مقالات متنوعة

عدي بينا يا ريس


المعدية (البنطون) ..يقوم على قيادتها اثنان ..احدهم جالس في الأعلى يقود الدفة … و زميله الذي ينفذ تعليماته يجلس في الأسفل مفصولا عن العالم لكنه لا يسمع شيئا غير هدير الماكينة ..والتعليمات الصادرة من قائده عبر انبوب معدني طويل يمكن هذا القائد من الاتصال مباشر معه .. يوجهه لما تحتاجه المعدية من سرعة و قوة واتجاه حتى يصل الى الشاطيء المقابل بأمان ..مسؤول الماكينة وكل الذين يصعدون الى المعدية يضعون كامل ثقتهم في ذلك الشخص الجالس في الأعلى ..هو الذي يقرر هل تميل الدفة يمينا او يسارا حسب مجرى النهر واتجاه الرياح ..لا مجال للخطأ والا غرقت المعدية وضاعت الانفس والارواح.
لا احد من ركاب المعدية يرغب في معرفة تفاصيل القيادة ولماذا تمايلت هذ المرة ناحية الشرق بعدما كانت تتجه ناحية الغرب ..لكن الشئ المؤكد انهم جميعا يرغبون في الوصول الى برالامان بأسلم الطرق واسرعها .. لذلك لو حدثت اي اخطاء ..او صدرت اصوات غريبة من الماكينة ..او تصاعد دخان من جهة ما في المعدية ..لابد من سرعة تدارك الامر ..وتوضيح ملابساته للركاب ..وللا شنو يا جماعة ؟
طيب حكينا القصة دي ليييه ؟ ذلك ان عدد من الأصوات ارتفع مناديا ببعض الشفافية في قضية المدمرة كول التي حملت الاخبار ان السودان قام بتسوية قانونية حولها ..ورشحت انباء تقول ان السودان سدد ما يقارب ال70 مليون دولار لأهالي الضحايا ..وتضاربت الاقوال حول مصدر هذ ا المبلغ في هذا الوقت العصيب ..واثار الأستاذ عادل الباز هذا القضية بصوت صارخ في مقاله بصحيفة اليوم التالي وتحدى وزير المالية وطالبه بتفاصيل القصة كاملة.
انا ايضا اطالب وزارة المالية بالخروج الى العلن وشرح كل ما حدث بكواليس دفع التسويات وكذلك اطالب وزارة العدل بشرح المسوغات القانونية التي صاحبت هذه التسويات ..وهل كان الامر يستحق فعلا وسيتم رفع العقوبات نهائيا ؟ ام ان الساقية لسه مدورة وتكون قروشنا راحت (شمار في مرقة ؟)..هل صحيح انها كانت ادخارات المعاشيين وتم اخذها دون مشورتهم ؟ وبعد ذلك تمت اعادتها و(لا من شاف ولا من دري) ؟ هل تعلم وزيرة الشؤون الاجتماعية بذلك ؟ ان كانت تدري فتلك مصيبة وان كانت لا تدري فالمصيبة أعظم.
الحقيقة اتمنى ان يرد السيد وزير المالية على اتهامات عادل الباز بصراحة .. ذلك اننا كلنا ركاب تلك المعدية ..وجميعنا نتطلع الى ذلك الجالس في الأعلى ونضع فيه كل الثقة بأن رؤيته ستكون نتيجة تفكير عميق و دراسة جميع الاحتمالات ولا ننسى الخبرة التي جعلته بكل ثقة يختار ذلك الاتجاه وتلك الدرجة من ميلان الدفة..
يا صاحب السعادة ..انما أهلك الذين من قبلكم انهم كانوا يقضون في امرنا دون مشورتنا ويعتقدون ان الاخبار لا تنتشر ..لكن الاحداث كانت تكذبهم كل مرة ..ويتفشى الخبر ويعم القرى والحضر قبل ان تكتمل الطبخة بل حتى قبل اطفاء نارها ..فالشفافية ..ثم الشفافية ..ثم الشفافية ..اني لكم من الناصحين .

ناهد قرناص
الجريدة