاوض بين قوى الحرية والتغيير والحركات الذي يدور الآن بجوبا، وأتمنى أن تتوصل الأطراف إلى تفاهمات واتفاقات، لدخول هذه الحركات في السلطة الانتقالية.
*يعني تشكيل حكومة جديدة؟
– إذا تم توقيع سلام في جوبا أيضاً ستشكل حكومة جديدة.
*متفائل بالتوقيع ؟
– يمكن التوقيع على اتفاقات اطارية كما حدث مع الحركة الشعبية جناح عقار ، أما سلام شامل من منبر جوبا مستبعد على الأقل الآن.
* علاقتك بالبرهان متى بدأت؟
– لم تربطني به صلة من قبل، ولم أعرفه من قبل إلا بعد الثورة ، قبل أشهر قرأ لي بعض المقالات في الصحف وتحدث مع حمدوك وقابلته.
*ماذا دار في اللقاء الذي جمعكما؟
– تحدثت عن المشروع الوطني وهو عن القضايا القومية والتحديات الماثلة.
*ماهي الانطباعات التي خرجت بها إزاء شخصية البرهان؟
– أفتكر أنه شخصية وطنية ومهوم بإيجاد حلول لأزمة الوطن، ومهموم أيضاً بتحسين العلاقة بين المكون المدني والعسكري وأن يعملان في انسجام دون تنافر أو تقاطعات.
*لماذا اختار المجتمع الدولي البرهان لتنفيذ عملية التطبيع مع اسرائيل؟
– أعتقد لأن البرهان عسكري ودائرة مشاورته ضيقة وقد لا يحتاج لها ، أما إذا وقع الاختيار على سياسي فهذا يعني مشاورة من يعملون معه وستطول نتيجة المناقشات العملية، وقد يصعب اتخاذ الرأي فيها باعتبار أنها قضية مفصلية ، في تقديري الأهم في هذا الجانب هو أن البرهان عندما وافق على هذه الخطوة، كان يرى أنها مفتاحية لحل الأزمات السودانية المعلومة، وبالتالي انطلق من منصة وطنية (دا تحليل).
*من الذي رتب هذا اللقاء، هناك من يتحدث عن الامارات؟
– لست متأكداً من الدور الاماراتي في هذا الصدد ، وقرأت لبعض الذين يشيرون لذلك.
*من الذي رتبه هل هو مواطن؟
– رتبه الرئيس موسفيني وتربطه علاقة جيدة بالبرهان، وموسفيني ظل يطرح ذلك لكثير من السودانيين .
*ماذا عن نجوى قدح الدم؟
– والله ما عارف ماهو دورها.
*فيديو مسرب للقاء كنت تتحدث فيه في مزرعة حول قضية التطبيع هل هذا اللقاء تنويري لمجموعتك أم تحليل؟
– (ضحك)، هذا تحليل، كانت رحلة فطور أحدهم كتب أن اللقاء تم في مزرعتي (ياخ أنا هسي قاعد مع نسابتي).
*يعني مناسبة؟
(ساقي ليها جاري بعربيتو) وبعض الحضور أعرفهم وآخرين لا، بعد فطرنا دار نقاش حول الاوضاع بالبلاد، وسئلت عن علم حمدوك بلقاء البرهان مع نتنياهو وقلت لهم البرهان قال إنه أخطر حمدوك وحميدتي.
*بعيداً عن التحليل هل تعتقد أن حمدوك على علم باللقاء؟
– أفتكر أنه على علم.
*مجلس الوزراء ذكر في بيانه أن حمدوك لم يكن على علم بالخطوة؟
– لا علم لي بما دار في اجتماع مجلس الوزراء.
*مارأيك في معارضة قوى الحرية والتغيير الشرسة لهذه الخطوة؟
– قوى الحرية والتغيير تنطلق من مواقف مبدئية هي(ديدنها)، والقضية الفلسطينية بالنسبة لها هي القضية المركزية ولن يؤيد أحزابها أي خطوة تصب في خانة التطبيع، وأرى أن طرح هذه القضية الآن باعتبار أنها قضية مركزية فيه خلل، فقد لا يمثل ذلك الآن رأي الشارع أو قواعد بعض الأحزاب، ولذلك افتكر أن هناك خللاً في الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية في الفترة الانتقالية، ونحن دفعنا أثمان باهظة نتيجة السياسات الرعناء للنظام البائد، والتي في نهاية الامر جعلت علاقاتنا تحت تحكم شخص واحد هو الرئيس المخلوع، لتستمر لدغاتنا من هذا الجانب، ولعل اصلاح السياسة الخارجية هو جزء من مطلوبات الثورة، وعليه الافضل ليس التوقف عن لقاء البرهان بنتنياهو، وإنما قراءة ذلك مع ردة فعل التي يحدثها، فكثير من السودانيين يقولون أن التطبيع الآن ممكناً.. ولذلك يجب أن لا نناقش هذه القضية من زاوية المنتصر أو المهزوم، ويمكن أن يقوم بذلك خبراء وسفراء وقيادات من قوى الحرية والتغيير، صحيح هناك تجاوز للوثيقة ، ولكن حدث ما حدث، ولا نستطيع أن نقول إن ما حدث لم يكن، بالتالي يجب أن نناقش ماذا سنستفيد منه أو ما هي خسارتنا ونرجح كفة على الأخرى ونتخذ القرار على ضوئها.
*ما زلت متمسكاً بدعوة المساومة التأريخية؟
– هناك من انتقد المساومة من زاوية أني أقصد بذلك مصالحة مع النظام البائد، وهناك من رأى أن التوقيت غير مناسب وآخرون ذهبوا الى أن المساومة مقصود بها (السوق) (تجارة يعني) وهؤلاء يجهلون بماهية المساومة، وأول من طرحها في السبعينيات هو السكرتير العام للحزب الشيوعي الايطالي «إنريكو برلينغوير» وفي السودان أيضاً طرحها العالم الجليل د.حيدر إبراهيم، وظلت محل اهتمامي ومشروعي منذ وقت طويل، عشرات السنين، وليس اليوم، وأعلنتها في ندوة جامعة الزعيم الأزهري، بل أنا كتبت رؤيتي في مقالات بصحيفة التيار تحت عنوان نحو مشروع وطني نتوافق عليه لبناء دولة وطنية حداثية.
*ما ذا قلت بالضبط في الندوة عن المساومة؟
– أنا قلت في الندوة أن السودان نال استقلاله في العام 1956 ، لكن فشلت كل الحكومات المتعاقبة لإنجاز دستور دائم ، ظللننا في حلقة شريرة انقلابات تجهض ديمقراطيات لا تجعلها تكمل مشروعاتها، ثم تأتي انتفاضات تزيح السلطة العسكرية ، كذلك ليس هناك اتفاق على مشروع وطني تنموي أو توافق حول الهوية، ولذلك في تقديري منذ الاستقلال حتى الآن يعيش السودان في فترة انتقالية، وهذا يعني أن أسئلة ما بعد الاستقلال لم يجاب عليها، أو أجيب عليها بطريقة خاطئة، أو أي تنظيم يستولى على السلطة يرى في مشروعه أنه مشروع الدولة الوطنية، آخر مثال لذلك مشروع الانقاذ الذي فشل ، وبالتالي لا يمكن لحزب ان يدير السودان لوحده أو وفقاً لأيدلوجيته، فالسودان بلد متعدد الاعراق والثقافات، ولابد أن يشعر الجميع بأنهم جزء من الدولة وهذا لن يتأتى الا عبر المساومة التاريخية.. (أنا عندي طرح وانت لديك طرح فلا بد أن يتنازل كلانا للآخر، هذه ببساطة هي المساومة) وبلا شك بعد تأسيس الدولة الحديثة صندوق الانتخابات هو الأفضل.
*لم ترد على الهجوم الواسع نظير تبنيك هذه الفكرة؟
– نشرت عدة مقالات في (الفيس بوك) ، ولكن النظر من الزاوية المظلمة للأشياء لم يجعل هذه الردود تجد مكانها الواسع من التداول.
*هل ما زلت على علاقة بالإسلاميين؟
– علاقتي مع الجميع وكل المهمومين بقضايا الوطن ، بالطبع ليس كل الاسلاميين خاصة (الحرامية) وأنا في اطار الوطن أتحدث في اطار القضية الوطنية مع الجميع، والاسلاميين جزء من الحركة السياسية، وهناك من ربطتني بهم علاقات اجتماعية سواء كانوا زملاء دراسة.
*تحديداً مع من الاسلاميين تتناقش أو تتحاور؟
– المحبوب عبدالسلام، مجموعة سائحون، وكانت لدي لقاءات ونقاشات مع الدكتور الترابي رحمه الله.
*ما عندك فكرة تأسيس حزب سياسي؟
– الآن لا ، تسيطر علي فكرة مشروع المساومة التأريخية.
*البعض يرى فيك (كاريزما) وشخصية محورية يجب أن تقود حزبا؟
– بناء الأحزاب على محورية الاشخاص ليس مطلوباً الآن ، لأن الجيل الحالي الذي صنع الثورة لن يقبل بكاريزما او قيادة مركزية تؤثر عليه ، أو بمعنى أن يتوافقوا على شخص يحمل صفات معينة في اطار قيادة جماعية، وبالتالي النقاش حول تأسيس حزب لن يكون وفقاً للمسلمات السابقة (أجر دار وعضوية وأجمع توقيعات)، ومن ثم المسجل يصادق، لابد أن تتفق المجموعات التي تريد تأسيس الحزب على شكله وتبتعد عن المركزية.
*هل اتفقت على ذلك مع الشباب المفصولين من الحزب؟
– بالمناسبة كل منا قد يكون تم فصله لأسباب مختلفة، لم نتناقش حول تأسيس حزب.
*مهتم بلجان المقاومة (عشان) الحزب الجديد؟
– مقدر جداً الأدوار البطولية التي لعبها هؤلاء منذ الثورة، ومروراً بفض الاعتصام والى الآن، لدي علاقات معهم، ولا أؤثر عليهم أو أنوي تأسيس حزب منهم.
*دفعت فاتورة آراء جهر بها الراحل نقد وفصلت عن الحزب؟
– الفصل جاء بحيثيات الكشف عن التصريح بغير المسموح بها حزبياً للصحف، وأنا كنت أتحدث عن قضايا فكرية، وهذه لا يمنع الحزب التداول فيها، ومن ضمن الصحف (الجريدة) وأشير للحوار الذي أجريته بمكتبكم مع أحمد الشيخ ومحمد أمين …على أي حال، هذا الموضوع تم خمس سنين ولا داعي للتفاصيل، الحزب طلع بيان وأنا (رديت).
*هل انقطعت العلاقة تماما؟
– لم تنته، الحزبية في تقديري لا تؤثر على علاقاتي مع البشر، وهذا الحزب رباني وأحسن تربيتي وأحسن تأديبي، وتعلمت فيه السياسية، وساهم في صياغتي في بداية حياتي، ولا يمكن أن أنظر اليه أنه (حاجة) سلبية في حياتي، وأي (حاجة) أقوم بها الآن راجعة إلى أني كنت في الحزب الشيوعي، اختلافي مع القيادة التي جاءت بعد نقد اختلاف جذري بينما علاقاتي مع الآخرين ممتدة.
*كيف تقيم أداء قوى الحرية والتغيير؟
– قوى الحرية والتغيير كان لديها زخماً واسعاً في بداية الثورة، وشكلت الحكومة وهي أوسع تحالف في السودان، في تقديري عند تشكيل الحكومة تبنت الكفاءة كمعيار، هذه الفكرة جوهرها صحيح لكن كان يمكن أن تنفذ بشكل أحسن من الذي نفذت به.
*هل الأفضل هو تشكيل الحكومة من سياسيين أكفاء؟
– نعم، مجلس الوزراء ليس مجلس تكنوقراط بالمعنى الحرفي، هو مجلس سياسي معني بإدارة البلاد، قوى الحرية والتغيير هي مؤسسة، تماسكها ضروري ومهم للثورة، وتحتاج لتطوير، وبدلا من أن تناقش السياسة وتنشغل برد الفعل يجب أن تناقش السياسات.
*ماذا عن أدائهم كحاضنة سياسية؟
– دورهم ليس كما ينبغي أن يكون، قوى الحرية والتغيير في ظل الواقع الحالي وغياب المجلس التشريعي يمكن أن تلعب أدواراً أكبر في رسم السياسات وصنع البدائل، بدلاً عن الاهتمام بمناقشة واختيار الوزراء أو الولاة، وحصر دورها في ذلك، وفي رد الفعل، كما حدث في موضوع الميزانية.
*ما رأيك في طريقة اختيار الولاة؟
– في البداية كانت جيدة، نقاش من أهل الولاية وتوافقهم حول مرشحين، ولكن حصل العكس، فكل المرشحين الآن حزبين وتعارض ذلك رغبات أهل الولايات.
*كيف تقيم أداء الحكومة؟
الحكومة مرت عليها ستة أشهر، ويصعب تقييمها، وفي تقديري أهم ما يميز هؤلاء الوزراء أنهم وطنيون، لكن عموماً اداء الحكومة ضعيف، وهذا يمكن أن يوجد له تبرير، غير المبرر هو مخاطبتها لجماهير الشعب السوداني، (عندك مشكلة في الدقيق او البترول تكلم أكتر) ، التنوير مهم لأنه يقلل من تذمر الشارع.
*لا توجد انجازات؟
– الحكومة تحارب في نظام سيطر على مفاصل الدولة لفترة طويلة ، أحدهم قال لي: قلت لوزير: هذا الموظف يرفض تمرير قرار يخصني، فرد الوزير كان هو (كيف يمرر لك هذا القرار وهو كوز).
الجريدة