مقالات متنوعة

والدولاب عاوز مفتاح


خالتي العزيزة ..تعشق البناء وتفاصيله ..اول سؤال تبادرك به (اها عندك بيت ؟ ) فان قلت نعم فهي تدخل معك في تفاصيل الطوب والسيخ ..والخرطة عملتها كيف ..وحاجات وشنو ..وان اجبت بلا ..فتلك وايم الله المشكلة ..فهي ستلاحقك باللوم والتقريع وليه ما بنيت وعشان شنو ..الله يعينك غايتو ..كانت قد اغتربت في بواكير حياتها فهي من اوائل من اسسوا لمهنة التمريض في البلاد وتمت اعارتها لدولة الامارات في السبعينيات ..كنا نمزح بانها اول ما تجي من المطار ..تمشي تشتري كم الف طوب ..وخرصانة وسيخ ..وبعد ما تصل بيتها وتنزل كل الحمولات .. تقف حائرة وتقول .. (يا ربي اعمل شنو بالحاجات دي ؟) ..
على غرار خالتي الحبيبة ..الحكومة الانتقالية تجتمع كل ليلة وتحسب وتعدد الموارد والمنافذ والمخارج ..والطوب والسيخ والخرصانة ..وبعد ذلك تتساءل (يا ربي أعمل شنو بالحاجات دي؟) ..المفارقة ان خالتي لم تكن حينها في ضيق من العيش ..ولم يكن هناك الملايين من الأفواه الجائعة في انتظار قرارتها المؤجلة والمحاطة دائما بنظريات اللجان والآليات.
الحق يقال ..(والحق ما يزعلش ) ..ان املنا خاب كثيرا في اداء الجهاز التنفيذي ..وكنا نضع الكثير من الآمال على الكفاءات التي عادت من المهاجر تحمل خبرات لا يستهان بها ..وكنا نتوقع ان العمل سيكون وفق استراتيجية عمل مدروسة وخطط عاجلة ..ومتوسطة وآجلة ..بل ذهبت طموحاتنا عاليا لنتوقع ان هناك خطط للاحوال الطارئة خاصة ان بلادنا مفتوحة الحدود على الكثير من الدول منها المستقر ومنها ما بين بين ..لكن الواقع لم يكن كما اردنا ..اذ يبدو ان الكفاءات العائدة اشترت المواد والخرصانة ..ومن ثم وقفت حائرة تتساءل (يا ربي أعمل شنو ) فلله الحمد من قبل ومن بعد.
جانا الخبر شايلو النسيم .. ان هناك آلية قد تم تكوينها لحل الازمة الاقتصادية .. وهي بصدد الاجتماع قريبا لبحث مسببات الازمة وايجاد حلول للخروج منها ..وعدم تكرارها مرة اخرى …ولا ادري ما هو الفرق بين الآلية واللجنة ..لكن المهم ان يدخل اعضاء الآلية الاجتماع وفي ذهن كل منهم تصور مبنيا عل ابحاث وتقديرات ..وتصور لنتائج لكل خطوة ..اذ لا مجال للتجربة ..ولن يكون هناك فرصة للتراجع ..لان الامر ليس مثل (بيت خالتي ) ..ولا شنو ؟
عندما كنا صغارا كانت هناك لعبة تحكي عن سلسلة حياتية ننشد فيها انشودة لطيفة تقول (بابا سافر مكة جاب لي حتى كعكة والكعكة جوة الدولاب والدولاب عاوز مفتاح ) … .. انشودة الاطفال تخبرنا ان هناك سلسلة تنتهي عند احدهم وهو الذي بيديه المفتاح بتاع الدولاب ..يبقى الآلية مهمتها هو فتح الدولاب ..اما بالمفتاح او تجد طريقة عشان (تفلسو) ..المهم ان هناك احتمالين لا ثالث لهما ..النجاح ..او النجاح ..و الاشارات واضحة في الانشودة ..(المفتاح عند النجار ..والنجار عاوز فلوس ..والفلوس عند السلطان …) ..انتهى

ناهد قرناص
الجريدة