حالة إحباط عام !!
@ الأزمات التي تحيط بالمواطن من غلاء في الاسعار و ندرة في بعض السلع و شح في أخرى رئيسية كالوقود بكل أنواعه و دقيق الخبز و أزمة المواصلات و التصاعد الجنوني في اسعار العملات الأجنبية، كل ذلك لا يتسبب في حالة الاحباط العام التي يعانيها الجميع جراء البطء الشديد في الاداء الحكومي و كأن لم تك هنالك ثورة أطاحت بالنظام الفاسد السابق و لأن الثورة تعني التغيير لم يحس المواطن بأن هنالك تغيير و كل ثمرات الثورة التي من المفترض ان ينعم بها الثوار أصبح يستمتع و ينعم بها أعداء الثورة الذين فلتوا من الشرعية الثورية من قبل اللجنة الأمنية و فيما بعد المجلس العسكري ، معيق الحراك الثوري، تأخير العدالة بعرقلة قيام مؤسساتها و حتى الآن لم يقدم أي من رموز النظام السابق للمحاكم سوى المخلوع الذي جاءت محاكمته عبثية لأن جريمته الأساسية هي الانقلاب علي الحكم الديمقراطي.
@ الحقيقة الوحيدة التي لا يختلف حولها اثنان، أن الوضع الراهن لا هو بالثورة و لا هو بالنظام السابق الذي فقد رأسه فقط بينما ظل جسده ممتدا كما كان بل و أكثر جرأة لأنهم يشعرون بأن الثورة قد (بردت) أو أُجهِضت، بخيانة المكون العسكري الذي استغل مثالية الشريك المدني الذي يتفادي الاصطدام و تصعيد الصراع مع المكون العسكري الذي اصبح (يلعب) على الورقة الأمنية والتقاعس عن حماية الثورة و ترك أمن المواطن في محك عل ذلك يشكل عامل ضغط على الحكومة الانتقالية و يعجل برحيلها و في ذهن منظري الثورة المضادة و مفكري النظام السابق الذين ينعمون بالحرية و الحركة يديرون معركة اجهاض الثورة و عرقلة مسيرتها جهاراً نهاراً أن العقبة تكمن في الشارع ، ولذا تمكنوا من إشراك غالبية قيادة الأجهزة الأمنية الذين أدوا البيعة للمخلوع لخلق حالة السيولة الامنية التي تشهدها البلاد، العداء الظاهر لقوى الثورة وغياب أمنها و تصاعد الاعتداءات المتكررة على قوى الثورة كل ذلك ، كفيل بالإطاحة بكل القيادات الأمنية المتورطة في كل الأحداث الدموية الاخيرة، و كل ذلك رصيد تراكمي لإستكمال الثورة.
@ من أكبر مظاهر الاحباط العام ، ما يتجلى في الاستهتار بالعدالة أهم شعارات الثورة التي إندلعت و انتصرت بسبب الظلم و الفساد الذي تمكن من عصب الحياة وتردي حقوق المواطنين و نهب المال العام و كل ما يبرر التضحيات التي مهرها الشهداء بدمائهم الغالية الذكية، كل من شارك في هذه الثورة يرنو لتحقيق العدالة و إنصاف المظاليم و المتضررين، كل هذه الأزمات التي تمر بها البلاد من غلاء و ندرة و شح و انعدام للاحتياجات الضرورية بفعل الفلول و الثورة المضادة مقدور عليها و يمكن احتمالها و لكن ..
@ لا يمكن أبدا إحتمال رؤية اعداء الثورة من المتورطين في كل قضايا الفساد طلقاء السراح، لم تطلهم يد العدالة بعد والأكثر احباطاً، تدخل جهات سيادية في الافراج عن بعضهم و تأخير العدالة في مواجهة 200 بلاغ بنيابة مكافحة الفساد و 120 بلاغاً بنيابة الثراء الحرام ومعظم هذه البلاغات مكتملة تنتظر فقط تقديمها للمحكمة كما جاء في المؤتمر الصحفي لمنظومة زيرو فساد، ملايين الدولارات و مليارات الجنيهات نهبت من المال العام تنتظر حكم القضاء ، في قضايا فساد شهيرة كقطارات الخرطوم بلاغات النقل النهري والصمغ العربي و وزارة الطاقة و اليخت الرئاسي سودانير ، القطن ، الاتجار بالبشر و المخدرات وتهريب الذهب و غسيل الاموال و ملف فساد التركي اوكتاي الذي تورطت جهات السيادية في اطلاق سراحه، كل هذه القضايا و غيرها تنتظر المحاكمات و لكن الجهات السيادية تمارس عرقلة سير العدالة و هذا هو قمة الإحباط.
حسن وراق
الجريدة