مقالات متنوعة

حكاية اغتيال السكة حديد .. ؟؟


اذكر انه كان فى اوائل السبعينيات من القرن الماضى انه كانت توجد جامعة واحدة بالسودان هى جامعة الخرطوم بالاضافة الى الكلية المهنية العليا ( الان هى جامعة العلوم و التكنلوجيا ) بالاضافة الى جامعة امدرمان الاسلامية و التى لم تكن مكتملة الكليات ثم من بعدهم جامعة الجزيرة و جامعة جوبا ..و كان بقية الطلاب يتجهون الى مصر للدراسة .. و من كان ابوه مقتدرا الى اسبانيا و ايطاليا اما ان كان مقتدرا جدا او ( مدعوما ) فالى لندن او باريس او برلين .. اما ان كان من اصحاب الميول و النشاطات السياسية فكان الاتحاد السوفيتى و دول اوربا الشرقية مفتوحة لابتعاثهم من قبل الاحزاب اليسارية او الى العراق و سوريا ان كان بعثيا .. اما اولئك اللاسياسيين و اللامدعومين فما عليهم الا ركوب قطار حلفا و منها الباخرة الى اسوان و الى القاهرة للدراسة على نفقتهم الخاصة حيث كانت المصروفات زهيدة .. مصروف الطالب فى مصر كان عشرون جنيها تتكفل بها السفارة السودانية هناك و كانت تكفى للسكن و الاكل و الشرب و المواصلات و الملبس و الذهاب الى السينما مرة او مرتين فى الاسبوع .. ؟؟

اذكر ان تذكرة القطار من كوستى للخرطوم كانت ربع جنيه و ان كان عندك تصريح تدفع اربعة قروش و بها تتمتع برؤية سهول بلادك التى كان يؤمل فيها يوما ان تصبح سلة غذاء العرب .. ؟؟ صحيح ان مقاعد القطار لم تكن وثيرة فقد كانت من خشب و اهتزاز القطار العجوز كانت تخلخل عظامنا لكننا كنا ننسى التعب امام مشهد تاريخى و هو يقف فى محطة الخرطوم كجثة حيث كانت المسافة بين كوستى و الخرطوم تستغرق 24 ساعة يمر خلالها القطار بمحطة ربك و جبل موية و جبل دود و جبل بيوت و سنارالتقاطع و مدنى و الحصاحيصا و فى كل وقفة فى اى منها ذكريات جميلة و عطرة .. ؟؟ كان خط السكة الحديد ينطلق من كوستى الى سنار ثم يتفرع ؟؟

من سنار الى عدة خطوط و مسارات الى القضارف فكسلا و هيا و بورتسودان .. ام الاخر فكان الى الخرطوم .. ؟؟

استمرت السكة الحديد تعمل و تربط كل انحاء الوطن شمالا و جنوبا و شرقا و غربا الى ما يقارب قرنا من الزمان استفاد من خلالها الركاب و التجار و كانت عاملا مهما فى ترابط الوطن ابان الكوارث الطبيعية من فيضانات و خلافه .. ؟؟

و جاءت الانقاذ و قتلت السكة حديد مع من قتلت من مشاريع كانت ناجحة اداريا و اقتصاديا و اجتماعيا من اجل تثبيت نظام الاخوان المسلمين و مهما كان ثمن ذلك غاليا .. حيث كانت السكة الحديد و عطبرة هى شرارة الاضرابات و منبع الثورات ضد كل ظالم .. ؟؟

ضاعت السكة الحديد ذلك المشروع الاجتماعى و الاقتصادى الذى انشاه الانجليز و كان يربط انحاء الوطن بعضها ببعض وكما ضاع مثلها مشاريع و نحن ننتقل من ضياع الى ضياع فيما العالم من حولنا يسير على جناح طائرات و عجلات القطارات تدور فبامكانك ان تنتقل بين دول اوربا و داخل مدنها بالقطارات او بابنه المدلل المترو .. و مؤخرا تم تدشين اطول سكة حديد فى العالم بين الصين و اوربا لتخلق فرصة للتجارة المتبادلة بين الجانبين و سوف يشكل هذا الممر السريع فرصة لنقل البضائع اسرع من طريق البحر ة ذلك تلبية للطلب الصينى على البضائع الدولية و يصل مدريد بالشاطئ الشرقى من الصين .. ؟؟

مضت اكثر من مائة عام على انشاء سكة حديد السودان .. و ما يقارب الثلاثون عاما على تدميرها بايدى طائفة مارقة من ابناء السودان الذين قسموا المقسم و جزاؤا المجزا .. و ما زلنا ندور حول جثتها .. و خيبتنا القاتلة تلاحقنا و السؤال ماذا جنت ما سمت نفسها بالانقاذ ربية تنظيم لاخوان المسلمين بتدمير السكة الحديد هل كثروا شوكة السكة الحديد و موظفيها و عمالها .. و هل ثبتوا نظام حكمهم بتدمير مكتسب من مكتسبات الوطن خوفا من الاضراب .. و هل هكذا تكون الوطنية .. ؟؟

حمد مدني حمد

الراكوبة