عندما يصمت البرهان
حوار البناء الوطني الذي أجراه تلفزيون السودان القومي مع رئيس مجلس السيادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان، لم يضف الكثير ولم يأت بالجديد من وجهة نظري، فقد كانت إجابات الفريق متوقعة ولا أعتقد انه كان سيتكرم بغيرها للشعب الذي وجد نفسه محاصرا برتب عسكرية وأسماء تفرض نفسها عليه فرضا،
الفريق البرهان يعتقد أنه كان موفقا في إجاباته، وتناسى أن الشعب الذي يحكمه لديه من الذكاء والفطنة ما يجعله يميز بين الإجابات الذكية والإجابات المضحكة، فالتناقض الواضح في إجاباته يعكس حالة الإرتباك والقلق التي يعيشها الرجل وإن حاول إخفائها،
تناقض إجاباته وضح في إتهامه للمؤتمر الوطني بأنه يعمل على عرقلة مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة، وأنه يسعى لعمل إنقلاب على حكومة الثورة، وأنهم (يعلمون بحقيقة التحركات ومن يقوم بها، وقادرون على حسمه) هذه وغيرها من إجابات ظنَ سيادة الفريق أنه سيوهم بها الشعب ويكسب بها تأييده في ظل التنافس المحموم بينه وبين نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خاصة وأن الشعب يحمَل الفريق البرهان مسؤولية كل دماء الأبرياء التي سالت منذ تسلمه مهامه رئيسا للمجلس العسكري وحتى الآن،
أصغر مواطن سوداني يعلم حقيقة ما يقوم به فلول النظام البائد ولم يكن في حاجة لإجابات معلومة سلفا من رئيس مجلس السيادة، وكان ينتظر منه أن يسمع قرارات أو مشروع قرارات تتعلق بجرائم حزب المؤتمر الوطني ومصيره في مستقبل السياسة السودانية، ولا أعتقد أن إلقاء القبض على (من يعلمونهم سلفا) كما ذكر، بألامر العسير، فإشارة واحدة منه كافية لإحضار جهابزة المؤتمر الوطني وقططه السمان(مطلقي السراح) وإيداعهم السجون لحين الفصل في أمرهم، وبإمكانه رصد وحسم جميع المتلاعبين بقوت الشعب من سماسرة وتجار السلع المختلفة من مواد تموينية وأدوية، وبإمكانه وقف الجريمة بأنواعها المختلفة التي هددت أمن وأمان المواطن، وبإمكانه تحويل آلام الشعب إلى إبتسامات، ولكن!!
البرهان أراد أن يصرف أنظارنا عن جريمة فضَ الإعتصام بقوله أنهم في إنتظار تقرير لجنة التحقيق، وفي اعتقادي (10 أشهر) كافية جدا لمعرفة المجرم الحقيقي، فكيف للسيد البرهان إيهامنا بأنه في إنتظار تقرير اللجنة وهو يعلم سلفا أن التقرير لا يحتاج لشهر واحد ليخرج إن لم يكن أيام، فلماذا لم يستعجل اللجنة الموقرة التي نافست السلحفاة في البطء، لتخرج له التقرير الذي سيدينه شخصيا وإن لم يشارك في الجريمة ولكن بوصفه رئيسا للمجلس العسكري وقتها ورئيسا لمجلس السيادة حاليا، فبذات معلوماتك الخطيرة التي علمتم بها من يدبر للإنقلاب ولزعزعة الإستقرار، بإمكانك معرفة الجهة التي قامت بفضَ الإعتصام،
تحدث سيادته في حواره عن إحتلال قوات أجنبية لأراض في شرق السودان، وأنهم لن يسمحوا بوجود أي قوات أجنبية داخل الأراضي السودانية، وأنهم سيحسمون الأمر قريبا، ولكنه تحاشى أن يتطرق للأراضي المحتلة في شمال السودان من قبل القوات المصرية (حلايب وشلاتين)، وإذا عرف السبب بطل العجب،
سيادة الفريق البرهان قال: (أن المؤتمر الوطني يعرقل الفترة الانتقالية، وأنهم ماضون رغم العوائق والعثرات)، عندما يخرج مثل هذا الحديث من رئيس المجلس المجلس السيادي، والرجل الأول في المنظومة العسكرية بالبلاد فهذا يعني أن هناك تراخي وتهاون من جهة ما، فإن كان يعلمها وصامت حتى الان فتلك مصيبة، وإن لم يكن يعلم فالمصيبة أكبر، فلا يعقل أن يكون بيد سيادته الحل والربط ولا يتخذ خطوة واحدة لضرب مكمن الخطر، فهل يعي سيادة الفريق البرهان معنى حديثه وربطه بالأحداث العديدة التي تتعرض لها بلاده من تلاعب في إستقرار إقتصاد الدولة وأمنها الغذائي ومصيرها ككل، وإتخاذه وضع الصامت وأحيانا الهزَاز لمعالجة الأزمات المتلاحقة، أم لا؟
تحدث البرهان وتمنينا لو ظل صامتا،
هنادي الصديق
الجريدة