مقالات متنوعة

الإعتداء على الأطباء !!


ظلت المجتمعات في كل بلدان العالم بعد إنتشار وباء ( كوفيد ١٩) تنفذ كل التوجيهات الصادرة من وزارات الصحة وجمعيات الأطباء ، وتلتزم بإرشاداتها الصحية ، وبات الجميع يتصرفون وفقاً لما يقدمه الأطباء من نصائح يتلقونها بصورة يومية ، واصبح الجيش الابيض هو صاحب الكلمة والقرار يوجه الدول وحكوماتها ويحكم الشعوب في ظل جائحة الموت (كورونا) ، التي تحكم قبضها وسيطرتها على صحة المواطنين وتهدد مصائرهم وتسرق احلامهم ، وتجبرهم على وداع زويهم دون رحمة وضربت بعض الشعوب إنموذجا جيداً يعكس مدى تفهمها وثقافتها في كيفية التعامل والتعاون مع الأطباء واحترام الطبيب الذي ظل يعمل ويواجه الخطر من أجلنا ولكن في السودان كشفت كورونا عن سوءات كثيرة مجتمعية اثبتت اننا نعاني من فراغا عريضا في مجال الوعي والإدراك لخطورة المرض ولعظمة ومكانة الطبيب بصفة عامة وفي هذه الأيام العصيبة والظروف القاهرة بصفة خاصة ، وظهر ذلك جلياً عندما سمحت الجهات الرسمية للعالقين بالمطارات الدخول للبلاد فبالرغم من انها ارتكبت خطأ فادحاً ساهم في انتشار المرض الا ان رفض بعض المواطنين الخضوع للحجر الصحي كان اول بوادر الكارثة التي نبهت الأطباء لإمكانية انتشار المرض عندما تعالت اصوات القادمين انهم لن يخضعوا للحجر ورفضوا وصمهم بالاشتباه وكان هذا اكبر دليل لعدم الوعي الذي نعانيه.

ثانياً عدم الالتزام بتعليمات الاطباء في مراكز العزل ومحاولة الهروب بالإضافة الي العمل في صنع الشائعة ونشر الخوف وسط المواطين يحدث هذا ايضاً لقلة الوعي والثقافة.

ثالثاً وهي الأسواء والأمر الإعتداء على الأطباء في اول سابقة من نوعها في العالم بعد انتشار المرض لتصرفات وأفعال تعكس انطباعا غير جيد لايشبهنا في السودان ولايوافق سماحة شعبنا الذي عرف بأخلاقه ونبله والذي ظل دائما في مكان احترام وتقدير الشعوب لسلوكه الراقي و المختلف.

والقاري بالأمس لبيان الجمعية السودانية للتوليد وأمراض النساء التي أدانت ما تعرض له زميلهم د.حامد المبشرإستشاري أمراض النساء والتوليد والمدير العام لمستشفى الولادة بام درمان يدرك اننا نعيش في مجتمع سيموت بسبب نفسه .

والبيان يكشف معاملة سيئة للدكتور من بعض الجهات الامنية في احدى نقاط الإرتكاز عند كبري النيل الابيض صباح امس الأربعاء وهو في طريقه إلى المستشفى، وقال البيان ان الدكتور تم أخذ هاتفه النقال ووضعه في الحبس في الوقت الذي تتضامن فيه شعوب العالم للقضاء على جائحة كورونا وبينما يعمل الجيش الأبيض بكل مكوناته لتقديم الخدمات الطبيه والتوجيه والتثقيف في ظروف بالغة الصعوبة للتصدي والعمل لإيقاف هذا الوباء الفتاك بامكانيات محدودة ومتواضعة يتعرض أطباء البلاد فى هذه اللحظات لخطر انتقال العدوى والعمل فى ظروف بالغه التعقيد تواصل السلطات العسكريه عرقلة عملهم وتوقيفهم فى مناطق الارتكاز رغم التوجيهات الصادرة لاستثنائهم بالحركة أثناء فتره الحظر لمايقومون به من واجب مهنى كبير ومهم واليوم تتجاوز الشرطة كل التوجيهات وتعترض زميلنا د حامد مبشر مدير مستشفى الدايات وتقوده الى داخل اقسام الشرطه وتصادر هاتفه وتمنعه الاتصال بزملائه ثم يفتح فيه بلاغ بواسطه ضابط الارتكاز ويودع بالحراسه هذا التصرف قصد منه النيل من كرامة الطبيب السودانى وإهانة مكانته وعرقلة مهمته الوطنية والمهنية الكبيرة ، وطالب البيان محاسبه المستهترين بأمن شعبنا وصحته في ارتكاز كبري النيل الأبيض وفي قسم شرطه الشمالي عاجلا) .

والغريب في الأمر هذه المره ان الاعتداء على الدكتور لم يأت من مريض قد نجد له العذر لأن داء كورونا في حد ذاته مرعباً ومخيفا قد يحدث خللا في تصرفات الشخص المصاب فور سماعه خبر الإصابة ، لكن ان لم يدرك رجل الشرطة والأمن كيفية التعامل مع الأطباء واحترامهم واستثنائهم فهذا مايدعو للدهشة والاستغراب فكيف تُلقى القوانين والتعليمات على افراد الأجهزة النظامية دون تعريفهم بها فإن كان الفرد في الشرطة يتعامل حسب إمكانيات وحدود معرفته ، فعلى جهاته العليا العمل على إلمامه بنصوص القوانين وتفاصيلها ومايترتب عليها من إجراءات واستثناءات حتى يتثنى له تقديم واجبه بأكمل وجه وان لايتحول ماقام به من تصرف فردي وشخصي الي تصرف يلحق المساس بالمؤسسة بأكملها
لذلك لابد من المطالبة بمحاسبة الذين اعتدوا على الطبيب وعلى كرامته ومنع تكرار مثل هذا السيناريو المرفوض الذي قد ينعكس سلباً على هذه الأجهزة ويجُر لها صوت اللوم ويعمل على تشويه صورتها في المجتمع بعد ان طوينا صفحة سوداء مع نظام مخلوع كانت اجهزته تمارس كل هذا بجرأة ، النظام الذي ساهم الإطباء في زوالة مساهمة جوهرية وكان لهم دورهم الكبير والمشرف في بذوغ شمس الثورة والحرية.

التحية لجيشنا الأبيض الذي ظل مرابطاً في ساحات المعركة يواجه العدو، الذي هزم وأرعب اقوى الجيوش والحكومات وهو ويعرض نفسه للخطر والموت ويضحي ويعمل بأقل الإمكانيات في أحلك الظروف قسوة وشدة .

ذلك الجيش الذي يجب أن نقول له شكراً لانك بالخارج لأجلنا وسنظل نحن بالداخل لأجلك !!

طيف أخير:

خليك بالبيت

صباح محمد الحسن
الجريدة