مقالات متنوعة

حميدتي المحبط.. هل نعى الشراكة؟!!


ظهر الفريق أول محمد حمدان حميدتي النائب الأول لرئيس مجلس السيادة محبطا على غير عادته في حواره مع قناة سودنية (24)، فحص إفادات الرجل تضعك أمام حقيقة مؤلمة مفادها أن الشراكة بين المكونين المدني والعسكري تمر بأزمة كبيرة ومطبات تهدد الفترة الانتقالية.
أزمة الشراكة تجلّت واضحة في حديث الرجل رغم تمسكه بالاتفاق مع الشركاء وإعلانه الالتزام بما أقرته الوثيقة الدستورية وتعهده بحماية الفترة الانتقالية من الانقلابات، لكن يبدو واضحا أن حميدتي نعى الشراكة بين المدنيين والعسكر حينما قال (نحن شركاء في التغيير، لكن الآن ليس هناك (شراكة حقيقية).
إفادات حميدتي تنبئ عن (مأزق الشراكة؟ فقد بدا واضحاً أنه يتمسك بالأمل في أن ينصلح الحال، وأن ينتبه المكونان إلى ما فيه مصلحة البلد والتغيير، يتجلى ذلك في قوله: (أدعو لميثاق شرف نتفق فيه جميعاً، عسكريين ومدنيين لجعل مصلحة البلد مقدمة علي كل شيء).
دقلو كان واضحاً في تحميل قوى الحرية والتغيير مسؤولية ما تعايشه الشراكة من انتكاسات وما تواجهه الدولة من أزمات، الرجل أعلنها بملء فيه أن (هنالك أصوات داخل الحرية والتغيير أوصلتنا للحالة التي تشهدها البلاد).
حميدتي خلال الحوار تحسر على ممارسات (تبويظ متعمد) لشركاء المكون المدني أنتجت ما تعايشه بلادنا من أزمات، إفادة حميدتي المهمة في هذا الصدد تقول: (بعض الأشخاص حاربوا كل الدول التي ساعدتنا وظلوا يشتمون فيها ليل نهار).
أخطر ما قاله حميدتي في اللقاء (نريد أن نساعد أخوتنا في مجلس الوزراء، لكننا لا نعرف كيف نقوم بهذه المساعدة)، ترى هل تقطعت سبل التواصل بين المكونين المدني والعسكري؟، ولماذا يبدو التفاهم صعباً للحد الذي يفشل فيه المكون السيادي في مدّ يد العون للمدنيين؟!، لماذا هذا الجدار الموجود بين الطرفين؟!، وما مصير البلد في حال استمرت هذه الجفوة وانكفأ كل طرف على ملاحظاته وتحفظاته وجراحه؟!!.
اللقاء كشف عن ملاحظات يبديها الرجل على بعض الجهات المكونة للحرية والتغيير (هنالك أشخاص لايريدون الديمقراطية، ويسعون لتمديد الفترة الانتقالية عشر سنوات)، أظنه يعني بعض المكونات الصغيرة داخل المكون المدني والتي تتهيب اللجوء لصناديق الانتخابات لأنها لا تملك رصيداً جماهيرياً يؤهلها للحكم، هذه الجهات من مصلحتها إطالة أمد الانتقال والتمتع بالمناصب لأنها لن تكسب أي موطئ قدم في الممارسة الديمقراطية.
الملاحظة المهمة التي تجعلنا ننتبه إلى ضرورة مراعاة العلاقة بين المكونين العسكري والمدني بما يحقق استقرار الفترة الانتقالية تقول بحرص حميدتي على الإشارة لأهمية أن يعرف الشعب (عدوه من صليحه)، فقد أجاب الرجل بأسى بائن على الاتهامات التي ترشّح العسكر للانقلاب على المدنيين أو الاستمرار بعد الفترة الانتقالية: (نحن وقعنا الوثيقة ولن نزيد عنها يوم ولن نخالف العهد)، ويضيف: ( نقول لأصحاب الدعوات المليونية لتفويض القوات المسلحة لاستلام الحكم خاب فألكم، نحن أنفسنا نريد المدنية الحقيقية والديمقراطية).
الواقع أن أمر الشراكة يمضي الآن بوتيرة غير مستقرة، لابد من ميثاق شرف لحماية الفترة الانتقالية مثلما دعا حميدتي، فشل المكونين المدني والعسكري خلال هذه المرحلة يعني الحرب الأهلية وانهيار منظومة الدولة وتسليم البلد للمجهول، أصلحوا حال شراكتكم التي نعاها حميدتي، نرجوكم قبل خراب مالطا.

محمد عبدالقادر
اليوم التالي