آخر سنوات “البشير” (13)
في ديسمبر 2012م ، أجرت الحركةُ الإسلاميةُ السودانيةُ تعديلاً مهماً ومفاجئاً في هيكلها القيادي بعد انتخاب مجلس الشورى والمؤتمر العام لوزير المالية الأسبق “الزبير أحمد الحسن” أميناً عاماً للحركة ، خلفاً للأستاذ”علي عثمان محمد طه” ، فدخلَ الفريق “بكري حسن صالح” الهيئة القيادية للحركةِ وأصبح نائباً أول للأمين العام للحركةِ الإسلاميةِ !!
كان دخول ضابط المظلات والاستخبارات كابينة قيادة (التنظيم) لأول مرة، أمراً مُثيراً للتساؤلات. في اليوم التالي لإعلان خبر تعيين”بكري” ، زارني بالمكتب زميلان صحفيان قريبان من دوائر معلومات الحركة الإسلامية وأجهزتها الخاصة ، وقد تعودتُ على مثل هذه الزيارات الاستطلاعية، جرى بيننا نقاشٌ طويلٌ حول مستجدات الساحة السياسية، غير أنهما ركزا على معرفة رأيي في اختيار وزير رئاسة الجمهورية الجنرال “بكري حسن صالح” نائباً لأمين الحركة الإسلامية ، كنتُ أعرف أن أحدهما على الأقل، مُكلف برصد وتحليل المعلومات حول هذا الموضوع، وأنه بالتأكيد يستكشف معلوماتي أو وجهة نظري . تعودتُ أن (أعمل رايح) واستغل مثل هذه المقابلات المرتبة أو التي تأتي مصادفة لإبلاغ رسائلي الخاصة في الشأن العام بكل جرأة، دون وجل أو تردد . قلت لهما : (حسب معلوماتي وتحليلي .. فإن الرئيس “البشير” يريد تصعيد “بكري” في الحزب والجهاز التنفيذي، ولهذا لابد أن يلحقه بهياكل الحركة الإسلامية والحزب تمهيداً للمرحلة المقبلة). رد عليّ أحدهما ? لا.. لا .. أنا سألت “الزبير أحمد الحسن” .. وقال لي الموضوع عادي ومتعلق بأهمية التنسيق مع “بكري”) . قلت له : (في رأيي .. هذه الخطوة ستتبعها خطوات لتصعيد “بكري” ليكون مرشح الحزب والحركة الإسلامية لانتخابات الرئاسة في العام 2015م) .
وبالفعل .. وبعد عام بالضبط .. في ديسمبر 2013م .. أصدر “البشير” مرسوماً جمهورياً بتعيين الفريق أول “بكري حسن صالح” نائباً أول لرئيس الجمهورية، وصار بالتالي نائباً لرئيس حزب المؤتمر الوطني للشؤون التنفيذية، فضلاً عن احتفاظه بمقعد النائب الأول لأمين عام الحركة الإسلامية.
ولا أدري ما سر شهر (ديسمبر) وارتباطه بأحداث سياسية كبيرة في السودان، فمذكرة العشرة ضد الدكتور “حسن الترابي” في مجلس شورى المؤتمر الوطني رُفعت في ديسمبر 1998م، وقرارات الرابع من رمضان التي أطاحت بالشيخ “الترابي” وقسّمت الإسلاميين على حزبين أحدهما (وطني) والثاني (شعبي) كانت في ديسمبر 1999م ، واختيار “بكري” نائباً لأمين الحركة الإسلامية كان في ديسمبر 2012م ، وتنحي “علي عثمان” و”نافع”، وتعيين “بكري” نائباً أول للرئيس واختيار بروفيسور ” إبراهيم غندور” مسؤولاً عن الحزب كان في ديسمبر 2013م ، كما اندلعت الثورة التي أسقطت نظام (الإنقاذ) السابق في ديسمبر 2018م .
حسب ما يصدر عنه في تلك الفترة، بدا لي أن “البشير” كان جاداً في التنحي عن السلطة في 2015م وتقديم “بكري” لخلافته، وظل هذا هو السيناريو الأرجح حتى منتصف العام 2014م .
نواصل غداً .
الهندي عزالدين