تحقيقات وتقارير

أول زيارة لولاية شمالية :بعـد «4» سنوات سلفاكير في كادقلي غــداً

يبدأ النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب غدا الثلاثاء زيارة لولاية جنوب كردفان، حيث تعتبر هذه اول زيارة له لولاية تقع في حدود الشمال منذ وصوله الحكم خلفا للراحل الدكتور جون قرنق عقب حادثة وفاته المفجعة والمفاجئة كذلك.
بعد اربع سنوات يزور سلفاكير جنوب كردفان زيارة تحمل في جوهرها نتيجة التوافق والانسجام بين الثنائي الحاكم الوالي مولانا احمد هارون ونائبه عبد العزيز الحلو وهي الزيارة الثانية لمسؤول كبير في الحركة الشعبية للولاية تأتي بعد زيارة جيمس وانيقا للولاية خلال الاسابيع الماضية ومشاركته في مؤتمر للمؤتمر الوطني والذي اطلق من خلاله الحديث عن حرص الحركة الشعبية على وحدة البلاد.
غير ان الكل في جنوب كردفان يتساءل عن سر الخروج المتلاحق والزيارات المكثفة لقيادات الحركة الشعبية لولاية جنوب كردفان هل هي تعضيد للانسجام بين الشريكين بفضل الاختراق الفردي الذي احدثه مولانا احمد هارون في علاقاته مع الحركة الشعبية مستفيدا من صداقاته مع رموزها ام ان هناك اجندة اخرى لم يحن الوقت للافصاح عنها؟
الكل يتساءل عن ما يحمله سلفاكير لاهل جنوب كردفان بعد اهمال وغياب في سنوات على اتفاقية السلام ومعروف ان جنوب كردفان من المناطق الثلاث المعنية بالاتفاقية وبموجبها كونت حكومة الوحدة الوطنية بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بالولاية منذ العام 5002م
قضايا كثيرة ومعقدة تحيط بالاوضاع في جنوب كردفان وتشغل الساحة السياسية يترقبها الناس بشيء من الحيطة والحذر من بينها تحكيم أبيي ونتائجه المتوقعة في الاسابيع المقبلة.
مؤتمر الصلح بين المسيرية والرزيقات والذي من المتوقع ان يخاطبه سلفاكير بمدينة المجلد وامكانية نجاحه في وضع حد لعدم تجدد الصراع بين القبيلتين الكبيرتين والمؤثرتين بالمنطقة، المشورة الشعبية التي يفسرها كلا على هواه وحال الخدمات والامن والتنمية الذي يمثل هاجس المواطن الاول والذي لا يزال يراوح مكانه رغم الاموال التي ضخاها المركز لحكومة الولاية، وشبح حرب القبائل الذي يهدد المنطقة بأثرها والازمة الصامتة بين قواعد الشريكين رغم الانسجام الظاهر على مستوى القيادة والصراعات الداخلية والتكتلات بين احزاب حكومة الوحدة الوطنية كلها ازمات تعبر عن نفسها بصور مختلفة ولكن كما هو معروف في جنوب كردفان تجمد مؤقت الى ان يكشف الوالي الجديد عن حكومته وعن برنامجه وبطانته.
فهل ينجح احمد هارون في وضع حل لازمات جنوب كردفان المصنوعة قبل الموضوعية بسبب تراكم الاهمال الحكومي تجاه المنطقة ام يقع في فخ ومصيدة قضايا المنطقة المعقدة.؟
لقد كانت جبال النوبة وجنوب كردفان اول منطقة شمالية تلحق بالتمرد وذلك حين انضم يوسف كوة في بواكير الثمانينيات للتمرد ووظف ابناء الجبال في جيش الحركة واصبحوا من اهم العناصر التي تغذي جيش الحركة بالمقاتلين وكان لهم تأثير كبير في النفوذ والتمدد الذي ميز الحركة الشعبية في ثمانينيات القرن الماضي.
لكن حصاد ابناء الجبال والنوبة من التمرد جاء دون مستوى التضحيات التي بذلوها في صفوف الحركة الشعبية وخسر النوبة ولم يربحوا رغم سنوات الحرب الطويلة والموت بالمئات وظلت الحركة الشعبية صامتة قابعة من الجنوب، متناسبة هؤلاء وأدى هذا السلوك لخروج محمد هارون كافي واسماعيل سعد الدين عن الحركة الشعبية وتوقيفهم لاتفاقية الابيض التي كان احد ابطالها المرحوم محمد عبد الكريم والاستاذ مكي بلايل الذي يرأس حاليا حزب العدالة الاصل بعد خروجه عن المؤتمر الوطني وكونت الحكومة المجلس الانتقالي لابناء جبال النوبة غير ان هذه المكاسب لم تعبر عن طموحات النوبة بالصورة التي ترضيهم وظلت الاغلبية من الذين حملوا السلاح مع يوسف كوة في انتظار الحركة الشعبية حتى تم التوقيع على اتفاقية السلام وبروتوكول جبال النوبة وجنوب كردفان.
وتعتبر اغلبية النوبة غير راضية بقدر كبير على البروتوكول الخاص بالمنطقة حيث يرى هؤلاء ان المنطقة تمت مقايضتها بمعالجة الوضع في ابيي المتفجر بين الدينكا والمسيرية ولا تزال هذه المواقف تعبر عن نفسها بين النوبة وما تقرير مجموعة الازمات الدولية ببعيد عن الاذهان.
وتأخذ جنوب كردفان اهميتها المتأرجحة بين الامن والاستقرار بوجود منطقة ابيي ضمن اراضيها الى جانب جوارها الى دارفور لذا فان زيارة النائب الاول ورئيس حكومة الجنوب تأخذ اهميتها من اهمية القضايا التي تنتظره علي الارض في كادقلي والمجلد وكاودا حيث لا يكفي وضع اكليل من الزهور على قبر يوسف كوة بكاودا فقط كمبرر لقيمة زيارة النائب لجنوب كردفان ما لم يكن يحمل في حقيبته ما يمسح عن اهل المنطقة موقفهم السالب من عدم مساندة الحركة الشعبية لهم في الفترة الماضية.
ويؤكد الاستاذ اسماعيل سعد الدين وأحد قيادات المنطقة ان جنوب كردفان تعاني من اهمال المركز لقضاياها حيث لا يوجد تدخل سريع في ازمات المنطقة وقضاياها المتلاحقة مما يجعل الترابط متين بين اهل المنطقة والمركز. ويرى سعد الدين ان الزيارة جاءت متأخرة ولا ينتظر ان تأتي بجديد لاهل جنوب كردفان لان السيد سلفاكير حصر نفسه منذ البداية في حكومة الجنوب وتناسى اهتماماته الاخرى كنائب اول بل تناسى ان جنوب كردفان جزء من اتفاقية السلام وان اهله لن يفسر الزيارة بغير انها من مكاسب الصداقات بين احمد هارون وقيادات الحركة ولن تمس جوهر القضايا التي تؤرق اهل جنوب كردفان.
غير ان الدكتور عيسى بشرى وزير الدولة بالعلوم والتكنولوجيا وأحد قيادات المسيرية يرى ان الزيارة جاءت في توقيت مناسب وقال انه يعتبرها فرصة لاظهار وحدة السودان واكد ان اهل جنوب كردفان سيستقبلون النائب الاول ورئيس حكومة الجنوب بحفاوة كرم كبيرين واوضح ان المسيرية جاهزون لاستقبال النائب الاول بالمجلد وسيظهروا له تعاونهم وتعايشهم مع اخوانهم الدينكا بعكس الادعاءات الاخرى.
القيادي سلمان سليمان الصافي وزير الدولة بالاستثمار وممثل الحوازمة قال ان الزيارة تأتي في ظرف متغيرات جديدة بالمنطقة وتؤكد تجاوز الشريكين لمرحلة الشد والجذب نحو تأسيس شراكة راشدة تسهم في تعزيز المضامين الجديدة للتعايش السياسي بين الحركة والمؤتمر الوطني.
وعلى كل حال فان المواطن في جنوب كردفان ينتظر ان تكون هذه الزيارة التي يودع عنها أزماته وأتعاب الحياة التي ظلت تلاحقه باستمرار.

hadiaali32@yahoo.com

هدية علي :الصحافة