مقالات متنوعة

تسلق وإنتهازية

عندما نتحدث عن البطء الذي يلازم أداء الحكومة الإنتقالية، فنحن لا نتحدث من فراغ، فجميع الشواهد تؤكد ما ذهبنا إليه قبلاً، وحتى لا نرمي بالتهم جزافا، سأضع بين يدَي القارئ الكريم حالة من حالات الإستهبال والإستغفال التي لا زالت تمارس بكل بجاحة ووقاحة من قبل منسوبي الإنقاذ في العديد من مؤسسات الدولة الحساسة، دون أن تضع حسابا لإزالة التمكين بها وتفكيكها وعدم الإنتباه لخطورة تواجد المتسلقة والمنتفعين والإنتهازية بداخلها.
زكريا محمد سليمان رئيس الهيئة القومية للمواصفات والمقاييس فرع بورتسودان، تعيين سياسي بإمتياز، جاء به كمال عبداللطيف من عمله في شركة خاصة، وتمت سمكرة إنتداب له من الحجر الزراعي ولم يكن يتبع له في الأصل حسب إفادات مصادر، لك أن تتخيل عزيز القارئ (كوز من زمن كمال عبداللطيف لا زال يبرطع في مؤسسات الحكومة الإنتقالية، وينال مرتبه وحوافزه ومخصصاته من جيب الثوار وإخوة الشهداء الذين يسهرون الليل لكنس قاذورات الإنقاذ ومسح فضلاتها).
هذا الرجل الذي وصفه زملاؤه بالإنتهازية حسب بيان لهم، كانت أول مهامه عقب تسلمه مهمته كرئيس لفرع بورتسودان، قام بإنتدابات واسعة للعاملين بمعرفته فقط، وقام بتعيين عشرات العمال بالهيئة، منهم أقاربه، ومنهم من أتى به لخدمته الشخصية، ومنهم من جاء بهم إرضاءا لكبار السياسيين وخدمة للتنظيم، وحتى يضمن فرض سيطرته على الفرع.
وبحسب بيان العاملين تلقيت نسخة منه، فإنه إستعدى الشرفاء والنزيهين من العاملين بالهيئة، وتسبب في إقالة مهندس من أصحاب الكفاءة العالية وممن يعد فقده خسارة كبرى للهيئة، إضافة إلى أنه عُرف عنه إتخاذ القرارات الفنية بمزاجية عالية ودون أن يكون له أي مرجعيات فنية يعتمد عليها.
تسبب في إدخال الهيئة في إتفاقية فاسدة مع الصين سميت بـ(سي آي كيو)، وهذا إن صحَ فإنه يفتح الباب واسعا أمام تحقيق كبير سيكون له ما بعده، إضافة لضلوعه أيضا حسب ما وصلنا من إفادات بإعادة تعبئة سكر منتهي الصلاحية، تالف ومتسخ، في جوالات أخرى جديدة مطبوع عليها بيانات غير دقيقة، بدلا عن حجزه وإبادته حسب توصية الإدارة المعنية، إلا أن يقظة شباب المقاومة بضاحية أبو حشيش ببورتسودان، كانت لهم بالمرصاد، وكشفت سوء النية والمخطط الخبيث، إضافة إلى أن الإفادات حوله أكدت أنه على علاقة وطيدة بكتائب ظل الأمن الشعبي إن لم يكن جزءا منها.
إلى هنا والأمر يبدو عاديا، فكل هذه الممارسات إحدى صفات منسوبي النظام البائد، ولكن غير العادي هو صمت مجلس الوزراء ولجان التفكيك على وجود هذا الشخص حتى الآن رغم مذكرة العاملين بالهيئة القومية للمواصفات والمقاييس فرع بورتسودان بضرورة إقالته ومحاسبته، خاصة وأنه أحد المشاركين بل ورأس الرمح في تهديد الثوار أيام الحراك التاريخي، وأحد الواقفين سداً منيعا بينهم وبين الإضرابات والعصيان المدني آنذاك، (وشاقي حلقومه) مهللا ومكبراً في خطبه العصماء التي وصف فيها الثوار (بالعملاء والمندسين) في الفيديو الشهير أمام مبنى رئاسة المواصفات والمقاييس (الفيديو طرفنا)، بجانب قيادته أتباع حزبه العظيم كما أسماه في الفيديو الفضيحة إلى مسيرة الساحة الخضراء رفضا للثورة ودعما للبشير وقتها.
فتح ملفه بات أمرا حتمياً من قبل لجان التفكيك، ولا أعتقد أنها ستواجه بصعوبة الحصول على شهود، فبيان العاملين وحده إن صحَ ما جاء به سيكون كافياً جداً لإقالته وإيداعه السجن قبل تقديمه للمحاكمة.

هنادي الصديق
الجريدة