مقالات متنوعة

فساد الرأي


(ابكرونا قال ما تجونا ..لحدي نشيف قضية الكورونا) ..المقطع أعلاه جزء من اغنية لطيفة تأليف طارق الأمين واداء ابكرونا الشخصية المعروفة . ابكرونا كان حاسما في قراره بطلبه من الجميع ألا ياتوا لزيارته حتى انقضاء فترة الكورونا ..حسم تمام ..لا تردد ولا تراجع ولا فتح معابر ولا مطارات ..وقديما قيل (ان كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ..فان فساد الرأي ان تترددا).
كنت اتمنى أن تحذو حكومتنا حذو ابكرونا في الحسم (لحدي نشيف قضية الكورونا ) لكن التردد كان سيد الموقف منذ البداية ..اغلاق المطار كان قرارا صائبا في وقته ما افسده الا فتحه لمدة يومين ..وهي كانت الثغرة التي ادخلت معظم حالات الكورونا ان لم تكن كلها …اغلاق الخرطوم تأخر كثيرا ..فلم يكن كافيا توقف البصات السفرية ..فقد تعود السودانيون على الاستثمار في المحن فراجت تلقائيا سفريات العربات الصغيرة واللواري والدفارات ..وآخر ما تفتقت عنه الأذهان هو التهريب داخل عربات الفواكه ..ورحلات (السمبك) بين مدن العاصمة الثلاث.
وكلو كوم ..وفوضى التصاريح كوم تاني ..حظر تجوال شامل ..يعني حظر شامل ..وإلا كيف يكون شاملا اذا كانت هناك استثناءات ؟ والمضحك المبكي هي تلك الصور التي اتت من مركز منح تصاريح المرور ..تكدس بشري وصفوف طويلة ..لو عطس احدهم لالتقط البقية الفيروس بكل سهولة ..وبقي عليهم توزيعه بواسطة تصريح المرور الممنوح لهم بواسطة السلطات الرسمية ..شفتوا كيف ؟ ..سؤال يطرح نفسه من أو ما هي الجهات التي تعمل بصروة حيوية الى درجة استثناءها في هذه الظروف غير الأطباء والجهات الأمنية ؟؟ ..الاجابة ..لا احد ..لكن التصاريح منحت لكل من هب ودب ..حتى قيل ان هناك صاحبة خلطات نسائية اخذت تصريحا لتوزيع منتجاتها (برضو الاهتمام بالبشرة مفيد يا اخوانا).
لا اعتقد أن هناك زمن اصعب من هذا الذي تمر به البشرية عموما والسودانيون خصوصا ..حظر شامل بلا استثناء ولا تصريح مرور لأي كان ..الاطباء لهم بطاقات الهوية التي يمكنهم ابرازها عند التوقيف ..الجهات الامنية لها ايضا وسائل التعريف الخاصة بها ..في المقابل لجان المقاومة في الاحياء السكنية تقوم بعمل جيد في توزيع الخبز والغاز ..ويمكن بقليل من الترتيب والتعاون ..ايجاد آلية لتوصيل بقية الخدمات للاحياء في المناطق الطرفية وتخصيص رقم للاتصال في كل حي لكل يقوم كبار السن وذوي الاحتياجات بالاتصال به في حالة احتياجهم لامر ما ..حظر شامل يا جماعة لا احد يتحرك الا للضرورة القصوى ..المسألة صارت حياة او موت ..نكون او لا نكون ..حظر شامل بكل ما في الكلمة من معنى ..
لو كان الامر بيدي ..لسمحت بانتشار القوات المسلحة في الشوارع لمتابعة تطبيق منع التجوال…وتوقيف كل من يتجول دون ضرورة خارقا للحظر ومعرضا نفسه واهله للخطر ..فقد وصل الامر حد الانزلاق الوبائي والذي قد لا يحمد عقباه اللهم سلم وارحم امتنا فقد نفذت حلول الأرض ونحن في انتظار لطف الله سبحانه وتعالى ..وفي النهاية كما بدانا بنصائح (ابكرونا) نختم بها ونقول (كل زول في حدودو).
ملحوظة هامة جدا : الشكر الجزيل للقائمين على أمر الكهرباء فقد لحظنا تحسنا مقدرا واستقرارا للخدمة في الايام الفائتة ..شكرا كتير.

د. ناهد قرناص
الجريدة