الداء والدواء
نواصل ما أثرناه من قضايا تتعلق بمعاش الناس وإرسال الرسائل اليومية للسيد رئيس الوزراء د/ عبدالله حمدوك، أملاً في أن تجد المساحة في أجندة الوزارة للنهوض بالوطن والخروج من عنق الزجاجة، الذي وجدنا أنفسنا فيه بفضل سياسات مسئولينا غير المستقيمة وشفقة المواطنين وإستعجالهم للحلول الناجزة، وبسبب إستمرار تواجد كوادر النظام البائد داخل مؤسسات الدولة الحساسة، وهذا أيضاً يندرج في باب السياسات غير المستقيمة.
الشعب السوداني معلوم أنه صبور وقنوع في كثير من الأحيان، ولكن حكومة حمدوك لم تعمل على إستغلال هذه الصفات بما يخدم سياساتها، ويبعدها عن شبح السقوط الذي بات يتهددها من وقت لآخر، خاصة مع تزايد الأزمات الطاحنة في الوقود والخبز، والتي لا زالت مستمرة في بعض الولايات حتى الآن.
فالمواطن كان سيكفيه مع عنت ومشقة صفوف البنزين والخبز، أن يرى أحد لصوص المال العام وهو يُساق لسجن، أو تتم محاكمته علنا محاكمة حقيقية وليس صورية.
كان من الممكن أن يغفر المواطن لحكومة حمدوك تباطؤها في حلحلة المشاكل اليومية المتعلقة بمعاش الناس، حال وجد أمواله المنهوبة وهي تُسترجع من اللصوص، سواء أكانوا بالداخل أو الخارج، وكان من الممكن جداً أن ينسى ويغفر الشعب السوداني مماطلة لجنة التحقيق في مجزرة فضَ الإعتصام وما سبقها، أو إيفاء الحكومة الإنتقالية بوعدها وهي تعيد قيادات النظام السابق ممن فروا هاربين عقب سقوط النظام، وتقديمهم لمحاكمات عاجلة وعلنية.
كان من الأجدى لحكومة حمدوك الإلتزام بوعدها الذي قطعته للشعب بإستعادة زعيم جهاز الأمن والمخابرات السوداني الأسبق صلاح قوش من مخبئه السري بمصر أو جزر المالديف أو كيفما اتفق، عبر البوليس الدولي (الانتربول)، أو حتى تحيط المواطنين علماً بسير إجراءات الإستعادة، بدلاً عن حالة الصمت المريب التي تتعامل بها.
من حق المواطن أن يعلم أين أمواله التي فقدها عبر ثلاثة عقود.
ومن حقه أن يسأل ويستفهم، لماذا لم تلتزم الحكومة بوعدها الذي قطعته بإستعادة أي مليم تمَ تهريبه لخارج السودان؟
الأموال التي تحدث عنها السيد رئيس الوزراء ووزير ماليته، ووعدوا بإعادتها لخزينة الدولة، وأيضاً أرصدة رموز النظام السابق المجمدة كفيلة بحلحلة مشكلة السودان الإقتصادية ولو مؤقتاً، أو لحين إيجاد معالجات جذرية لحين إستقرار الوضع الإقتصادي بالسودان، وكذا الحال بالأموال المجنبَة لسنوات، وأموال الضرائب والجمارك والجبايات وغيرها، من موارد تستخلص من جيب المواطن سواء أكانت برضاه أو غصبا عنه، أين تذهب وفيم تُستخدم؟
أسئلة كثيرة تدور في أذهان المواطنين ولا تجد لها إجابة شافية من مسؤول، الشئ الذي يضاعف من علامات الإستفهام حول السلحفائية التي تُدار بها أعمال الدولة ومؤسساتها التي تحتاج لتفكيك وإبعاد كافة العناصر المخربة وعديمة الجدوى من كوادر النظام الساقط.
الشعب يحتاج أن يكون في الصورة بشكل يومي، ولا أعتقد من الصعوبة بمكان أن يكون منبر سونا مفتوحاً بشكل دوري لجميع الوزارات والمؤسسات لعكس آدائها بشكل دوري في ظل غياب المجلس التشريعي، ماذا قدمت وماذا تنوي أن تقدم من حلول للمشاكل التي تعترضها، ويُفضل أن يُخصص الوزراء خطاً ساخنا للجمهور ومكتباً خاصاً لتلقي الشكاوى، هذه الإجراءات على بساطتها وسهولتها من شأنها أن تعمل على تقوية العلاقة بين الحكومة والمواطن، وستعمل على إزالة حالة الإحتقان التي تزايدت بين الطرفين وستكون أشبه بـ(عقد مصالحة) الجميع أحوج ما يكون له.
الشفافية مطلب المرحلة الحالية والقادمة، وبغير الشفافية لن تستطيع الحكومة أن تتقدم خطوة واحدة للأمام، فسلاح الإشاعة الفتأك والتخوين والتشكيك بات هو المسيطر على الساحة السياسية، لذا فمحاربة الداء بالدواء هو الذي سيرجح الكفة.
هنادي الصديق
الجريدة