مقالات متنوعة

كورونا الهروب لشنو !!


لم يعد خافياً على الجميع أن فيروس كورونا اللعين المتوحش، الذي أعلنته منظمة الصحة العالمية أخيراً وباءً عالمياً، تحول بين ليلة وضحاها بعد انتشاره خارج الصين، الى وباء نفسي عالمي، أدخل حالة من الخوف والقلق وسط الأصحاء أكثر من المصابين ، وباتت أخباره تشكل بعبعاً خاصة عند الذين يتعاملون معه بضعف ايمان وقلة عزيمة، ولاشك ان حالة الهلع من فيروس كورونا جعلت معظم شعوب العالم أسرى منازلهم ، وعانى كثير من المصابين من حالة تنمر وعنصرية تجاه المصابين، وكان للشعب الصيني نصيب الاسد من هذا التعامل ، وكل هذا كان عبارة عن تصرفات أدّت إلى سلوكيات، كان لها الأثر النفسي على المصابين والمشتبه في إصابتهم، وعلى الخائفين من الإصابة وأولئك المهووسين بالنظافة والتعقيم، وكذلك على المستهترين بالفيروس وأصحاب النظريات الخارجة عن العلم والمعرفة المتحولة الى تنظير.
وفي السودان تعدت عندنا التصرفات الخاطئة تجاه المرض والوقاية منه خطوط الخوف من الإصابة به الى الإصرار على اخطاء كارثية، ربما تكون هي السبب الاول والمباشر الذي جعلنا نقع في براثن الكورونا دون ان ان ندري، فهذه النظرة الضيقة العقيمة التي تتعلق بمفهوم التعامل مع هذا الوباء الخطير، تتمثل في عدم تجاوب المواطنين مع الأطباء ، لإجراء عمليات الفحص والحجر والعزل بالرغم من اننا نعلم ان العزل لا يتم ان ثبت فعلاً انك غير مصاب بالمرض وسيتم اطلاق سراحك وان كنت مصاب بالمرض فعزلك وحجرك واجب وضروري ، فكيف لمريض يهرب من فراش المرض من المستشفى لأن الاطباء اشتبهوا في حالته ، وكشفت لجنة نواب الصدر بحوادث مستشفى الشعب عن هروب مريض يعاني من كحة وألم في الحلق والم في المفاصل ، ولديه تاريخ مخالطة لشخص حضر من إحدى الدول التي بدأ فيها انتشار مرض كورونا ، وحملت اللجنة ادارة الوبائيات بوزارة الصحة التي قالت انها لم تستجب الطوارئ فيها لاتصالات الطبيبة التي أرادت ان تبلغ بالحالة، ولكن السؤال كيف يهرب المريض لمجرد انه سيخضع للفحص ولماذا لا يطوق برقابة تحد دون هروبه، وهل كل من أخبره الأطباء انه مجرد مشتبه به (يقوم جاري)، ولو فرضنا ان هذا الشخص مصاب بالفعل اليس هذا سبباً (غبياً) في انتشار المرض ، وهل يفيد الهروب وماذا اذا قدر الله وأصيب الشخص بالمرض ، فيجب ان نكون أكثر وعياً وايماناً وان نسهم في ان لا نكون سبباً في اصابة الآخرين، وانتشار المرض في السودان ، وفي مطار الخرطوم أيضاً رفضت عدد من الفتيات القادمات من دول اوربية من بينها اسبانيا الخضوع للعزل عبر الحجر الصحي وقدمت الفتيات على متن طائرة اماراتية بمطار الخرطوم أمس ووقعت مشادة كلامية بين الفتيات وأسرهن والسلطات الامنية والصحية حول تمسك الاخيرة بضرورة اخضاعهن للعزل قبل عودتهن الى أسرهن ، فيما رفضن العزل وأكدن انهن غير مصابات بالمرض الامر الذي دعا المسؤولين بالمطار الى ضرورة الحجر والعزل حتى ولو بواسطة محكمة تلزم الوافدين بالخضوع الى الحجر وأبدت الكوادر الطبية بغرفة الطوارئ استياءها لعدم استجابة الفتيات للعزل، وانتهت المعركة و(الملاواة) بأنهن لن يخضعن للعزل وهذه ظاهرة كارثية.
ولكن هل يكفي ان تستاء الكوادر الطبية ، وهل ظاهرة الرفض والخضوع للعزل والحجر ستستمر وكل مشتبه به سيرفض ذلك بحجة انه له (عزة نفس) وكرامة، وكيف للأطباء ان يهينونه عندما يصفونه بأنه مشتبه هل هذا يعقل ونحن نواجه خطراً كبيراً كهذا هل سيكون جهلنا وقلة وعينا وثقافتنا في التعامل مع الوحدات والكوادر الصحية هو سبب مباشر في دخول كورونا وانتشارها في البلاد ولماذ تستسلم السلطات وتمنح المشتبه به فرصة المغادرة او الهروب او الرفض ، ولماذا لا تتم الاستعانة بالأجهزة الشرطية لاخضاعه للعزل بالقوة فالأمر ليس امرأ خاصاً يعنيه، القضية تهم أمة وشعب بحاله لذلك يجب ان لا تتهاون الجهات المعنية وتسمح بهذه الظاهرة ولابد ان يتم العزل ان كان ذلك برضاهم او بدونه.
طيف أخير :
دار الزمان على الانسان وانقلبت ..كل الموازين واختلت بمستند

صباح محمد الحسن
الجريدة