مقالات متنوعة

إسرائيل يا أخت بلادي يا شقيقة!


كتب الشاعرالسودانى الراحل/ تاج السر الحسن رائعته الأدبية أنشودة آسيا وأفريقيا حيث تغنى بها الأستاذ/عبد الكريم الكابلى أطال الله في عمره بمناسبة الذكرى الأولى لمؤتمر باندونغ الذى عقد في إندونيسيا عام 1955 وكانت النواة الأولى لتأسيس حركة عدم الانحياز حيث أنشد الكابلى قائلا”:

مصر يا أخت بلادي يا شقيقةxxx يا رياضا” عذبة النبع وريقة

يا حقيقة مصر يا أم جمال أم صابر

تغنى الكابلى لاحدى أخوات السودان وتناسى الأخت الأخرى وهى إسرائيل واستمر الخصام ما بين الأختين كثيرا” لكن يبدوأن لجان رأب الصدع لعبت دور المصالحة حتى لا تبغي واحدة على الأخرى!

تكلل الاتفاق والتفاهم الذى جمع بين الفريق أول/عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ورئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو بمدينة عنتبى أو ما يطلق عليه اسم عاصمة السياحة و مدينة ال[UN] فى يوغندا نسبة لوجود المكتب الاقليمى لبعثات الأمم المتحدة في أفريقيا« RSCE|United Nations Regional Service Centre Entebbe ووكالات أممية متخصصة أخرى مقرها الأساس مدينة عنتبى.

طالعتنا وسائل الإعلام الأحد -16/02/2020 بنقل أخبار من إسرائيل تؤكد ترجمة بعض ما تم الاتفاق عليه خلال النقاش وهو بدء تحليق طائرات تجارية إسرائيلية في أجواء السودان.

أعلنت إسرائيل بصفة رسمية تحليق طائرة إسرائيلية تجارية المجال الجوى السودانى قادما” من كنشاسا فى طريقها الى تل أبيب حيث يرى محللون ومختصون فى مجال الطيران والملاحة الجوية تقليص ساعة ونصف لزمن الرحلة بين كينشاسا وتل أبيب عكس ما كان عليه فى السابق أى تقلص زمن الرحلة من 4 ساعات الى ساعتين ونصف الساعة.

تقلص أيضا” زمن الرحلة من إسرائيل إلى أميركا الجنوبية بنحو ثلاث ساعات وهو يعتبر تطور ملحوظ فى هذا الاتجاه الجديد نحو تطبيع العلاقات بين البلدين.

من جانب أخر أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالخطوة أمام حشد اعلامى كبير وأعلن عن تشكيل لجنة أمنية للبحث فى وضع رؤية متكاملة لعملية التطبيع الدبلوماسي مع السودان بينما أعلنت الحكومة السودانية من جانبها تسمية لجنة مختصة تعكف في دراسة ملف العلاقة بين البلدين.

بحسابات الربح والخسارة ستستفيد إسرائيل من تقليل التكلفة والنفقات التى تصرفها طائراتها التجارية لوقود الطائرات المدنية التجارية المعروفة ب «جيت أ/Jet A-1» وسيعود بالنفع الاقتصادى الهائل لها والسودان كذلك سيستفيد من رسوم عبور الطائرات بمجالها الجوى وهنا لا ضرر ولأضرار.

سياسات النظام السابق والأنظمة التى كانت على سدة الحكم قبلها عملت على خلق عداوة ما بين إسرائيل والسودان وكانت تنظر لإسرائيل بسوداوية وتبرر مواقفها بالدفاع عن القضية الفلسطينية وكانت لديها مواقف سالبة فى محور العلاقات الإسرائيلية حتى الجواز السودانى الأخضر القديم كان مكتوب في أول صفحاته عبارة«كل الدول ماعدا اسرائيل» «All countries except Israel!» بالرغم من وجود تفاهمات مسبقة ما بين الرئيس الأسبق المشير/جعفر محمد نميرى والتي أسفرت عن ترحيل اليهود الفلاشا لإسرائيل ابان عهده.

يضاف الى ذلك رعاية الخرطوم لقمة اللاءات الثلاثة”«لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل» فى التاسع والعشرين من عام 1967 وأصبحت الخرطوم فى وجه المدفع وكما يقول المثل المحلى الشائع استخدامه:«شالت الخرطوم وش القباحة مع اسرائيل» بينما قبل أن تراوح القمة مكانها كان هناك من يعقد علاقات مباشرة وغير مباشرة من أجل التطبيع مع إسرائيل.

بحسابات المنطق يعد الإعلان عن السماح بتحليق الطائرات الإسرائيلية فى أجواء السودان أبرز تطور في العلاقات بين الجانبين منذ لقاء نتنياهو مع البرهان ومن المتوقع أن يشهد تطور بمستويات أعلى فى مقبل الأيام بعد أن تحط الطائرة التى تنقل البرهان رحالها فى واشنطن الأيام القادمة حسب زيارة مرتقبة للبرهان بدعوة من الإدارة الأمريكية.

تكهنت أوساط كثيرة بشأن تطبيع العلاقات الإسرائيلية السودانية بعدة سيناريوهات وقراءتها من زوايا عديدة وأبعاد مختلفة وفق الأتى:

«التوسط الاسرائيلى جاء لفك حصار العقوبات المفروضة على السودان ورفعه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، تضييق الخناق على الإرهابيين المتواجدين في الخرطوم وطردهم منها، عدم التطبيع مع إيران وتوقيع اتفاقية دبلوماسية وفق الأعراف الدبلوماسية العالمية المتبعة والتعاون فى المجال الجوى لتحليق الطائرات ومجموعة أخرى من التكهنات والتوقعات المرجوة مقابل التطبيع».

على كل حال نحن فى عهد غير زمان اللاءات الثلاثة ولايمكننا أن نعيش بشعارات الماضى التليد ويجب علينا امعان النظر جيدا” حول مصالحنا كسودانيين.

بالنسبة لامة اللاءات الثلاثة تغنيهم هذه الأية الكريمة:«تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ»-« 141- البقرة ».

ليس من المنطق أن نعيش حالة الحرب والعدوانية بيننا وإسرائيل بينما كل العالم يطبع علاقاته معه حتى فلسطين التى نتباكى لأجلها خصما” من رصيدنا فى المحيط العالمى.

حان الوقت المناسب لكى ننظر للعالم بعقول متحررة ننهى فيه خلافاتنا مع الجميع ونعيش معا” بسلام وأمان فى مظلة علائقية تحكمها المصالح المشتركة والتفاهم والتعاون والاحترام المتبادل لا الخصام والعداء السافر.

فى اعتقادى اصلاح علاقتنا مع الشقيقة اسرائيل أفضل لنا بكتير حتى من عضويتنا بالجامعة العربية التى لم نستفيد منها قط طوال مسيرة حياتنا منذ تاريخ انضمامنا لها بتأثيرات خارجية من جمال عبد الناصر وأصبحنا بلا هوية جامعة لا فى الجامعة العربية ولا فى المجال الأفريقى اللهم مجرد أتباع والحل يكمن فى تحررنا الكامل من الامبراطوريات القديمة والبحث عن استراتيجيات جديدة تتماشى والواقع المعاش لدينا.

موسى بشرى محمود علي

الراكوبة