مقالات متنوعة

في الاقتصاد السياسي للفترة الانتقالية (4)


في النيوليبرالية– الخصخصة الي تخمة النخبة الاسلاموية

الخصخصة ، بيع أصول مؤسسات القطاع العام الحكوميللقطاع الخاص ، مفهوم ذوتعقيد نظري وجزء من سياسات النيوليبرالية. الخصخصة كمفهوم وسياسةيمكن دراستها من خلال مناهج مختلفة من مثل التحليل الاقتصاديالإيجابي(اقتصادًا مبنيًا على الحقائق ويتّصف بالموضوعية),التحليل الاقتصادي المعياري (تحليل مبني علي وجهة نظر و بالتالي يتضمَّنُ حكمًا قيَميّا )،العلوم السياسية والاقتصاد السياسي. في هذا المقال ، اهتمامنا ينصب علي التحليل الاقتصادي الإيجابي، والذي – وفقا لميلتون فريدمان (1966) “من حيث المبدأ مستقلة عن أيموقف أخلاقي معين أو أحكام معيارية “. كما يقول كينز ، إنه يتعامل مع “ما هو” ، لامع “ما يجب أن يكون “. في اطار تبني سياسة الخصخصة و التي هي هي سياسة للتمكين و التي هي هي تمكين “الاوليغاركية” الاسلامويةتم بيع العديد من مؤسسات القطاع العام من مثل: مشروع الجزيرة ،مشروع جبال النوبة ،دلتا طوكر ،القاش ،خور أبو حبل ، اضافة الى ميناء بورتسودان، السكة حديد ،سودانير ،هيئات الكهرباء ،المياه ،مصنع النيل الازرق ،مصانع الدباغة والسكر وغيرها من مؤسسات القطاع العامة الرابحة.

مشرووع الجزيرة – مثال لمنتوج الخصخصة

يعتمد تحليلنا لخصخصة مشروع الجزيرة على مقاسين: المقاس الأول هوعلى أساس الكفاءة الاقتصادية و التي تعنيهنا ان المشروع بعد الخصخصة سوف ينتج نفس الكمية من المنتوجات الزراعية باقل حد ادني ممكن من التكاليف او انتاج اكبر كم من الانتاج بذات التكلفة ، و المقاس الآخر هو الآثار التوزيعية لسياسة.الخصخصة. من نقطة الكفاءةمن وجهة نظر التحليل الاقتصادي الايجابي ، نجد أن تأثير الخصخصة كان إيجابيا في بداية السياسة (1992) ،مع زيادة دخل المزرعة-داخل مشروع الجزيرة- تدريجيا لتجاوز تكاليف الإنتاج ، ولكن بعد أصبحت مدخلات الإنتاج أكثر تحررا ، اتجهت تكاليف الانتاج الي الارتفاع-ارتفعت التكلفة في %50- %55-مما قادلانخفاض الأرباح (2005,Eldaw). علاوة علىارتفاع تكاليف الانتاج و التي اخذت تتصاعدا عاما بعد عام منذ2005 الي الان، أفادت(منظمة الأغذية والزراعة ، 2006) في تقرير خاص عن السودان أن معدل النمو في القطاع الزراعي قد انخفض من 7.3٪ في 2002 ، إلى 4.5٪ في 2004 اي بعد 14 سنة من بدء تطبيق سياسات الخصخصة1991.ووفقا لبيانات بنك السودان المركزي -الرسم البياني مرفق ادناه -فان حصة الزراعة من إجمالي الصادرات السودانية قد اخذت في الانخفاض اكثر فاكثر حتي وصلت 10 في عام 2012 و هو مما يعكس اتجاه حصة الزراعة من إجمالي الصادرات شكل منحني حاد الهبوط.اذن بيانات التكلفة الانتاجية و التي دللت بارتفاع التكلفة و الصادرات الزراعية التي اخذت في الانخفاض نجدها قد نسفت الادعاء-ادعاء الحكومة بان الخصخصة سوف تقود لرفعالكفاءة الاقتصادية و التي تعني هنا ان المشروع بعد الخصخصة سوف ينتج نفس الكمية من المنتوجات الزراعية باقل حد ادني ممكن من التكاليف او انتاج اكبر كم من الانتاج بذات التكلفة.

الانقاذ و الخصخصة و النخبة المتخمة

المقاس الثاني كما اشرنا هو الآثار التوزيعية لسياسة.الخصخصة. بالنسبة الي العمال الزراعيون ، بما في ذلك العمال الموسميون ، تشير دراسة اجراءها احمد علامالي كون ان هولاء العمال الزراعيون هم الخاسرون منالخصخصة وقد يكون هذا بسبب توزيع التمويل الذي يعد العقبة الرئيسية التي تواجه الزراعة في السودانحيث غالبية المزارعين % 88 لديهم مشاكل اساسية مع التمويل (Allam 2003).ومع ذلك ، قد يبدو أن المزارعين الذين ليس لديهم مشكلة مع الائتمان المالي ، الذين يمثلون حوالي %12 من مجموع المزارعين يصنفون من الفائزين جراء الخصخصة .من الفائزين ايضا ، وفق تقدير سليمان هم البنوك التجارية ، مثل بنك المزارعين ،بنك البركة الإسلامي. مجلس إدارة الجزيرة. اتحاد ة(سليمان ، 2007). مساحة الفقر ازدادت بشكل اوسعكما دللت دراسة اخذت من المنطقة المروية كمجموعة مستهدفة ونقطة مرجعية ، حيث وجدت الدراسة أن حوالي %96 من الأسر العاملةشملها الفقر او فقيرة مقارنة بـ %3.8 من غير الفقراء. حوالي %51.1 من المستأجرين الذين يستخدمون عمالة مستأجرة هي أسر فقيرة (سامية وسيوار ، 2004).

مدي شمول تفكيك الانقاذ و استعادة ممتلكات القطاع العام

بعد انهيار التجارب الاشتراكية في شرق اوروبا في تسعينيات القرن الماضي و توجه تلك الدول نحو الراسمالية -اقتصادات السوق الحر- بدات تتبلور نظرية داخل الحقل النظري لعلم الاجتماع تبحث فيما تبحث عن الفرص التي قد تجنيها النخب-النخب هنا بما هي الكادر السياسي للحزب الحاكم قبل و عند ابتداء الخصخصة- من جراء عملية خصخصة بعض موسسات القطاع العام. قد تتحول موسسات الدولة وشركاتها العامة الي شركات خاصة و لكن تخضع الي السيطرة التنظيمية للنافذين.هنا تسمح هذه الاستراتيجيات السماح لشركات الدولة بالتهرب من تنظيم الدولة وضرائبها من خلال كسب أكبر قدر من الدخول اضافة الي حصول مالكي و مديري هذه الشركات الخاصة(ظاهريا) علي الرواتب العالية ومزايا اضافيةاخري.علي سبيل المثال,تشير احدي الدراسات(Walder 2003)الي تجربة الصين باعتبارها من الدول التي تحولت من الاقتصادات المخططة إلى اقتصاديات السوق. حيث نفذت الصين أكبر عملية خصخصة في تاريخ البشر ,من حيث الحجم. ما يقرب من 100،000 شركة عامة تم تخصيصها بأصول تبلغ قيمتها 11.4 تريليون يوان (1.63 تريليون دولار أمريكي) في الفترة من 1995 الي 2005. وجلبت عملية الخصخصة تغييرات أساسية في ملكية الشركات الصينية والسيطرة عليها وخلق أيضا طبقة النخبة الجديدة “الطبقة الوسطى الجديدة”و الذين كان اغلبهم من النافذين و العالمين ببواطن الامور داخل الدولة مما ساهم في تحويل امتيازهم السياسي إلى فوائد اقتصادية.يمكننا الزعم ان تجربة الحركة الاسلامية عبر قناتها المؤتمرالوطني تتشابه الي حد بعيد مع تجربة الدول التي تحولت من الاقتصادات المخططة -في شرق اوروبا ,الصين , فيتنام و روسيا و بخاصة في مسالة استغلال النفوذ السياسي و تحويله الي كسب اقتصادي (فيما يسميه الاسلامويين التمكين)عبر امتلاك شركات خاصة كانت مملوكةللقطاع العام و تتشابه ايضا مع تلك التجربة من حيث استشراء الفساد المصاحب لعملية الخصخصة.

في المرحلة الانتقالية الراهنة من الضرورة بمكان اعادة دراسة كل المؤسسات العامة التي تم تخصيصها بهذا الشكل او ذاك ابان سيطرة نظام(الانقاذ) و ان يتم تمليك الشعب كل الحقائق و المعلومات فيما بعد الوصول الي نتائج مدققة و ربما هذا جزء من مهام لجنة تفكيك التمكين نظام(الانقاذ).وادناه سيناريوهات متصورة لمسالة تفكيك التمكين و استعادة المال المنهوب جراء خصخصة(الانقاذ) القطاع العام.من خلال جدول السيناريوهات,يترائ لنا ان افضل السيناريوهات بالنسبة لقوي الثورة و الشعب هو قيام لجنة تفكيك التمكين برشاقة ثورية و ما تستدعيه من كفاءة في تنفيذ هذا القرار او ذاك لازالة التمكين و في ذات الوقت شمول القرارات لكل الموسسات او الشركات او الاموال التي تمكن منها نظام الانقاذ بتلك الطرق المفسدة و الفاسدة.في حالة تحقق هذا السيناريو ,فان سكة قطار ثورة ديسمبر في الغالب الاعم نحوالتنمية الديمقراطية و الاقتصادية قد لا تعترضها الغام الاسلامييون بعد نزع راس مالهم الاقتصادي(مال الشعب المنهوب)و بالتالي تحييد راس مالهم السياسي.و في المقابل نجد ان اسوا السيناريوهات هو عندما تتباطئ قرارات لجنة التمكينفي اصدار و تنفيذ ازالة التمكين مقرونا بكون تلك القرارات كانت جزئية بحيث انها لم تشمل كل الموسسات او الشركات الكبيرة التي خصخصها او نهبها المؤتمر الوطني.في هذا السيناريو الافضل لكادر المؤتمر الوطني الذي كان قد حول نفوذه السياسي الي فوائد اقتصادية ضخمة(الاستحواذ علي مال الشعب).في باقي السيناريوهات يظل كادر التنظيم الذي اغتني عبر التمكين في حالة النشؤ و الفرح بما جني من مال عام.

مدي شمول تفكيك الانقاذ و استعادة ممتلكات القطاع العام

قرارات لجنة تفكيك

التمكين

تفكيك كلي تفكيك جزئي

افضل مكسب و خيار للشعب مكسب جزئي للكيزان الطفيليين

( يعنمد علي ….) سرعة قي تنقيذ قرار التفكيك

مكسب جزئي و خيار غيرمفضل للشعب افضل مكسب للكيزان الطفيليين بطء قي تنقيذ قرار التفكيك

*** سيناريوهات متصورة لمسالة تفكيك التمكين و استعادة المال المنهوبجراء خصخصة(الانقاذ) القطاع العام***

طارق بشري
الراكوبة