مقالات متنوعة

الصورة بالوجه الآخر من كورونا..


طبعاً واحدة من سمات الشعب السوداني هي الزُهد، وهذه ميزة طيبة، ولكن الإفراط، له آثار سالبة تأتي بنتائج سيئة، ترسخ للا مبالاة، والإستهتار.

البعض في السودان يستهتر بالمرض، و حين تحدثه جاداً بخطورته، يقول لك “ياخ امريكا، واوربا ما قدرت عليه” ونرى الزحمة، و الصفوف بلا مسافات بين الناس، ولا تزال المساجد تعج بالمصلين، وكل دور العبادة في العالم اغلقت ابوابها، حفاظاً علي ارواح الناس، وسلامتها.

وللأسف البعض يرى في المرض مذمة، و وصمة عار، فنرى البعض يتستر علي المرض، بل ذهبنا بعيداً هناك حالات هروب لمصابين من الحجر الصحي، والاسوأ الدخول عبر الحدود بالتهريب.

الصورة من جانبها الآخر ما جعل إنتشار المرض اسرع وبوتيرة اكبر في امريكا هو نمط الحياة هنا، وكيف هذا البلد كبير لدرجة لا يتصورها الإنسان الذي لم يقف علي حجم الحياة فيها.

الآن الحكومة الامريكية تدعم كل شعبها مالياً، دون ان يقف احد في طابور، او يرى موظف، حتي الشركات الكبيرة، والصغيرة تم دعمها باموال طائلة لتتحمل الصدمة، وعدم الخسارة، لأنها عصب الإقتصاد، والحياة، وكل دواوين الحكومة مغلقة، برغم ذلك الآن تخرج احتجاجات، ومتظاهرين في عدد من الولايات مطالبين بفتح الإقتصاد، وإعادة الحياة الي طبيعتها برغم خطورة المرض، وسرعة إنتشاره.

في السودان لا احد يمتلك الجرأة ليحلم مجرد حلم في دعم الحكومة المالي او العيني لمواجهة آثار هذه الجائحة، والحال يغني عن السؤال، فخزائن حكومتنا بنى فيها العنكبوت، وعشعش الحمام، منذ عهد الكهنة تجار الدين.

كل الامل والحلم ان يجد المواطن الخدمات التي يدفع مقابلها اسعار مضاعفة، من غاز طبخ إلي خبز، او وقود، او سلع اخرى، و السمة الغالبة هي الضعف الإداري والفساد، وعدم الضمير، فهناك من يستغلون الازمات للكسب، وجني الارباح برغم الالم، والمعاناة.

الرهان هنا ليس للقضاء علي المرض بالتدابير، وهذا يجب ان يعلمه الناس لأنه امر مستحيل، بل يعمل الكل بقدر الإمكان علي عدم توسعه في الإنتشار، ومحاصرته، حتي الوصول إلي محطة العلاج، والدواء.

وهناك سباق مع الثواني في ضرورة إيجاد علاج، ومصل لهذا الفيروس، وهو الحل الذي ينتظره الجميع.

لذلك يجب ان نعي بضرورة تغيير نمط الحياة، لتصبح ثقافة المجتمع مواكبة لما يتطلبه الوضع الصحي.

برغم التقصير الذي يراه البعض من قبل الحكومة التي في الاصل لا تملك شيئ، بل ورثت دولة منهارة بمعنى الكلمة، هناك فعل إيجابي، ومجهود يُبذل لابد من الإشادة به حتي تتضافر الجهود، والخروج من هذه الازمة باقل خسائر ممكنة.

بجهد شعبي بسيط يمكن التغلب علي خطورة المرض.

جانب آخر فالصفوف وازمة نقص السلع ضربت كل العالم، والناس تقف في الصفوف بالساعات حتي في امريكا، لا احد يرى فيها عيباً او منقصة، لتُستغل لاغراض سياسية، فالكل يقف بكل رضا، وتسامح، مع الموقف، وهنا الفرق في كيف تقي نفسك، والآخرين خطر الإصابة بالنظام، وحفظ مسافة مناسبة بينك وبين الآخرين دون ان ينبهك لذلك احد، في صورة حضارية تعكس قيمة المجتمع، في التصالح مع ذاته، والتكيُّف بشكل تلقائي مع واقعه.

البقاء في البيت، وإتباع الإرشادات الصحية، يجنبك الخطر، ويحفظ سلامة اسرتك.

خليل محمد سليمان
الراكوبة