مقالات متنوعة

البرهان وإنقلاب الكيزان

صرح الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في لقائه مع تلفزيون السودان بأنهم تلقوا تهديدات من المؤتمر الوطني بتدبير انقلاب . وهو أمر ليس مستغرب ، رئيس الاركان المشتركة السابق هاشم عبدالمطلب المتهم بالانقلاب أعلن في فيديو مسرب من وقائع التحقيق معه أنه حركة إسلامية ، فماذا نتوقع من بقية عناصر الاسلاميين داخل جيش هذه هي رئاسة أركانه !!

لا يختلف إثنان على أن الجيش السوداني تمت أدلجته في عهد تنظيم الجبهة الإسلامية ومن بعد المؤتمر الوطني ، بغرض منع أي ثورة او انقلاب عليهم . الكيزان درسوا تاريخ الثورات في السودان جيدا ، واجتهدوا في سد المنافذ التي تنطلق منها شرارة الثورة ، وفي ذلك عمدوا إلى تنفيذ خطط متعددة قصيرة وطويلة الأمد في ضرب أركان الثورات ، ومن ضمن ذلك استهدفوا بتركيز شديد ثلاثة محاور مهمة هي قيادات الأحزاب السياسية الكبيرة ، الجيش ، والأجيال الجديدة .

استهدف الكيزان الأحزاب السياسية بالمصادرة والاعتقال ومنع النشاط السياسي والصالح العام ، ثم استهدفوا بشكل خاص القيادات المؤثرة وتحديدا في الاحزاب الجماهيرية ( الأمة والاتحادي ) ، خصصت الإنقاذ برامج على مستوى عال من الدقة للنيل من رموز وقيادات الحزبين الكبيرين بطريقة ممنهجة عبر برامج في ساحات الفداء والأخبار والبرامج الحوارية ، وهو استهداف استخدمت فيه كل وسائل استلاب العقول وتحريف التاريخ وانتزاع الحقائق وتشويهها واعادتها إلى وعي الناس مقلوبة رأسا على عقب ، هذه الحملة للاسف نجحت بدرجة امتياز في قطاع واسع من الجماهير مازالوا حتى اليوم في غيبوبة ، يكنون عداءا مدهشا لهذه القيادات مثل السيد الصادق المهدي ، وهو عداء لا مصدر له سوى التدجين والتلقين والطرق المستمر الذي استخدمه نظام الإنقاذ عبر سنينه الثلاثين في تغيير عقلية الجماهير وتشويه الحقائق وغسل الأدمغة.

في المحور الثاني إستهدف الكيزان الجيش ، باعتباره من أكبر الأخطار عليهم ، عمدوا على قصقصة اجنحته وترويضه بخطط ممنهجة ، أحالوا الضباط الشرفاء للصالح العام ، جاءوا بمعايير صارمة لدخول الكلية الحربية بحيث يكون المقبول فيها منتميا للحركة الإسلامية او تمت تزكيته من قيادي بالحركة الإسلامية، حصروا الترقيات للمناصب الحساسة في الجيش على قيادات عسكرية تتبع للتنظيم او ليس لها اطماع في الحكم، وهكذا مع السنوات تحول الجيش من قوات مسلحة قومية إلى قوات مسلحة كيزانية .

في المحور الثالث استهدف الكيزان الأجيال الجديدة باعتبار أن الثورات وقودها الشباب ، وبفهم ان استقطاب الشباب للحركة الإسلامية يعني عدم ثورتهم على الإنقاذ ، اتبعوا في ذلك منهجا مصروفا عليه بسخاء لاستقطاب الجيل في المراحل من المتوسطة مرورا بالثانوية وحتى الجامعية ، استخدموا وسائل التجنيد والاناشيد والمعسكرات والتغيير في المناهج الدراسية والخ ، غسلوا ادمغة الكثيرين من أبناء الجيل الجيد بطرق منظمة حتى يضمنوا نشوء جيل إسلامي التوجه يحمى إنقاذهم ويقوي حركتهم .

استهداف الإنقاذ للقيادات السياسة والجيش والأجيال الجديدة كان مركزا وفعالا لفترة طويلة ، ولكن لكل أجل كتاب ، رغم تخطيطهم وصل الشعب إلى اللحظة الحرجة وفار التنور وإنطلق الطوفان ، إنفجرت الثورة وانتصر الشعب عليهم . انتهى حكم الكيزان ولكن أثارا عديدة من استهدافهم الممنهج مازالت باقية ، وما تصريح الفريق البرهان الا دليل على ذلك ، مما ينبه الثوار إلى حقائق مهمة منبعها ان ما ورثه الشعب من الكيزان في العقل الواعي وفي العقل الباطن يجب أن يمحى بالتوعية ورفع الوعي والعمل الدؤوب ، حتى نضمن عدم تسربهم مجددا للسلطة .

يوسف السندي
الراكوبة