مقالات متنوعة

السودان والاتحاد الأفريقي.. (خرمجة ناشطين)!!


لا أدري إلى أين ستمضي العلاقة بين السودان والاتحاد الأفريقي على ضوء تطورات سالبة عديدة كان آخرها حظر حكومتنا سفر مفوضة للشؤون الاجتماعية الأستاذة أميرة الفاضل والغائها ورشة حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجوع على المجتمعات الأفريقية، كان من المفترض أن تستضيفها الخرطوم.
القصة المؤسفة لمن لم يتابعها تقول إن أميرة تلقت دعوة رسمية من حكومتنا لحضور إعلان تدشين نتائج بحث أعدّه الاتحاد الأفريقي عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجوع على المجتمعات الأفريقية بإشرافه وتمويله، لكن أميرة فوجئت – حسب الأخبار – بالغاء مراسم استقبالها وسحب السيارة المخصصة لترحيلها من المطار، مع إلغاء الورشة التي كان من المتوقع أن يحضرها ممثلون للمنظمات الدولية، وحظر عودتها لأديس أبابا، لولا تدخل شخصية عسكرية مكّنتها من اللحاق بمقر عملها في العاصمة الأثيوبية.
ويبدو أن تعامل الحكومة مع أميرة على طريقة الناشطين أزّم علاقتنا مع الاتحاد الأفريقي بكل أهميته وأياديه البيضاء واستراتيجية تواصله مع السودان.
ذات العقلية التي تعاملت مع أميرة الفاضل على أنها (كوزة) ووزيرة في العهد السابق، بعيداً عن رمزيتها الحالية كممثل للسودان في وظيفة دولية مرموقة، هي التي طلبت من الاتحاد الأفريقي سحبها وترشيح دبلوماسي آخر له صلة قربى بوزيرة الخارجية أسماء محمد عبدالله، فقد علمت أن الوزارة رشحت الدبلوماسي المذكور مكان أميرة، لكن الاتحاد الأفريقي لم يستجب.
بالطبع هذا السلوك ينطوي على عدم إلمام بالإجراءات المطلوبة واللوائح ذات الصلة بأعراف العمل الدبلوماسي، الشخص المذكور ربما لا يكون قد طلب ترشيحه للموقع، لكني أعلم أن أميرة الفاضل ناضلت بشدة ومكنته من وظيفة مرموقة في الاتحاد الافريقي، غير أنهم أرادوا ترفيعه إلى منصب أكبر فكان، موقع أميرة هو البديل الجاهز.
لا أدري كيف يفكر الناشطون في التعامل مع المناصب بعد الثورة، هل هي غنائم أم أمانة ينبغي أن تملأها الكفاءات وبالطرائق التي تحقق المصالح الوطنية العليا، فعلوا ذلك والجميع يعلمون أن المرشح وبمجرد أن تنتخبه القمة يصبح ممثلاً لإقليم شرق أفريقيا، وليس السودان، وأنه لا يمكن سحبه إلا بعد إكمال مدته القانونية المحددة بأربعة أعوام.
أشير كذلك إلى أن المرشح المذكور كان قد سقط في انتخابات مفوض الشؤون السياسية، وفازت أميرة الفاضل في أرفع موقع يناله السودان في منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأفريقي منذ الاستقلال، عباقرة الخارجية الجدد يريدون تعيينه مكان السيدة التي دعمته.
النتيجة بالطبع أن الاتحاد الافريقي لم يوافق على ما تقدمت به المذكرة لأن الإجراء مضحك ومخالف للتقاليد والأعراف الدبلوماسية، ومن الواضح أنه بات مستاءً من تصرفات الحكومة السودانية منذ تاريخ المذكرة إياها مروراً بإلغاء ورشته في الخرطوم وحظر سفر موظفته، إلى جانب غضبه الواضح من تصريحات لعدد من المسؤولين السودانيين تتحدث عن تسليم الرئيس المعزول عمر البشير للمحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من وجود قرارات أفريقية تدعو الدول لعدم التعاون مع المحكمة الجنائية.
أكبر دليل سادتي على استياء الاتحاد الأفريقي الواضح جراء هذه السلسلة من الانتكاسات في العلاقة بين الطرفين سقوط السودان الشهر الماضي في انتخابات الحصول على عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي وقد كان ممثلاً لدول شرق أفريقيا، هذه الهزيمة التي تجاهلها إعلامنا ولم يكترث لها الآخرون، فازت أثيوبيا وجيبوتي، وفشل السودان في الدخول.
أدركوا علاقتنا مع الاتحاد الأفريقي، فهو السند والحفيظ القيم على مكتسبات ثورة التغيير السودانية، والمتفهم لتقاطعات الأزمة السياسية في بلادنا، تعاملوا بانفتاح واحترافية مع الملف الدبلوماسي، بعيداً عن أجندة الناشطين وهتاف المدرجات.

محمد عبدالقادر

اليوم التالي